[caption id="" align="alignleft" width="300"] مواطنون بالأقدمية...عبدالله صادق دحلان[/caption]
من يعتقد أن الجاليات المقيمة في المملكة منذ عشرات السنين قد تعود لبلادها الأصلية مخطئ في حساباته، فهي لن تستطيع العيش في أي بلد آخر غير المملكة، وستبقى مقيمة إلى أن تدفن في هذه الأرض
منذ إنشاء الدولة السعودية، يحرص قادتها على إغاثة بعض الجاليات المسلمة الهاربة من بطش الاحتلال، مثل الجالية الفلسطينية، أو اضطهاد المسلمين في بعض دول آسيا مثل "ميانمار" بورما، ومنها الجالية "البرماوية"، أو من بطش الاستعمار مثل بعض دول أوروبا الشرقية، وبعض الدول المجاورة لها مثل "التركستانيون".
وجميع هذه الفئات التي قدمت للعيش في المملكة، حيث الأمن والأمان وطلبا للرزق والإقامة في المملكة إقامة تجازوت نصف قرن لبعض منها، حتى إننا نرى اليوم الجيل الثالث منهم لا يعرفون عن بلادهم الأصلية سوى اسمها، ولا يتكلمون لغتهم، فهم بعيدون عن عادات وتقاليد بلادهم القديمة. احتضنتهم المملكة وأتاحت لهم فرص العمل أو الدراسة دون إلزامهم بدفع ضرائب أو رسوم.
وتمشيا مع سياسة السعودة التي تسير فيها الدولة بهدف إتاحة الفرصة لأبنائها للعمل اللائق بعد أن ارتفعت نسب البطالة، وأصبحت هاجسا يقلق صناع القرار. ومع تأييدي لمعظم الجهود المبذولة من الدولة تجاه السعودة، والتي لن يرضى عنها القطاع الخاص أحيانا، إلا أن المصلحة العامة للوطن فوق كل شيء بما لا يضر باقتصاد الوطن. لكنني كنت قلقا جدا على وضع بعض الفئات التي ذكرتها في مقدمة مقالتي، من: الفلسطينين والبرماويين والتركستانين، الذين لا يعرفون وطنا إلا وطنهم المملكة العربية السعودية، فولاؤهم لهذا الوطن ولقيادته وشعبه، وهم حريصون كل الحرص على وحدته ووحدة قيادته. تربطهم بهذا الوطن صلة الرحم ولقمة العيش وحب الجار والجوار للمقدسات الإسلامية بيت الله الحرام ومسجد نبيه عليه الصلاة والسلام، وهم في الحقيقة مواطنون بالأقدمية. وهذا ما يدفعني اليوم لأن أضم صوتي لهذه الفئات المستوطنة في المملكة والمستثناه من الإبعاد، مقدِّما شكري وتقديري لخادم الحرمين الشريفين على استثنائهم من الإبعاد عن وطهنم المملكة العربية السعودية، والسماح لهم بالعمل في القطاع الخاص وفق لائحة وزارة العمل، وضمان استمرارهم في العمل، واحتساب تشغيلهم بربع نقطة في برنامج نطاقات، وتوجيه القطاع الخاص الراغب في الاستقدام من خارج المملكة إلى أن يستقطب من هذه العمالة الموجودة في المملكة وبمختلف التخصصات، وهي سياسة حكيمة من القيادة السعودية.
وإذا جاز لي الاقتراح، فإنني أتمنى على حكومة المملكة وضع خطة تجنيس خاصة بأبناء هذه الفئات، وهم من الجيل الثالث، وبشروط سهلة وليست معقدة، منها: شرط أن يكون والده مولودا في السعودية، والابن مولودا في السعودية، إضافة إلى حسن السيرة والسلوك، ولتكن الأولوية للفئة المتعلمة الحاصلة على شهادة الدكتوراه أو الطب والهندسة، وتحفيز الجيل الجديد منهم للتعلم والحصول على شهادات متخصصة في التخصصات التي ما زالت المملكة بأمس الحاجة لها لسنوات طويلة، ومنها الطب والهندسة والصيدلة وغيرها من التخصصات النادرة.
إن من يعتقد أن هذه الجاليات المقيمة في المملكة منذ عشرات السنين قد تعود لبلادها الأصلية يكون مخطئا في حساباته، فهي لن تستطيع العيش في أي بلد آخر غير المملكة، وستبقى مقيمة إلى أن تدفن في هذه الأرض الطاهرة، وستظل المشكلة قائمة لأبنائها وهم في نمو وازدياد سريعين. لهذا فإن اقتراحي هو ضرورة وضع حل جذري متدرج لتجنيس هذه الفئات.
أما اقتراحي الثاني، فهو لوزارة العمل التي تنظم تشغيلهم، بضرورة القيام بدراسة مسحية دقيقة لمعرفة القوى العاملة أو القادرة على العمل من هذه الفئات، وتصنيف تخصصاتها ومؤهلاتها ذكورا وإناثا، لتكون قاعدة بيانات يمكن أن يستفيد منها القطاع الخاص، والسماح بإنشاء مكاتب داخلية لتوظيفهم لتشغيل هذه العمالة المتاحة، وعدم السماح باستقدام تخصصات إذا توافرت في العمالة المقيمة المحلية.
إن تأجيل الحلول الجذرية للمقيمين إقامة دائمة طويلة في المملكة، ليس من المصلحة العامة. وإن اتخاذ القرار اليوم قد يكون أسهل كثيرا من اتخاذه بعد عشر سنوات؛ لأن الأرقام ستتضاعف وقد نفقد سنوات كان بالإمكان توجيه أبنائهم خلالها إلى قطاعات تعليمية يحتاجها سوق العمل. فهل تجد رسالتي اليوم طريقها لصناع القرار؛ لوضع خطة قصيرة وطويلة المدى لتجنيس المقيمين إقامة طويلة من هذه الفئات في المملكة؟ وهل بالإمكان تحريرهم من عقدة الكفيل، ومنحهم إقامات دائمة لتكون خطوة في الطريق لتجنيسهم؟ وهل يمكن رفع عبارة غير مصرح له بالعمل من إقامات أبنائهم وبناتهم وزوجاتهم المؤهلين للعمل؟
صحيفة الوطن...عبدالله صادق دحلان