وكالة أنباء أراكان ANA: خاص
أجرى الحوار : سليمة بنوس
“جنان العنزي” فتاة كويتية، قامت بزيارة للاجئين الروهنجيين في الهند برفقة وفد شمل كل من مؤسسة فهد اﻷحمد اﻹنسانية والمركز الروهنجي العالمي GRC وعاينت مأسآتهم عن قرب، سجلت لنفسها وللكويت باسمها تاريخا مشرفا في دعم القضية الروهنجية . برزت بقوة عبر تبنيها لهذه القضية حقوقيا ، أقامت أكثر من مؤتمر تعريفي بالروهنجيا وقضيتهم، ألفت كتابا عنهم، وجدت نفسها في محنتهم ومعاناتهم، نظمت ﻷجلهم حملة قوية باسم (صرخة بﻻ صوت) . ابنة الكويت الشابة غدت بجهودها في دعم هذه القضية صوتا صارخا لكل ضمير حي يؤلمه وجود بشر مضطهدين معذبين في القرن الحادي والعشرين.
وكالة أنباء أراكان ANA أجرت هذا الحوار معها حول تلك الجهود وزيارتها اﻷخيرة للاجئين في الهند .
* من هي جنان.. نبذة عنكِ؟
– جنان بدر العنزي، طالبه في كلية الحقوق – جامعة الكويت، مؤلفة كتاب (مسلمو ميانمار حقائق خلف الستار)، منسقة مؤتمر (صرخة بلا صوت) ومؤتمر (الروهنجيا .. أزمة الضمير العالمي) ومنسقة حملة (صرخة بلا صوت) لإغاثة النازحين الروهنجين في الهند، رئيسة لجنة حقوق الروهنجيا في الجمعية الكويتية لحقوق الانسان، ورئيسة قسم أقلية الروهنجيا التابع للمنظمة الدولية الخليجية في الإمارات “دبي”، ونائبة الأمين العام في مجموعة فيقاروس التطوعية.
* حملة (صرخة بلا صوت) التي قمتِ بها، ما كان الهدف منها؟
– هي حملة لإغاثة اللاجئين الروهنجيين في الهند، تقوم الحملة على أساس تغطية القضية من ثلاثة جوانب الجانب الحقوقي والإعلامي واﻹغاثي .
الجانب الحقوقي بإدارة الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان والجانب الإعلامي بمساندة كل الجهات الإعلامية في الكويت، ومجلة المجتمع هي المركز الإعلامي التي تشرف على الجانب الإعلامي، والجانب الإغاثي تم الانتهاء من تنفيذه.
* بخصوص إغاثة اللاجئين الروهنجيين في الهند والزيارة التي قمتِ بها هناك.. حدثينا عنها، هل واجهتكِ مصاعب للوصول إليهم وكيفَ هي أوضاعهم هناك من كل النواحي : المسكن والتعليم والصحة؟
– من ناحية الحملة الحمد لله كانت ميسرة ولم نواجه صعوبات من الناحية الأمنية، والمركز الروهنجي العالمي في الهند قام بالكثير من التسهيلات التي ساهمت في إنجاح الحملة .. والمصاعب التي واجهتنا نفسية أكثر من أي شيء آخر .. رؤية أوضاعهم السيئة على حقيقتها هي أسوء شيء واجهته أنا شخصيًا. أما بالنسبة لأوضاعهم .. المسكن يتكون من أقل الإمكانيات اللازمة لأن يكون مسكنا صالحا للعيش اﻵدمي.
أما التعليم فلا وجود له تقريباً، وأغلب اللاجئين أميون يعانون من جهل القراءة والكتابة. أما الصحة فهناك الكثير من الحالات الصحية التي تصل إلى المرحلة السيئة، وتحتاج إلى تدخل طبي في أسرع وقت. وعبر هذا اللقاء الحواري نناشد المنظمات الطبية التطوعية حول العالم بالتوجه إلى مخيمات اللاجئين الروهنجيين وعلاجهم قبل أن يفقدوا حياتهم .. ووضعهم بشكل عام أفضل بكثير من داخل بورما، والفضل يعود لرب العالمين ومن ثم حكومة الهند لتسهيلاتها الكثيرة للاجئين
* هل تصلهم إغاثات من منظمات إسلامية؟
– ليس لدي علم في هذا الموضوع و لكن حتى وإن كانت تصل لهم إغاثات فهم يحتاجون الكثير من العالم؛ لاسيما وأن أوضاعهم سيئة من سنين عديدة، ومن وجهة نظري فإنهم يحتاجون إلى مشاريع تنموية كثيرة في مناطق وجودهم كالعيادات الطبية والمدارس والمساجد ودورات المياه.
* هل يصلهم هناك أي أذى من البوذيين؟
– في الهند لم يذكر لنا شخص من اللاجئين أن هناك أذى من البوذيين عليهم داخل الهند بسبب الخطة التي وضعها المركز الروهنجي العالمي، وهي وضع اللاجئين في أراض مملوكة لأشخاص ساهموا بدعم القضية، وهذه الأراضي قريبة من مناطق السكان، وبالتالي فإنهم يكونون وفروا لهم الأمان وأيضا وفروا لهم تلقائيا فرص عمل بسيطة بحكم قربهم من المدينة.
* عاينتِ أوضاعهم وسمعت من أفواههم .. أخبرينا عن بعض قصص اللاجئيين هناك إن كانوا قد أخبروك بها؟
– هذه طفلة رأيتها ترقد على الأرض، وعندما سألت والدتها: لماذا تنام بدون غطاء أو فراش؟ أبلغتني أن والدها لا يعمل ولا نملك مالا حتى نشتري احتياجاتنا الضرورية.
وهذه امرأة تعاني من ٣ كسور في ساقها اليمنى، ومن شدة الألم لا تستطيع الوقوف، وهي تحبو على يدها إذا أرادت أن تنتقل من مكان لآخر .. بعض العظام المكسورة بارزة في قدمها بشكل غير مألوف .. سقطت على الصخور أثناء هروبها من بورما إلى الهند، وفقدت كل الرجال في عائلتها وبقيت هي وبناتها الأربع.
وهذه طفلة سعدت بتكريمها، ألقت خطبة عن أركان الاسلام الخمسة ما يقرب من ١٠ دقائق.
وهذا طفل كان يبكي عندما رأى أن هناك عنصرا نسائيا مع الوفد وهو لا يرتدي ملابس.
وهذا الولد ذو القميص الأسود يعاني من حالة نفسية أدت الى فقده عقله بسبب ما رآه من قتل أمام عينيه، وتلجأ والدته أحيانًا إلى ربط قدمه بسلاسل حتى لا يقوم بتصرفات خاطئة من غير وعي أو يهرب.
وهذا رجل مسن رسمت قسوة الزمان على وجهه ملامح حزن عظيمة.
وهذا مثال على المساكن التي يعيشون فيها.
* خلال زيارتك أهناك رسالة من أحد اللاجئين .. وجهت للعالم ؟
– نعم وكانت أكثر المواقف التي أبكتني.. أم كتبت رسالة خطية بيدها تناشد العالم للبحث عن ولدها المفقود من سنتين بعمر ١٦ عاما، نسيت كل ما تعاني من جوع وألم وقهر وظلم، ونسيت أنها فقدت ١١ شخصا من عائلتها، وأصبح همها الوحيد البحث عن ابنها المفقود من سنتين، وما يؤلم أكثر أنها عندما كتبت لنا الرسالة أعطتنا بعد مدة من الوقت رقم هاتف أحد الاشخاص العاملين في محل بالقرب من مخيماتهم كي نتصل على رقم هذا الشخص في حال وجدنا ابنها.. كانت تعيش على أمل لا يقارن بأمل كل الأشخاص المتفائلين بالعالم!
* بشكل عام.. من خلال اهتمامك بالقضية الروهنجية ماهي أهم الأشياء التي جعلت منها قضية منسية؟
– وجود التكتم الإعلامي على القضية .. عدم تضافر الجهود لحل القضية .. جهل الكثير من الشعوب بقضية بورما وما يعانون على الرغم من أنها قضية متزامنة مع قضية فلسطين.
* كيف تقومين بالعمل الإعلامي في القضية؟
– من خلال نشر القضية في مواقع التواصل الاجتماعي وطرح حقائق القضية في مقابلات تلفزيونية أو صحفية، ونشر مطبوعات وإصدارات خاصة بالتعريف بالقضية، توعية المجتمع بالعمل الإنساني وأهميته في مساعدة قضايا المستضعفين.
* وما تقييمك للعمل الحالي في القضية ؟
– القضية في الوقت الحالي ولله الحمد في مستوى يتحسن باستمرار عن بداية اندلاع الأحداث الأخيرة في ٢٠١٢ ، وحاليًا في مستوى تصعيد دولي من جميع النواحي.
* هل هناك جوانب ناقصة في القضية الروهنجية تتمنين أن ترينها في الواقع؟
– مازلنا بحاجة إلى تضافر الجهود المجتمعية والدولية لتصعيد القضية في الاعلام لخلق رأي عام يساهم في دعم القضية، وأيضا تصعيدها من ناحية حقوقية في محاكم العدل الدولية وفي مجلس الأمن، وأيضا تغطية كل الجهات الإغاثية لاحتياجات اللاجئين الأساسية داخل وخارج بورما.
* ما الذي دفع جنان لاختيار الروهنجيا كقضية تبذل من أجلها مالها ووقتها ودراستها؟
– هو في البداية تسخير من رب العالمين لشعب عاش في حياته كل تفاصيل الشقاء والحمد لله، ونسأل الله أن يقدرنا على مساعدة هؤلاء المستضعفين، وضع القضية بشكل عام هو من ساهم في اختياري لهذه القضية، وأن تسعى لمعرفة حقائق كاملة عن قضية مخفية ومنسية وعليها تكتم إعلامي شديد هنا كنت أشعر بحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقي، وخوف أن أسال عن معرفتي للقضية بكل هذه الحقائق ولم أفعل شيئا لمساعدتهم، وكنت دائمًا أتذكر أن الساكت عن الحق شيطان أخرس.
* ما دور والدك وأسرتك في نجاحك؟
– لهم دور كبير جدًا مهما تكلمت فيه سأكون مقصرة في حقهم، ساهموا بدعمي بكل ما أحتاجه سواء دعم معنوي أو مادي، ويكفيني دعما أن أرى هذا الفخر بأعمالي في أعينهم .
* رسالة أخيرة توجهينها من خلال هذا الحوار؟
– أدعو إلى تضافر جهود كل المجتمعات والحكومات والأفراد لخدمة قضية مسلمي بورما، وأدعو أيضا إلى تسليط الضوء على هذه القضية إعلاميًا وحقوقيا وإغاثيًا قبل فوات الاوان وقبل أن تصبح أراكان ” أندلسا ” أخرى مفقودة .