وكالة أنباء أراكان | الشرق الأوسط
الاحتجاجات العنيفة الحالية التي تجتاح ولاية أراكان في ميانمار، التي كانت مسرحاً لأعمال عنف بحق أقلية الروهنغيا المسلمة، تلقي الضوء على التحدي الذي يواجه زعيمة البلاد أونغ سان سو تشي في بلد تطالب فيه عشرات الجماعات العرقية بالحكم الذاتي منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1947.
وجاءت أعمال الشغب في اليوم نفسه الذي وقعت فيه حكومة سو تشي على اتفاق مع الجارة بنغلادش يسمح بعودة ما يقارب المليون من لاجئي الروهنغيا إلى قراهم في الولاية، وهذا ما انتقدته المنظمات الأممية واعتبرته منقوصاً لأنه لا يضمن سلامة الروهنغيا بعد عودتهم من أعمال العنف الطائفية والقومية.
وفي ليل الثلاثاء، أطلقت الشرطة النار على محتجين في الولاية، مما أسفر عن مقتل 7 وإصابة 12 بعدما شابت أعمال عنف احتفالاً محلياً بمملكة أراكان البوذية القديمة لدى تجمع نحو 5 آلاف بوذي.
وقال تين ماونغ سوي، المسؤول في حكومة ولاية أراكان، لـ«رويترز» إن المحتجين تجمعوا في وقت متأخر ليلة الثلاثاء في بلدة «مراوك يو»، في الجزء الشمالي من أراكان، لإحياء ذكرى نهاية المملكة.
ولم تشمل الحملة الأمنية الدامية التي شنها الجيش ضد أقلية الروهنغيا المسلمة، والتي وصفت بأنها نموذج لمفهوم التطهير العرقي، البلدة البوذية «مراوك يو». وقال النائب عن البلدة من حزب أراكان الوطني أو هلا سو: «لا يمكن الصفح عن مسألة استخدامهم (الشرطة) للأسلحة النارية»، مؤكداً عدد القتلى، وواصفاً تصرف الشرطة بـ«الجريمة».
وأفاد شاهد عيان يدعى نيي نيي (29 عاماً) بأنه كان من الممكن تجنب وقوع المواجهات لو أن الشرطة تدخلت في وقت أسرع، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «كان لدى الشرطة الوقت الكافي للتحضير لمنع الحشد قبل وصوله إلى المبنى (…) كان بإمكانهم إغلاق الشارع لكنهم لم يقوموا بذلك».
وتضم ولاية أراكان التي تمزقها النزاعات الأهلية أصلاً جيشاً بوذياً متمرداً، يدعى «جيش أراكان» ويقاتل جيش ميانمار، لكن مراقبين حذروا من أن العنف الذي وقع الثلاثاء قد يفتح فصلاً جديداً من الاضطرابات في الولاية. ومن جهتها، أعربت الأمم المتحدة عن «أسفها» جراء سقوط قتلى، وحثت على فتح تحقيق في «أي استخدام غير متناسب للقوة».
وبخصوص اتفاق عودة الروهنغيا، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء الاتفاق الموقع بين بنغلادش وميانمار، قائلاً: «نعتقد أنه من المهم جداً أن تكون المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة مشاركة في العملية لضمان التزامها بالمعايير الدولية».
وقال غوتيريش إنه من الضروري أن تكون العودة طوعية، وأن يسمح للروهنغيا بالعودة إلى منازلهم الأصلية، وليس إلى مخيمات. كما أعربت مجموعات حقوق الإنسان عن القلق إزاء وتيرة العملية، خصوصاً في ظل استمرار فرار الروهنغيا من أراكان.
وقال جيمس غوميز، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لجنوب شرق آسيا والمحيط الهادي، إنه «فيما لا تزال ذكريات الاغتصاب والقتل والتعذيب ماثلة في عقول اللاجئين الروهنغيا، فإن خطط إعادتهم إلى ميانمار لا تزال سابقة لأوانها بشكل مقلق»، وأضاف: «إن التشويش والنفي الذي تمارسه سلطات ميانمار لا يعطي سبباً للأمل في أن تكون حقوق الروهنغيا العائدين محمية، أو أن أسباب فرارهم أساساً لم تعد قائمة»، فاتفاق إعادتهم يشمل فقط الذي وصلوا بعد أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وقال الطرفان، الثلاثاء، إنهما اتفقا على إنجاز العملية في غضون سنتين، في أول جدول زمني ملموس لعودة اللاجئين. وأحصت بنغلادش أكثر من مليون لاجئ من الروهنغيا المقيمين في مخيمات قرب حدودها مع ميانمار، ما يفوق توقعات سابقة، بحسب ما أعلنه المسؤول عن مشروع تسجيل اللاجئين، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية. وبدأ الجيش البنغلادشي تسجيل البيانات البيومترية للاجئين العام الماضي، بعد نزوحهم بأعداد كبيرة من ميانمار. وتقول بنغلادش إنها تريد البدء في إعادتهم الأسبوع المقبل.
وقال الجنرال في الجيش البنغلادشي سيد الرحمن الذي يرأس مشروع التسجيل: «قمنا حتى الآن بتسجيل 1.004.742 من الروهنغيا، تم إعطاؤهم بطاقات تسجيل بيومترية»، وأضاف أن آلافاً آخرين لم يتم تسجيلهم بعد. وتفوق الأرقام تقديرات الأمم المتحدة عن وجود 962 ألفاً من الروهنغيا في جنوب شرقي بنغلادش، قرب الحدود مع ميانمار. ويشمل ذلك الرقم 655 ألف لاجئ تقدر الأمم المتحدة أنهم وصلوا إلى بنغلادش بعد 25 أغسطس (آب) 2017، عندما شن الجيش عملية عسكرية ضدهم. وقد أعلنت منظمة أطباء بلا حدود أن 6.700 من الروهنغيا المسلمين قتلوا في الشهر الأول لبدء العملية العسكرية. وذكر لاجئون في بنغلادش روايات عن عمليات اغتصاب جماعية مفترضة، وإحراق متعمد للمنازل على أيدي جنود والغالبية البوذية في أراكان.