وكالة أنباء أراكان ANA: (زايو سيتي)
لا يكاد يمر يوم إلا وتدون بورما سطرًا آخر في مأساتها، وتنكأ جروحا متعددة ومتوالية في مسلسل معاناة أقليتها المسلمة، الذين ذاقوا مرارات التهجير والتعذيب والقتل، إلا أن ما ينكأ في الجراح أكثر هو صمت المجتمع الدولي والذي يبدو أنه قد أصيب بالعمى، وران على قلوب قادته وزعمائه جبل سامق من القسوة، فلا ترى منهم من يمد لهؤلاء المنكوبين والمشردين يد العون ولا يرسل لهم بمساعدة ولا تسمع حتى تنديدا ولو بالقول إلا القليل.
ما يحدث في بورما يشيب له الولدان، وتقشعر من فظاعته الأبدان، حيث يتم ذبحُ المسلمين بالسكاكين في حفلات موت جماعية، وتحرق جثثهم أمام مرأى ومسمع العالم، وتهدم بيوت المسلمين فوق رءوسهم، وتغتصب نساؤهم دون أن يحرك العالَم الإسلامي ساكنا، وكأنهم قرابين العنصرية البغيضة، تقدم فداء لعالم إسلامي يغرق في تفاصيل مشكلاته وإخفاقاته.
ومسلمو بورما (أو ميانمار) -جنوب شرق آسيا – يتعرضون للإبادة من البوذيين الذين يسيِرون قطار الموت في إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة، وفي مدينة “رانجون” العاصمة، بعدما قتل عشرة علماء مسلمين وهم عائدون من رحلة العمرة، على يد مجموعات بوذية، قامت بضربهم حتى الموت، وذلك بعدما اتهموا ظلما بالوقوف وراء مقتل شابة بوذية، ويتحالف النظام العسكري الحاكم مع هذه المجموعات البوذية المتطرفة، في أكبر عملية تعذيب وحشية للمسلمين، وتهجيرهم من ديارهم، واغتصاب ممتلكاتهم ونسائهم.
كل ذلك يتم وإعلامنا في غفلة عن تلك الأحداث، حتى جاءت من بورما مشاهد الصور الصادمة للإنسانية، والخادشة للضمير الإنساني، حيث تشير بعض الصور إلى وجودِ عمال إنقاذ تتساقط فوق رؤوسهم جثث متفحمة، قام البوذيون بإحراقها بعد تعليق أصحابها بالحبال، بالإضافة إلى صور أطفال قتلوا جماعيا بطريقة لا تمت للإنسانية بصلة.
فماذا فعلنا – نحن المسلمين – إزاء هذه المجازر الوحشية، والتي تأنف الوحوشُ والحيوانات من ارتكابها؟ وأين مؤسساتنا الإسلامية والدعوية والإغاثية من هذه المأساة؟ بل أين الضمير العالَمي؟
علينا أن نتذكر أن مجتمع المسلمين كالجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، يجب أن نتذكر أن نصرةَ المظلوم واجبة، وأن نجدةَ الملهوف فرض، خاصة إذا لم يكن لهم مفر من الموت إلا الموت حرقا أو شنقا أو ذبحا، وإذا نجوا بقواربهم الصغيرةِ نحو شواطئ بنجلاديش، فإنَّ قوات الأمن هناك تقوم باعتقالهم؛ بحجة أنهم لاجئون غير مسجلين بالأمم المتحدة، وأن بنجلاديش لا تستطيع استيعاب أكثر من 30 ألف لاجئ.
يجب علينا كشعوب إسلامية أن نحاصر سفارات بورما، والضغط عليها حتى يتوقف نزيف الدم، ويجب على الدول العربية والإسلامية أن تطرد سفراء بورما لديها، وسحب سفرائهم من هناك، وقطع العلاقات تماما، حتى يكفوا أيديهم عن المسلمين.
من الواجب اليوم أن يظهر المسلمون وشرفاء الإنسانية غضبهم في مختلف بقاع العالم، احتجاجا على ما يقترفه العسكر في بورما ضد المسلمين من جرائم.. على المسلمين أن يضغطوا من أجل ردع ومعاقبة السفاحين في هذه البلد.
يجب أن تضع منظمة التعاون الإسلامي حلولا عملية لإنهاء هذه المأساة، بما يحقق ردع المعتدين وكف أيديهم، كما يجب على الدول الإسلامية الغنية، أن تقدم المساعدات المادية في شهر رمضان الحالي، فالأهالي هناك يصرخون جوعا..
من المؤكد أن مسلمي “الروهنجيا” معرضون للإبادة، خاصة في ظل سلسلة من التعذيب الممنهج الذي تتبعه الحكومة “البورمية”، والتي تتستر بغطاء دولي لا يحرك ساكنا حيال هذه الكارثة الإنسانية، بل إن بعض وسائل الإعلام الغربية لا تتوقف عن الثناء على الحكومة وما تحقق من إنجازات تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وكأن مسلمي “الروهنجيا” قد حكم عليهم بأنهم ليسوا بشرا كسائر البشر.