أوتاوا – كندا – لندن " عدن برس " –
يوم السبت 11 أغسطس قرأت في صحيفة عبر الإمارات خطاباً لوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد وجهه للأمم المتحدة والمنظمات الدولية منوهاً لأوضاع مسلمي الروهينغيا في ميانمار.
وبحسب الأمم المتحدة فإن مجموعة الروهينغيا تعتبر أكثر الأقليات عديمة الجنسية (البدون) إضطهاداً في العالم. وكلنا قرأ عن المذابح التي حدثت بحق هذه المجموعة خلال الاسابيع المنصرمة. وشاهدنا صور مروعة لأكوام مهولة وصفوف طويلة لجثث عارية وشبه عارية لنساء وأطفال ورجال تم على مايبدو حرقها –خلافاً للأعراف الإسلامية- من قبل بوذيي ميانمار.
وفي حال ثبوت ذلك، فإن هذه المجزرة تعتبر من أخطر الجرائم ضد الإنسانية بينما العالم –بما فيهم حكومة ميانمار- في غفلة عن ما يجري. ومؤخرا أطلعت على تحقيق يلفت إلى موقف أونج سان سوكي قائدة المعارضة البورمية البارزة والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والتي ترى بأنه من غير المناسب حالياً التعليق على مثل هذه الأعمال الوحشية الصارخة. وفي تقرير لألكس سبيليوس في صحيفة الديلي تلجراف البريطانية قال أنها تواجه ردة فعل عنيفة من بعض النشطاء المؤيدين للديمقراطية والذين عبروا عن أستيائهم من ممانعتها إدانة الإنتهاكات التي يقوم بها المجلس العسكري في بلادها، والذي يسعى لتهجير 800 ألف من مسلمي الروهينغيا عبر الحدود إلى بنجلاديش بحجة أن بنجلادش دولة مسلمة. بنجلاديش في المقابل أعادت هؤلاء المهجرين لبلادهم بحجة الإزدحام السكاني فيها.
يجب تذكير أونج سان سوكي بأنه لايجوز التعامل بمكيالين (الإنتقائية) في قضايا حقوق الإنسان -بما فيهم المسلمين الذين يشكلون 20% من سكان العالم. وبحكم مكانتها البارزة في الرأي العام الدولي والمحلي فإنه يتحتم عليها التدخل بصرف النظر عن ما قد يجره ذلك من تأثير على شعبيتها داخلياً.
لقد قرأنا تبريرات لهذه المجازر بأنها نتجت عن إقدام بعض من رجال الروهينغيا بحوادث إغتصاب. وحتى لو سلمنا بصدق هذه الروايات، إلا أنها بالتأكيد ليست السبب الوحيد، وإنما القشة الأخيرة التي قصمت ظهر عدم الثقة والعداء المزمن بين المجموعتين. وإذا بحثنا في أعماق هذه الصرعات العرقية والطائفية فسنجدها بسبب التنافس على الأرض والموارد، المصدرين الذين يشح توفرهما في هذا الجزء الفقير والمكتظ من العالم.
بالإضافة إلى مخاطبته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقد خاطب الشيخ عبدالله بن زايد أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي. فماذا يمكن لهذه المنظمة أن تعمله؟ إنها بالفعل تمثل خمس سكان الأرض، وتأوي جزءاً كبيراً من إحتياطات النفط في العالم، إلا أن نصيبها العالمي أكبر من الفساد والأمية والمرض والاستبداد، وهذه عوامل تعيق وظيفتها وتجعلها منظمة غير فاعلة. ولولا ذلك فيمكن للمرء أن يتصور مدى نفوذها في إجبار دكتاتوريي ميانمار العسكريين على احترام حقوق الإنسان لمسلمي بلادهم. فهل يعتبر ذلك تدخلا في شئون ميانمار الداخلية؟ قطعاً لا، ولايعتقد كذلك الشيخ عبدالله بن زايد. إن ذلك لا يعتبر أكثر تدخلا من إصرار الولايات المتحدة على احترام حقوق الإنسان لأقباط مصر.
وفي حادثة وقعت مؤخراً في أحد معابد السيخ بميلواكي بالولايات المتحدة تتبين كيفية التعامل مع المسلمين في العالم.، حيث قام أحد العنصريين البيض بقتل سبعة من السيخ أثناء تعبدهم في المعبد. والمثير في سرد هذه الحادثة هو تبرير أحد قيادات السيخ على الحادث المروع بأنه "قضية خطأ في تحديد الهوية!"
كلنا يعلم بأن رجال السيخ يطلقون لحاهم ويعتمرون العمائم، وبالتالي يمكن الخلط بينهم وبين المسلمين. وبالفعل في أعقاب أحداث 11/9 على الأقل تم اغتيال مواطن سيخي أمريكي بسبب هذا الخلط في الهوية. ومع ذلك فإن الأمور ستاتي بنتائج عكسية إذا روجت جماعات السيخ لمثل هذه الفكرة، لأن العنصريين البيض يستهدفون الجميع بمن فيهم السيخ أنفسهم. أن ينأى السيخ بأنفسهم عن المسلمين لا يجعلهم أكثر أماناً، لأن العنصريين البيض هم خطر علينا جميعاً، ولمصلحتنا جميعاً أن نكافح مجتمعين كل اصناف العنرصية والكراهية في العالم.
أتذكر دوماً قصة ذلك الرجل اليهودي الذي تم إيقافه للاستجواب من قبل رجل الأمن في مطار نيويورك مباشرة بعد أحداث 11/9. كم كنت أود لو احتفظت بالمرجع حينها! لقد شك رجل الأمن فيه بأنه عربي بكل بساطة بسبب سحنته السامية واسمه المشابه للاسم العربي. فقام بسحبه جانباً، وكان إن سأله أول سؤال: "إذن، هل تقرأ القرآن؟" وكان جواب الرجل بالإيجاب. لقد كان الرجل عالماً وبالفعل كان قد قرأ القرآن، وأيضاً بعض الكتب المقدسة الأخرى. كانت الإجابة كافية لتؤدي لأسئلة أخرى أكثر عدوانية، قبل أن يكتشف رجل الأمن أن الرجل كان يهودياَ. ويقول الكاتب بأنه كان بإمكانه أن يختزل الأستجواب بالكشف عن هويته اليهودية ولكنه أختار أن لا يفعل ذلك حتى لا يتم تمييزه عن مواطنيه الأمريكيين من المسلمين.
المصدر/ عدن برس