لا يكاد يختلف اثنان من المختصين بالقانون الدولي والسياسة بشكل عام – وربما غير المختصين أيضا من عامة المسلمين المتابعين للسياسة الدولية المعاصرة – أن الأمم المتحدة بكافة منظماتها ومجالسها صنيعة غربية بامتياز، وُجدت واختُرعت لخدمة مصالح الغرب وتحقيق أهدافه وتنفيذ أجندته بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية.
ولعل من أهم أهداف وأجندة الغرب من ابتداع الأمم المتحدة، شرعنة محاربة الإسلام وانتهاك حقوق المسلمين من جهة، والمماطلة والتسويف في منح المسلمين المضطهدين في العالم حقوقهم الإنسانية، من خلال دوامة القرارات التي لا تصدر، وإن صدرت لا تنفذ.
وأما إن صدر القرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فهو على أي حال قرار غير ملزم، وبالتالي فإنه لا يعدو أن يكون حبرا على ورق في عرف ومنطق الدول، فكيف إذا كان القرار يخص مطالبة حكومة بورما البوذية برفع الاضطهاد عن مسلمي “الروهنجيا” بمنحهم الجنسية؟! إنه أدعى لعدم الاستجابة أو التنفيذ، لأنه ببساطة قرار لصالح الحلقة الأضعف في العالم – المسلمين من أهل السنة – وللأسف الشديد.
نعم… لقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم على مشروع قرار يدعو حكومة بورما لمنح “الروهنجيا” داخل البلاد كافة حقوقهم، ونص القرار غير الملزم على منح الجنسية لأقلية “الروهنجيا” المسلمة، التي مازال أبناؤها يقيمون في مخيمات للاجئين منذ زمن طويل، والسماح لهم بالتجول في كافة أنحاء البلاد، وممارسة أنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية بحرية كاملة.
وعلى الرغم من أنَّ بعض الحقوقين يرى أن القرار سيزيد من ضغط المجتمع الدولي تجاه حكومة بورما، إلا أنه في الحقيقة لا يكفي لإجبار حكومة بورما على تنفيذه، ما لم تمارس الدول الإسلامية أيضا ضغوطا من أي نوع على هذه الحكومة للتنفيذ.
وعلى الرغم من اعتبار الأمم المتحدة أنَّ مسلمي الروهنجيا هم أكثر الأقليات اضطهادًا في العالم، حيث تعرضوا في العام الماضي إلى أعمال عنف على يد متطرفين من أتباع الديانة البوذية في بورما، ما دفع حوالي 140 ألف للفرار إلى “بنجلاديش” المجاورة، وعدة مناطق داخل تايلاند، علاوة على أستراليا، إلا أن ذلك لا يبدو أنه سيشفع لهذه الأقلية المسلمة عند الحكومة البوذية لمنحهم الجنسية.
فهل ستعمل الدول السنية على امتلاك هذه القوة لإجبار العالم على رفع الظلم والقهر والاضطهاد عن المسلمين؟ وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي لا تساوي بدون هذه القوة الحبر الذي كتبت به؟