وكالة أنباء أراكان ANA:
بقلم: عبير عبدالشكور
حل رمضان ومضى نصفه آمنين مطمئنين في بيوتنا.. ننوي الصيام على مائدة من شتى أنواع الطعام وكذلك عند الإفطار..نصلي التراويح دونما خوف من اعتداء أو سرقة أو قتل..ولكن !! كيف هو حال اللاجئين الروهنجيين في البلدان المجاروة لأراكان، كيف مضت الأسابيع الماضية عليهم؟ ..!!
أهلنا اللاجئون يصومون مثلنا ولكنهم لا يفطرون على تمرةٍ وشربة ماء، هُم يفطرون على سماع الأخبار غير السارة عن بلادهم وعن أهلهم هناك وعن العذاب الممارس في حق أقاربهم في أراكان وبالرغم ذلك عليهم المواصلة ومقاومة الحياة.
بِوجوهٍ حزينة وأحداقٍ مليئة بالأسى لملموا جراحهم واستقبلوا رمضان.. فهذا شهر الخير الذي اعتادوا أن يفرحوا بقدومه، وكلما هلّ رمضان تعود بهم الذكريات إلى زمنٍ كانوا فيه آمنين يمارسون طقوس رمضان بلا هم ينازعهم ولابوذيٌ يهاجمهم، وأطفالهم في كل الأرجاء مبتهجين برمضان يلعبون في شوارعها بلا رهبة من عدو ظالم ، ونساؤهم يصنعون أطايب الطعام ويتبادلون الأطباق الرمضانية مع الجيران ويفرشون المائدة ويجلسون حولها فرحين ينتظرون الأذان وألسنتهم تلهج بالدعاء، وبعد الإفطار يستعد الجميع لصلاة التراويح في المساجد وصوت الأذان والصلاة تصدح في أرجائها.
كانت تلك أيام ماضية تراودهم ذكرياتها بين الفينة والأخرى، وتشتاق روحهم للعودة حيث كانوا مطمئنين.
رمضان هذا يختلف عن كل رمضان عاشوه في حياتهم؛ فالخيام المتهالكة هي البيوت الهشة لهذه العائلات، في الشتاء تتحول لمكعبات ثلج وفي الصيف تكاد أن تشتعل من شدة الحرارة ، وفي كل زاوية منها ركنٌ مخصص للمفارش والملابس والركن الآخر لإعداد الطعام والإفطار مما تيسر لهم من مساعدات وإغاثات، وعلى موقدٍ متواضع جدا وفي أواني شحيحة ومتهالكة يعدون الطعام بما توفر من أرز وخضار فالبذخ ممنوع وقلّما يعدون أطباقا متنوعة.
يأكلون ماتيسر لهم حامدين الله على نعمه، وأحيانا كثيرة يبيتون بلا طعام ويصومون على معدة خاوية، هكذا تمضي الأيام عليهم، لايكاد الواحد منهم أن يهدأ من نوبة حزن إلا وتليه أحزان أخرى.
وبِرغم الجراحات العميقة والآلام السقيمة استقبلوا رمضان بقلوبٍ فرحة ومبتهلة، لعلّ دعوة صادقة تُرفع إلى السماء ويفرج كربهم ويخلّص وطنهم من بطش البوذ ويعيدهم إلى أرضهم وأرض أجدادهم سالمين.