الروهينغا في مينمار يتعرّضون لإبادة، وفق توصيفات التقارير الإعلامية ومنظّمات حكومية، ما حقيقة ما يجري هناك، ولمَ كلّ هذا التجاهل الدولي؟
مينمار شعب منسي، وفي الوقت نفسه، ترتكب في حقّه جريمة إبادة موصوفة حسب ما تنصّ عليه الاتّفاقيات الدولية، خاصة اتّفاقية منع الإبادة الصادرة في الأربعينيات من القرن الماضي. والغريب والمثير للتساؤل هو أن هذه الجريمة تُرتكب أمام صمت المجموعة الدولية، وأمام مينمارية حائزة على جائزة نوبل للسلام ''أونغ سان سو تشي''. لكن الإجابة عن هذه التساؤلات لا نجدها في فضاء حقوق الإنسان، لكن في فضاءات أخرى متعلّقة بحسابات جيوسياسية واقتصادية، لأنها منطقة غنية بالثـروات. ومنه لمّا تتكلّم لغة الاقتصاد والمصالح فإن لغة القانون تتراجع.
بحكم أنكم اشتغلتم كثيرا حول هذا الملف، هل يمكن أن تضعنا في الصورة بخصوص الانتهاكات التي يتعرّض لها الروهينغا في مينمار؟
الروهينغا شاركوا، تاريخيا، في كلّ أفراح ومآسي مينمار، منذ الانتداب البريطاني إلى الاستقلال، وهذا بشهادة النظام الحاكم. لكن بعد 1962، ومع قيام النظام العسكري، بدأ التمييز العنصري يظهر إلى العالم، من خلال سنّ القوانين الخاصة بالجنسية، وتقييد الخدمات الاجتماعية والصحية. وهل تعلمون أن النسل محدّد بالنسبة للمسلمين ولا يحقّ لهم التملّك، ولا تُمنح لهم بطاقة هوية، والتنقّل من ولاية إلى أخرى يكون بموافقة، وتفتّش مساجدهم ثلاث مرات في السنة، ويتم تصويرها حتى لا تقام بها أشغال التوسعة.. فأين الانفتاح المسوّق له، وأين حقوق الإنسان؟!
والإشكال بدأ بالتمييز وطمس الهوية المسلمة، من خلال سنّ تشريعات تخصّ المسلمين، بوصفهم إمّا عديمي الجنسية أو ليس لديهم حقوق أو أجانب. علما أن التاريخ يؤكّد أن المسلمين عاشوا في المنطقة، وكانت هناك خلافة إسلامية حكمها 48 خليفة مسلما على مرّ 3 قرون. هذه الحقائق التاريخية تؤكّد بأنهم سكان أصليون، وليسوا لاجئين من أصول بنغالية.
ما تعليقكم على التحرّكات الدولية، خاصة المنظمات الحقوقية؟
منظّمات حقوق الإنسان يبقى تحرّكها محتشما في هذه المنطقة، رغم ما تمّ تناوله في مجلس حقوق الإنسان الأممي. ومن خلال الصور التي تتناولها وسائل الإعلام، والتي تصف ما يتعرّض له هذا الشعب، يلاحَظ جليّا بأن القانون الإنساني الدولي يُقبر في تلك المنطقة، لأن هناك ازدواجية في المعايير.
ما هي الآليات التي يمكن استخدامها من أجل دفع حكومة مينمار لوقف مجازرها في حقّ مسلمي الروهينغا؟
الآليات قد تتعدّد، يمكن أن تكون إقليمية، من خلال منظّمة التعاون الإسلامي أو منظّمة آسيان أو مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتّحدة أو مجلس الأمن.
أليس تقتيل أقلّية لأسباب عرقية أو دينية يستدعي تحريك الفصل السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يسمح باستعمال القوة العسكرية؟ أم أنه يُسهر على تطبيقه في مناطق ويهمّش في مناطق أخرى؟ ونحن كأحرار يجب أن نحشد الرأي العام لخلق قناعة دولية تحتّم مساعدة هذا الشعب، الذي هو ضحية إبادة ترتقي إلى الإبادات التي عرفها اليهود والكمبوديون ورواندا والأبارتيد في جنوب إفريقيا.
لذا نحن لا نطالب بالتنديد، لأن مرحلة التنديد قد تجاوزناها الآن، نحن في مرحلة الأفعال، لأن القانون لا يبنى ولا يطبّق بالنوايا، لكن بالتحرّكات الميدانية.
ما تعليقكم على التقارب الأمريكي مع نظام مينمار؟
لعلّ ما ميّز عام 2012 أن نظام مينمار العسكري قام بخطوات للانفتاح على المجتمع الدولي، لكن يجب، أيضا، أن ينفتح على كلّ أقليات البلاد التي عاشت في تناغم منذ قرون.. ولهذا على الولايات المتّحدة، الداعم الرئيسي للمسار السياسي والانفتاح في دولة مينمار، مسؤولية سياسية، قبل أن تكون عليها مسؤولية أخلاقية، لحماية الأقليات. لأنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية في مينمار وهناك نظام لا يعترف بالجنسية المينمارية للمسلمين الروهينغا، ويحرمهم من الخدمات الاجتماعية والصحية ويقيّد حرية حركتهم. فعن أي حرية وديمقراطية نتكلّم.
صحيفة الخبر
الجزائر: حاوره رضا شنوف