وكالة أنباء أراكان ANA: ترجمة الوكالة
في هذا المخيم المكتظ بالنازحين المسلمين الروهنجيا في بورما الغربية، من السهل أن نرى بشكل واضح أكواخ الإنترنت. العاطفة التي تولدها هذه الأكواخ هي أصعب بكثير من تجاهلها.
الأكواخ لها جدران من الخيزران، والأسقف من القش والأهم من ذلك أجهزة الكمبيوتر (لاب توب) التي تسمح للروهنجيا بإعادة الاتصال مع الأقارب الذين غادروا على متن قوارب إلى تايلاند وماليزيا. هذا الاتصال يأتي من خلال شبكة الانترنت عبر الهواتف المحمولة.
الدخان المتصاعد من نار الطبخ في المخيم يتسرب عبر الجدران . يصدر الصوت إلى الخارج بسهولة ليلزم المتصلين بتبادل مأساتهم الشخصية مع الجميع في مكان واحد.
ما يظهر هو صورة حميمة للروهنجيا، ومعظمهم من عديمي الجنسية الذين يعيشون في ظروف غالبا ما تكون قاتمة في بورما، حيث يعتبرهم الكثيرون أنهم مهاجرون غير شرعيين.
توفر الأكواخ فرصة لمهربي البشر الذين يستفيدون من الهاربين بالقوارب وعائلاتهم الذين يتركوهم وراءهم.
اليوم، هناك فرح ففاطمة البالغة من العمر 56 عاما تبارك لعروس ابنها. اتصلت به عبر سكايب وهو يجلس في مقهى للانترنت في العاصمة الماليزية كوالالمبور، حيث يعمل كمنظف.
قالت له فاطمة: “بالطبع يجب أن تتزوجها، إذا كانت بشرتها داكنة.” يعدها ابنها بتقديم حبيبته لها في مكالمة أخرى.
قصص أخرى هي أما مأساوية أو مشؤومة
يصل كثير من الناس مع قصاصات من الورق مدون عليها رقم المحمول مع رمز البلد الماليزي، هذه الأرقام تعود إلى المهربين الذين ينقلون كل عام الآلاف من الروهنجيا إلى تايلاند، حيث يحتجزون بشكل روتيني مقابل الحصول على فدية في المخيمات نائية بالقرب من الحدود مع ماليزيا.
الحرية تكلف بين 1200 $ و 1800 $ وهي ثروة بالنسبة لمعظم الروهنجيا الذين يعيشون على دولار واحد أو اثنين في اليوم.
يطالب أحد المهربين رجلاً بمبلغ للإفراج عن ابنه البالغ من العمر 12 عاما، راهانا مثل العديد من النساء الروهنجيات لها اسم واحد، قد أرسلت 1100 $، ولكن المهرب يريد أكثر، على الأقل يسمح لها بالتحدث لفترة وجيزة مع ابنها. عادة، بعد سماع “دليل الحياة” أي المكالمة الأولى، لا يسمح المتاجرون للأقارب بالتحدث حتى يدفعوا كامل المبلغ.
رجل يجيب على الرقم الماليزي و ينادي “راهانا” وهي ترد: “اسمحوا لي أن أتكلم مع ابني.” بضع ثوان تمر. ثم يقول بصوت صغير، “أمي؟” تملأ عيون “راهانا” بالدموع ويرتجف فكها وسرعان ما تتمالك نفسها. تقول للصبي : “سأرسل المال، وسيطلقون سراحك ” بعد المكالمة، تدخل “راهانا” في حالة ذهول وعبوس وتقول: “قال لي ابني إنه كان مريض “كلما يأكل، يتقيأ”.
“يثقون بي “
كانت ثاي شاونغ قرية صيد حتى عام 2012 حين طرد الراخين البوذيون الآلاف من الروهنجيا من مدينة قريبة من سيتوي.
العنف الديني في ولاية أراكان في ذلك العام أدى إلى مقتل 200 شخصا على الأقل وأدى إلى تشريد حوالي 140,000 شخص، اليوم، تاي شاونغ مخيم وسخ ومكتظ، وبالنسبة لمعظم السكان، فإن القارب إلى تايلاند هو السبيل الوحيد للخروج، وكل القادمين والمغادرين يقدمون فرصة للتاجر الروهنجي كياو ثين 29 عاما .
لغاية عام 2012، باع كياو ثين الثلج والبنزين إلى الصيادين في القرية، الآن يدير كوخ إنترنت ، ويأخذ 100 كيات بورمي (10 سنتا) في الدقيقة للمكالمة في الخارج على جهاز من ثلاثة أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي هي في الاستعمال المستمر تقريبا.
يقدم خدمات أخرى أيضا
يرسل الروهنجيا العاملين في الخارج بشكل روتيني الأموال إلى أقاربهم في الوطن، ويمكن إرسال هذا الحساب المصرفي إلى سيتوي عبر وسيط من عرقية الراخين، الذي يجلب الأموال لكياو ثين، ثم يعطيها لأقارب المرسل – ناقص عمولته 1.5 في المئة.
كوخ كياو ثين المعدوم النوافذ هو أيضا ممر لآلاف الدولارات من أموال الفدية
يعهد الأقارب بكياو ثين بكميات من الأموال التي يسلمها إلى وسيط من الروهنجيا في قرية مجاورة. ويقول إنه لا رسوم على هذه الخدمة أو التعامل مباشرة مع المهربين وأضاف “إنهم يثقون بي” كما يقول “لكنني لا أثق بهم.”
يقول كياو ثين: في الماضي كان على الروهنجيا دفع مئات الدولارات للسفر على متن القوارب المتجهة إلى ماليزيا. الآن، يدفعون فقط بضعة دولارات ليتم نقلهم إلى السفن الكبيرة الراسية في عرض البحر.
رحلتهم مجانية – لأن المهربين يعرفون أنه بإمكانهم ابتزاز مبالغ أعلى بكثير من خلال احتجاز هؤلاء الأشخاص على قوارب بمجرد وصولهم في تايلاند أو ماليزيا.
ويقول كياو ثين إن السماسرة يجوبون مخيمات الروهنجيا المنتشرة على طول ساحل أراكان، ويحصلون على “رسوم ” من المتاجرين على كل راكب.
يلوم عبد القادر هؤلاء السماسرة لاستدراج ابنته البالغة من العمر 14 عاما، فقد غادرت المنزل في صباح أحد الأيام لزيارة أحد الجيران ولم تعد أبدا.
وهي الآن في مخيم في تايلاند أو ماليزيا يطلب التجار $ 1500 وهو سائق عربة لا يمكنه دفع هذا المبلغ. وقال عبد القادر: ” قالوا لي إنهم سوف يركلونها من أعلى الجبل.” لكنه أخبرهم بأن يجدوا رجلاً يتزوجها ، لكن طلبوا منه دفع فدية، إنه يعرف أنه بالفعل منحهم الإذن لبيع ابنته وقال:”كل ما لدي هو الهموم، لا أستطيع أن أفعل أي شيء.”