كتبت صحيفة “نيولايت اوف ميانمار”، (16/6/2012)، نقلاً عن مصادر حكومية، أن حصيلة أعمال العنف الطائفية الأخيرة في غرب البلاد، بلغت 50 قتيلاً، على الرغم من خفة حدة الاضطرابات قبل عدة أيام . وقالت الصحيفة، إن 54 شخصاً آخرين أصيبوا بجراح، وإن عدد حوادث الشغب، بلغ ،78 وعدد المنازل التي دُمرت أو أحرقت، خلال 18 يوماً من الاضطرابات حتى يوم الخميس، 14/،6 بلغ 2235 .
وجاء في تحليل لمجموعة الأزمات الدولية، (12/6/2012)، أن حمّام الدم الطائفي الأخير في ولاية راخين في ميانمار، يعتبَر نتيجة لعملية الانتقال السياسي الجارية حالياً في هذا البلد، وتهديداً لها في آنٍ .
فعلى الرغم من أن التوترات الطائفية موجودة في البلاد قبل الانفتاح الأخير بزمن طويل، فإن تخفيف القيود السلطوية بموجب الانفتاح، ربما يكون قد أسهم في ضراوة الأزمة الحالية .
ويقول التحليل، إن التقاعس عن كبح الأزمة ومعالجة أسبابها الكامنة، يُنذر بوقف مبادرات الإصلاح الجارية في ميانمار، وحتى بتآكلها . وما لم تتخذ الحكومة خطوات تتجاوز إنهاء العنف، إلى إرساء الأساس لحماية الأقليات، فإن خطر انتشار العنف يظلّ ماثلاً . وستكون الطريقة التي تعالج بها الحكومة هذه القضية، اختباراً كبيراً لجهاز الشرطة، ولنظام القضاء في البلاد، التي بدأت للتوّ بالخروج من ماضيها الاستبدادي . كما تشكل تلك الطريقة، اختباراً لإرادة الحكومة ومقدرتها على تغيير سياسة التمييز التي تمارَس على مسلمي “الروهينجيا”، منذ أمد بعيد .
ويؤكد التحليل أن المسلمين، يتعرضون لتمييز شديد من قبل البوذيين في ولاية راخين، ومن قبل الحكومة .
فهم محرومون من الجنسية، على الرغم من عيشهم في المنطقة منذ أجيال عدة، ويتطلب خروجهم من قراهم الحصول على تصاريح رسمية، مما يحدّ من قدرتهم على العمل، والدراسة وتلقّي الخدمات الصحية . كما يعانون صنوفاً من القرارات والمراسيم والممارسات القائمة على التمييز، ومن بينها القيودُ المفروضة على الزواج، والضرائبُ العشوائية، وأعمالُ السخرة .
وقد أدت تلك المعاملة في الماضي إلى موجات من النزوح الجماعي إلى بنغلاديش المجاورة، وإلى تشكيل العديد من الجماعات المتمردة المسلحة الصغيرة .
تحريض علني
وبعد انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني ،2010 تمكن نفر قليل من المسلمين، من عرض محنة السكان على الهيئات التشريعية، من دون أن يكون لذلك تأثير يُذكر .
وعن السبب المباشر، لأعمال العنف الأخيرة، يقول تحليل مجموعة الأزمات الدولية: إن اغتصاب امرأة في 28 مايو/ أيار، أدى إلى اندلاع التوترات التي كانت تختمر منذ فترة طويلة، وتحوّلها إلى عنف بين فئتيْ البوذيين، ومسلمي “الروهنجيا”، في ولاية راخين المتاخمة لبنغلاديش .
وذكرت تقارير الإعلام في اليوم التالي للحادث، أن الشرطة احتجزت ثلاثة مسلمين مشتبهاً فيهم . . وبعد ذلك بيوم، طوّقت حشود من البوذيين مركز الشرطة المحلي، وطالبت بتسليمها المتهمين، الذين كانوا قد نُقلوا إلى السجن .
وفي الثالث من يونيو/ حزيران، بعد توزيع كتيبات تحريضية مناوئة للمسلمين، جرى توقيفُ حافلة رُكاب في بلدة يونغوب، (في ولاية راخين)، متجهة إلى يانغون، (عاصمة ميانمار، التي كان اسمها “رانغون” سابقاً)، من قبل حشد يضم نحو 300 شخص، وإنزالُ عشرة ركاب مسلمين منها، وضرْبُهم حتى الموت . . كما قُتل معهم بوذي ظنه المهاجمون مسلماً .
وإذ خشيت الحكومة الوطنية، تصاعد الموقف، أعلنت في 6 يونيو تشكيل لجنة تحقيق للنظر في “الأعمال غير القانونية والفوضوية المنظمة”، التي قالت إنها يمكن أن “تلحق الضرر بالسلم والاستقرار وحكم القانون في ولاية راخين”، وقالت إنّ تلك اللجنة سترفع تقريرها إلى الرئيس تين سين مباشرة، في 30 يونيو .
ويقول تحليل المجموعة الدولية، إن نشر أسماء أعضاء اللجنة، وتفويضهم، كان غير مألوف في شفافيته، ويدل على إقلاع الحكومة عن الممارسات السرية في الماضي الاستبدادي . ويُفترض أن يكون ذلك علامة على نية التوقف عن التستر على هذه الحوادث، ومعاقبة المسؤولين عنها- وهو أمر بالغ الأهمية، نظراً إلى تاريخ التمييز الطويل، ضدّ المسلمين، الذي كان يجري برعاية الدولة .
وربما كان من الأسباب الأخرى، تفشي الخطاب العنصري الاستفزازي على شبكة الانترنت، بعد رفع القيود عن استعمالها في سبتمبر/ أيلول الماضي .
اضطهاد عنصري
وفي موقع “يوراسيا ريفيو” (12/6/2012)، يستنكر الصحافي المستقل المقيم في تايلاند، فرانسيس ويد، التغاضي الإعلامي عن اضطهاد المسلمين في ميانمار .
يقول: ثمة شيء يبدو أن الناس ينفرون من الحديث عنه، هو العامل العنصري الواضح في القلاقل، التي يجب تحميل البورميين البوذيين جل المسؤولية عنها .
المصدر:الخليخ