وكالة أنباء أراكان ANA: (د. ب. أ)
كان سيد قاسم يعلم جيداً أنه سيموت لا محالة، وذلك في اليوم الخامس من رحلته بالبحر على متن زورق صغير طوله خمسة أمتار، وبصحبة عشرة رجال مكدسين داخله.
وأبحر الرجل من إندونيسيا على أمل أن يصل إلى أستراليا من أجل الحصول على حياة أفضل لزوجته وأطفاله الأربعة، الذين ظلوا عالقين داخل مخيم مؤقت للاجئين في ماليزيا.
ولم يكن أمام قاسم أي مستقبل بالمخيم؛ حيث انتظر بلا جدوى لمدة 17 عاماً أن يستقر به الحال في أستراليا أو أية دولة أخرى.
وقال قاسم: «كان يتعين عليّ أن أفعل ذلك من أجل أطفالي، واضطررت لمحاولة عبور البحر إلى استراليا حتى يستطيع أطفالي الحصول على التعليم ويكون لديهم مستقبل، فليس هناك مستقبل في المخيم، ونحن كلاجئين ننتظر لعشرين أو ثلاثين عاماً، ولكن من أجل ماذا؟».
وأضاف: «إنني أريد أن أُدفن بالأرض.. لا أريد أن تصبح جثتي طعاماً للأسماك، ولكن يجب علي المحاولة من أجل أطفالي».
وأوضح قاسم أن السلطات العسكرية بميانمار اعتقلته وهو بعمر 18 عاماً وقامت بتعذيبه لمحاولته إقامة مدرسة لتعليم أبناء الروهنجيا، حيث لم تكن هذه السلطات تريد أن تصبح الأقلية المسلمة متعلمة وتخرج من دائرة الفقر.
وهرب قاسم إلى تايلاند ثم إلى ماليزيا، ولكنه شعر بأنه وقع في مصيدة، وعمل منسقاً لصالح المفوضية العليا للاجئين داخل مخيم يأوي 17 ألفاً من لا جيء الروهنجيا ينتظرون بلا نهاية أن يتم توطينهم.
وعثر قاسم داخل المخيم على زوجة وأنجب منها أربعة أطفال، وقال: «لم يكن لدينا أي شيء في المخيم الماليزي، لا مستقبل ولا تعليم ولا حقوق ولا مواطنة». واستطاع قاسم بصعوبة جمع تسعة آلاف رينغت ماليزي (2329 دولاراً)، ودفع بالاشتراك مع تسعة أصدقاء له مبالغ مالية لشبكة تهريب البشر لإدخالهم إلى أستراليا.
وأضاف: «الأمر كان مخيفاً للغاية، وكان الماء يندفع إلى داخل الزورق طوال الوقت، وتعطل المحرك وانحرف الزورق عن مساره، وبدأ الزورق في التحطم، وبعد ذلك رأينا طائرة تحلق فوقنا والتقطتنا سفينة تابعة للبحرية الأسترالية وأنقذتنا من الموت».
وأمضى قاسم 20 شهراً داخل مراكز الاحتجاز الأسترالية منتظراً قبوله كلاجئ.
ويتذكر قائلاً: «إنهم يعلمون أن كل الروهنجيا لاجئون، ولكنهم كانوا يريدون أوراقاً ثبوتية الأمر الذي استغرق وقتاً طويلاً للغاية».
وفي 2012 وبمساعدة أحد المحسنين الذي رعاه تم السماح لقاسم بالاستقرار في أستراليا كلاجئ، وبعد أربعة أعوام من شروعه في الرحلة الخطرة تم إعادة لم شمل الأسرة بانضمام زوجته وأطفاله الأربعة إليه في سيدني.