ي بورما.. أخدود معاصر للمسلمين!
هكذا تطالعنا البيانات والصور من الواقع الأليم في بورما ميانمار: القتل والتعذيب والحرق والإبادة الجماعية من البوذيين للمسلمين: رجالاً ونساءً وأطفالاً جثثا محترقة مسطّرةً صفوفاً أو مكدسةً أكواماً.. إنه التطهير العرقي والهمجية في أساليبها التي فاقت مذابح الفلسطينيين من قبل الصهيونيين! وإذ تقول الإحصائيات بأنه قد قتل في بورما حوالي 28000من الأطفال والنساء والرجال منهم عشرون ألف مسلم تمّ قتلهم من قبل الشرطة والجيش والجماعات الدينية البوذية فقط في هذا الشهر! وما تزال المواجهات الدموية مستمرة بين الأقلية المسلمة والغالبية البوذية المزودة بالسلاح والمال والتسهيلات.. ما أدى إلى قتل عدد من العلماء والدعاة المسلمين، وهروب الآلاف إلى بنغلادش المجاورة أو غرق الكثير أثناء عبورهم الخليج، مما يذكّرنا بمذابح المسلمين في البوسنة والهرسك قبل زمنٍ ليس ببعيد! فهل بلغ المسلمون في هذا الزمان إلى هذه الدرجة من الهوان؟ أم هو الأُخدود المحرق يصنعه الكافر ذو القوة والكثرة للقلة المستضعفة من المؤمنين في كلّ زمان؟ أم جاء الزمان الذي تحققت فيه نبوءة رسولنا الكريم حيث قال:" توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلةٍ نحن يومئذٍ يا رسول الله؟ قال : لا أنتم يومئذٍ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل "! ولا أرانا متفرقين في زماننا دولاً وشعوباً إلا كذلك! ولا أرانا مشتتين أهواءً ومشارب إلا كذلك، ولا أرانا متشاحنين فرقاً ومذاهب إلا كذلك غثاء كغثاء السيل! وصدق رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وحلّت نبوءته؛ وإلا فلماذا تهتز الأمم وتتحرك لمقتل أمريكي في العراق أو أفغانستان، أو أسر إسرائيلي في غزة أو جنوب لبنان، ولا تفعل شيئاً لمقتل آلاف المسلمين في سورية وحرقهم في ميانمار؟؟ أم أين الإعلام العالمي من كل ذلك؟ بل أين إعلامنا العربي؛ إذ تركّز فضائيتا الجزيرة والعربية ـ وهما الأكثر ذيوعاً وممثلين في أنحاء العالم ـ على ما يسقط يومياً في سورية من ضحايا الخلاف بين الحكومة القائمة والمعارضة.. الأمر الذي قد يختلف فيه الرأي والموقف.. بينما يغضان الطرف أو يذكران الخبر العابر لما يدمي القلب مما يجري في بورما من استئصال لشأفة المسلمين، وحرقهم على أرض وطنهم، مما لا ينتطح في إقرار هوله وهمجيته عنزان؟! ثمّ هل يكفي إرسال عبارات وبيانات التنديد والشجب من وراء المكاتب وعلى شاشات الفضائيات؟ أم هل تكفي الاعتصامات الاحتجاجية في الميادين البعيدة عن موقع الأحداث أو أمام السفارات على ما يحدث بعيداً هناك؟
بل يحتاج الأمر إلى هبّة من المسلمين جميعاً ووقفة وحدوية صادقة تدعم وتمدّ نجدة سريعة من المسلمين الأقربين المجاورين: بنغلادش ومسلمي الهند والباكستان؛ لتتصدى بالقوة الفعلية التي تخترق الحدود إلى (بورما) وتسقط تماثيل الكفر وقوى الاستكبار والهمجية وتعيد للمسلمين هناك عزتهم وكرامتهم! فإن لم يكن ذلك وحالت دونه الأوضاع وموازين القوى، فلتترك الأقلية المسلمة تلك البلاد ولتهاجر بدينها إلى أقرب البلاد الإسلامية وتعيش بكرامتها في أرض الله الواسعة، كما أمر الله تعالى وأرشد في مثل هذه الحالة إذ يقول سبحانه:" إنّ الذين توفّاهم الملائكةُ ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا أوَلم تكن أرضُ الله واسعةً فتهاجروا فيها .."(النساء 97) ويقول:" ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مُراغَماً كثيراً وسعةً .." وحتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. وحتى تعود السيادة للإسلام ويظهره الله على الدين كله ولو كره المشركون!
المصدر/ دنيا الرأي