وكالة أنباء أراكان ANA: (العرب)
إقصاء المسلمين من الانتخابات في ميانمار يشكل اعتداء على الحقوق الكونية للإنسان وأحزاب سياسية تندد بالعنصرية وتنادي بالمواطنة.
الأغلبية البوذية في ميانمار لا تسعى إلى تجاوز الصراعات الدينية التي أشعلت فتيلها مجموعات متعصّبة من البوذيين قبل سنوات. بهذه الصيغ، أكد العديد من المسلمين في ميانمار أنهم يتعرضون إلى حملة من الإقصاء والتمييز ضدهم وصلت حد المطالبة باستقلال ولاية أراكان ذات الأغلبية البوذية. وما زاد الأمر تعقيدا، هو منع المسلمين من المشاركة (بالتصويت أو الترشح) في الانتخابات المنتظرة بعد أيام معدودة في ميانمار.
وقد دعت حركة بوذية متشددة في ميانمار مؤيديها من البوذيين في ولاية أراكان إلى التصويت على المطالبة بحكم ذاتي لهم في الولاية “للحيلولة دون استيلاء المسلمين عليها”. وقال نان دا باثا، زعيم حركة ما باثا القومية المتطرفة، “إن الانتخابات المنتظرة في الثامن من نوفمبر الجاري ستكون حاسمة لضمان أن تكون ولاية أراكان محافظة على ديانتها البوذية”.
ولم تتوقف تصريحات نان دا باثا عند الدعوة إلى انفصال ولاية أراكان عن الدولة واهتمامها بمسألة وجود المسلمين في الإقليم، وإنما ألقى الزعيم المتطرف باللوم على الحكومة التي قال عنها إنها “فشلت في الحفاظ عليها وتركت المسلمين يستولون على الولاية”.
وقال نور الإسلام، وهو أحد زعماء حركة المواطنة في ميانمار، إن البوذيين الذين ينادون الآن بضرورة إبعاد الأقلية المسلمة من إقليم أراكان “يمسكون بمنابع الثروة في كامل البلاد، وهم المسيطرون على القطاعات الاقتصادية الحيوية ومراكز النفوذ السياسي والتشريعي”، مضيفا أن قطاع الزراعة الذي يمثل 70 بالمئة من الاقتصاد يسيطر عليه البوذيون بنسبة 60 بالمئة والباقي لمستثمرين أجانب وأقلية من المسلمين. كما أكد أن نسبة البطالة في البلاد تفوق الـ5 بالمئة، “تقريبا كلها من المسلمين”. وأشار نور الإسلام إلى أن الصناعة في ميانمار المرتكزة أساسا على صناعة الخشب والنحاس والقصدير والإسمنت، كلها صناعات تعود إلى رؤوس أموال أصحابها ضباط سامون في الجيش الذي يسيطر على الدولة، وكل هؤلاء الضباط هم من البوذيين.
وزعم نان دا باثا أن “شعب راخين (راخين هم العرقية التي تتبنى الديانة البوذية وتسعى إلى تصفية ولاية أراكان من المسلمين والاستحواذ عليها) يحتاج إلى إدارة خاصة، وليس إلى إدارة الحكومة المركزية، مشيرا إلى أن “البلاد تغيرت بالفعل، ولكن معظم الناس لا يرون أي تغيير لأن الطبقة الحاكمة لا تزال في حاجة إلى تغيير”. وشدد نان دا باثا على ضرورة “وقف انتشار الإسلام في المنطقة، ومنع المسلمين من توريث الأرض إلى أجيالهم القادمة”، على حد قوله.
ويقول تقرير للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من ألفي شخص تعرضوا للتشرد منذ سنة 2012 بسبب العنف الطائفي في الدولة، ومعظم الضحايا هم من المسلمين. وقد وعدت الحكومة بإجراء تحقيق شامل، إلا أن أجهزتها عجزت عن الوصول إلى نتائج بسبب تواطؤ من المسؤولين. وأدان ممثلون عن مختلف الأديان والأقليات الجرائم التي يتعرض لها المسلمون في جمهورية اتحاد ميانمار.
وقال التقرير إن الأقليات في جميع أنحاء العالم تتمتع بحقوق متساوية مع الأغلبية التي تعيش معهم من حيث طريقة حياتهم وفقا لمعتقداتهم وتقاليدهم وثقافتهم في حين أن الغالبية ينبغي ألا تستغل حقوقها ويتم تضييق الطريق عليها نحو حرية الحركة. وأضاف أن الإبادة الجماعية للمسلمين في ميانمار تشكل تهديدا خطيرا للسلام العالمي وانتهاكا لحقوق الإنسان.
ومن جهته، ندد رئيس المؤتمر العام باتحاد الروهنجيا بأراكان طاهر محمد سراج بالدعوات العنصرية التي تنادي بها الجماعات البوذية المختلفة، مؤكدا أن الإسلام لا يمثل أي خطر على الديانة البوذية في ميانمار مثلما تقول الجماعات البوذية، لا من ناحية انتشار الإسلام أو الخوف من اعتداء محتمل منهم. وقال سراج “إن البوذية تمثل في ميانمار الأغلبية الساحقة، ومع ذلك تصر بعض الأصوات على أنها في خطر، وهذا لا يمكن تصديقه، وأرى أن ذلك حركة سياسية تستخدم الدين لأغراض سياسية”.
وتعد حركة ما باثا حركة قومية متشددة تقول إنها تسعى إلى حماية الديانة والعرقية البوذية، ويعد الراهب البوذي ويراثو أحد أشهر أعضاء هذه الحركة، وله تصريحات عنصرية ضد مسلمي الروهنجيا وأنشطة تدعو إلى طردهم وإبادتهم من ولاية أراكان.
وأوردت تقارير صحفية ميدانية أن الانتخابات التي تنتظرها ميانمار في الأيام القليلة القادمة تعد مناسبة للوقوف على التمييز الديني والعنصري الذي يحدث في البلاد. وقالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن المسلمين يشكلون 5 بالمئة من إجمالي مجموع السكان البالغ 51 مليون نسمة، ومع ذلك يقع تغييبهم كليا في بطاقات الاقتراع سواء للحزب الحاكم أو المعارضة. ونقلت عن حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية أن الحزب “أجبر على رفض ترشح المسلمين بسبب الضغوط التي تعرض لها من قبل الحركة البوذية المتشددة التي تزداد قوة في البلاد”.
وقالت وين مياميا، نائبة رئيس حزب الرابطة الوطنية للديمقراطية، “إن أكثر من مليون مسلم روهنجي من غرب ميانمار أصبحوا بلا دولة ولم يعد بإمكانهم التصويت”.
وأكدت أن البلاد الآن بحاجة فعلية إلى الكفاءات “المنتظر منها القيام بإصلاحات عميقة خاصة في الاقتصاد، لكن التمييز الديني والعنصري يحول دون استغلال كفاءات ميانمار من أجل الصالح العام”.