[caption align="alignleft" width="300"]هل تتحول بورما إلى الديمقراطية...أم هي أوهام؟[/caption]
لم تقصر الولايات المتحدة وأوربا في تشجيع مسئولي بورما للتحول لنظام ديمقراطي أو الاقتراب من الدول الغربية والخروج من احضان بعض الدول الشرقية. ولا شك أن بورما حظيت بمساندة ودعم من الصين لمدة تقارب ستة عقود من النظام العسكري الاستبدادي جعلها تنعزل عن العالم من جميع النواحي, فتدهورت أوضاعها واندلعت الحروب والاشتباكات مع العرقيات المختلفة من كاشين وكارين وغيرهما, ولا يزال الاستبداد العسكري قائمًا حتى وإن اكتسى زي النظام المدني.
بورما تضرب اليوم الطبول في العالم على أنها مستعدة للتحول إلى الديمقراطية أو النظام المدني, وأنها تقدمت على هذا الطريق حسب آراء الغرب أو جهابذة الديمقراطية لأن حكومة بورما الجديدة اطلقت سراح بعض السجناء السياسيين وأجرت الانتخابات عام 2010م حسب أهواء الجنرالات وبالأخص أطلقت سراح اونج سانج سوكي زعيمة حزب المعارضة, وأجرت الانتخابات التكميلية, لفتح باب البرلمان الجديد لدخول "سوكي", مع قبول جميع أخطاء الجنرالات المستبدين عبر عقود مختلفة والتزام الصمت تجاه ما تقوم به حكومة "تين شين" من مظالم وحشية من القتل الجماعي وحرق وتدمير القرى والأحياء وممارسة العنف بأقصى ما يكون ضد عرقية خاصة حقدا على دينهم وثقافتهم وحضارتهم, هم مسلمو الروهنجيا, وهي بربرية تستحي منها بربرية التتار وجنكيز خان .
لكن .. من يدرس المؤشرات المزعومة, سيكون على يقين من أن بورما بعيدة كل البعد من الديمقراطية, إذا كانت الديمقراطية تحمي الحقوق الإنسانية وحقوق العرقيات وحقوق الأطفال وحقوق النساء وحقوق المواطنة وتضمن المساواة للجميع، لكن إذا كانت الديمقراطية في بورما على وجه الخصوص لا تحمي حقوق عرقية معينة، فإن حماة الديمقراطية يشجعون بمواقفهم تلك مجرمي الإنسانية ليقوموا أكثر فأكثر بممارسة التمييز العنصري والأعمال الإرهابية ضد الديمقراطية والإنسانية .
الروهنجيا العزل مازالوا يعيشون حياة الرعب في أراكان. مازال البوذيون يمارسون أشنع المظالم عليهم ومازالت الاعتقالات للمسلمين تجري عشوائيا دون مبررات.. فهل هذا يدل على حلول الديمقراطية في بورما؟.
إن كارثة الروهنجيا أصبحت كارثة إنسانية، فهم بدون مأوي وملجأ في وطنهم الذي يعيشون فيه جيلا بعد جيل, ويموتون اليوم في سجن حكومة "تين شين" جوعى ومرضى وعراة.. هل هذه المؤشرات تبشر بقدوم الديمقراطية في بورما؟ .
إن الروهنجيا التزموا بشعار السلام وينتظرون الحل السلمي للقضية آملين بحلول الديمقراطية فهل هذا جرمهم ليقع عليهم ما وقع من المذابح والعنف وهل يكون جزاؤهم من المجتمع الدولي أن يتم اهمال قضيتهم؟.
ورغم وجود آلاف المشردين الروهنجيا في المخيمات بدون مرافق الحياة من أكل وشرب وخدمات صحية فلماذا لا يسمح لوكالات الإغاثة ووكالات الأنباء بالعمل هناك؟ هل هذا يدل أن بورما تحب الديمقراطية؟ فأي ديمقراطية ستتحول إليها بورما العسكرية؟
بقلم: محمد إلياس
مدير قسم الإعلام والصحافة ومركز الدراسات الاستراتيجية بمؤتمر أراكان الوطني، أراكان، بورما