وكالة أنباء أراكان (24Media)
سلطت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية في افتتاحيتها الضوء على مشكلة مسلمي الروهنجيا من اضطهاد وتمييز وتهجير، مشيرة إلى وجود حلول قائمة لكنها تحتاج إلى رغبة صادقة من الحكومة البورمية ودول الجوار والدول المانحة للمساعدات.
وأشارت الوكالة في مستهل افتتاحيتها إلى انحسار كارثة اللاجئين التي عصفت بجنوب شرق آسيا مؤخراً، حيث استقبلت بلدان المنطقة الآلاف من المهجرين الذين تخلى عنهم المهربون في عرض البحر.
عودة الأزمة
وتوقعت الافتتاحية أن تعود الأزمة عندما ينتهي موسم الرياح الموسمية ويحاول مسلمو الروهنجيا في ولاية أراكان الساحلية بميانمار الفرار مجدداً من الاضطهاد الذي تمارسه الأغلبية البوذية، مؤكدة ضرورة أن تعمل الحكومات بسرعة لوقف أي هجرة أخرى.
وأكدت أن هناك مجالا لحل مشكلة اللاجئين بجنوب شرق آسيا، على عكس ما يحدث في الشرق الأوسط، الذي يعاني من حروب أهلية وحشية لا مؤشرات لانحسارها.
وأشارت الافتتاحية إلى فرار موجات من مهجري الروهنجيا من ميانمار مرتين من قبل، في السبعينيات والتسعينيات، لتعود الآن ولكن في ظل ظروف أقل مثالية، ويتوجب أن يكون الهدف الآن هو خلق الظروف التي تساعدهم على البقاء في منازلهم.
حل المشكلة يتجاوز ميانمار
وشددت الصحيفة على أن حل مشكلة مسلمي الروهنجيا يتجاوز ميانمار برغم أن الحكومة البورمية هي المسؤولة الرئيسية عن هذه المهمة، إذ كان أكثر من نصف المهجرين الذين تم إنقاذهم في مايو (أيار) من مسلمي بنجلاديش الفارين يعانون من الفقر.
وتتركز شبكات الاتجار بالبشر التي تستغل هؤلاء المهجرين، الذين غالباً ما يتلقون المساعدة من مسؤولين محليين ورجال شرطة، في تايلاند وإندونيسيا وماليزيا، وتعرضت أستراليا لانتقادات لإبعادها قوارب اللاجئين عن شواطئها، إذ ينبغي أن تساعد جيرانها في تعطيل هذه الشبكات من خلال تنسيق الاستخبارات وتبادل المعلومات.
ويتحول المهجرون إلى مهربين لأنهم لا يملكون الوسائل القانونية للبحث عن عمل في الخارج، وهذا هو السبب في ضرورة أن تقوم كل الحكومات في المنطقة بعمل برنامج لاستضافة العمال يتسم بمزيد من الشفافية، إما من خلال رابطة دول جنوب شرق آسيا أو من خلال اتفاقيات العمل الثنائية.
ووفقاً لافتتاحية الوكالة، توفر سنغافورة، التي فرضت إجراءات فعّالة بشكل معقول لتجنيد العمال الأجانب وأعدت الحد الأدنى من الحماية لهم، نموذجاً جيداً يمكن البناء عليه في هذا الصدد.
طريق طويل
في ضوء هذا، ترى الافتتاحية أن أمام ميانمار طريق طويل لتحسين أوضاع مسلمي الروهنجيا، الذين ما زالوا لا يتمتعون بالمواطنة الكاملة، وبالتالي جوازات السفر التي تخوّل لهم الحق في المشاركة في أي برامج قانونية لاستضافة العمال.
وأشارت الافتتاحية إلى أن هناك جدلا بشأن جذور مسلمي الروهنجيا، فهناك من يقول إنهم من السكان الأصليين لولاية أراكان وآخرون يصرون على أنهم هاجروا إليها تحت حكم البريطانيين خلال الحقبة الاستعمارية، إن لم يكن في الآونة الأخيرة.
أما منحهم الحقوق السياسية، فهذا بمثابة قضية ثالثة في ميانمار، وستصبح أكثر جدلاً خلال الأشهر التي تسبق الانتخابات في خريف هذا العام. ولكن حتى في حال عدم وجود احتمالات لإحراز تقدم عاجل، يمكن للحكومة أن تفعل المزيد لتمهيد الطريق من أجل التغيير.
ولفتت الافتتاحية إلى أن البلدان المعنية في جميع أنحاء العالم، كما أكد بعض المسؤولين البورميين، يمكن أن تساعد من خلال المساهمة في تطوير ولاية أراكان، مع تقديم معظم المساعدات الخارجية في الإغاثة الإنسانية للروهنجيا الذين نزحوا بسبب أعمال الشغب في عام 2012.
ضرورة الاستثمار
وأوضحت أن بوسع الجهات المانحة فعل ما هو أكثر من النوايا الحسنة من خلال الاستثمار في مشاريع الصحة والتنمية التي تعود بالنفع على البوذيين فضلاً عن المسلمين، كما يمكن تقديم الأموال وتقييدها بشروط، بما في ذلك الاشتراط على السماح بعودة مهاجري الروهنجيا الذين طُردوا بعنف من ديارهم ومزارعهم.
وشددت الافتتاحية على ضرورة بذل الحكومة البورمية المزيد من الجهد للتخفيف من الجدل حول ما إذا كان يتوجب منح الروهنجيا حق المواطنة، داعيةً إلى تحرك المعتدلين من كلا الجانبين، على سبيل المثال، للتخلي عن النقاش المشحون وغير المجدي حول ما إذا كان يجب على الناس دعوتهم بـ “الروهنجيا” أو ما إذا كان ينبغي الإشارة إليهم بـ “البنغال”، إذ تم السكوت على خطاب الكراهية من بعض القادة البوذيين رفيعي المستوى وقتاً طويلاً.
وأوضحت أن تردد زعيمة المعارضة “أونج سان سو كي” في التعبير عن رأيها دفاعاً عن الروهنجيا قد يكون مفهوماً إلى حد ما قبل الانتخابات، لكن كما لاحظت هي نفسها، فإن اندلاع عنف آخر ضد الروهنجيا في ولاية أراكان قد يعطل التصويت، لذا يعتبر إخماد التمييز ضد المسلمين الآن في صالحها وصالح مؤيديها، بدلاً من تصدير المشكلات للحكومة المقبلة، والتي من المتوقع أن يسيطر عليها حزبها.
وأكدت الافتتاحية في ختامها ضرورة أن يُدرك قادة ميانمار الحاليين أن البديل عن ذلك سيكون مأساوياً.