وكالة أنباء أراكان ANA | جريدة الشبيبة
«الفرار من الجحيم».. مشهد يومي لمسلمي الروهنغيا الذين يتعرّضون لأشد أنواع الاضطهاد والإبادة في ظل غياب قضيتهم عن منظمات العالم «المتحضر» وحتى عن عناوين وكالات الأنباء رغم بشاعة مأساتهم وهول ما يلاقونه من اضطهاد.
مأساتهم عبّر عنها أحد الأطفال بعدما شاهد أخاه الطفل الصغير يموت أمام عينيه بلا ذنب جنته يداه البريئتان.
سؤال لا يجد الإجابة
مع تجدد فرار مسلمي الروهنغيا نحو بنغلاديش هرباً من العنف، ظهرت قصة هذا الطفل، ويدعى محمد شوهايت، والذي مات ولم يكمل عامه الثاني بعد، إذ غرق أثناء هرب عائلته بحراً.
ورغم التشابه الكبير بين الصورة، وصورة الطفل إيلان كردي التي أثارت غضباً عالمياً، لم تلقَ تلك الصورة ذات الاهتمام العالمي على الأقل إعلامياً.
في تصريح لزافور علام، والد الطفل، لشبكة CNN، قال: «في القرية التي كنا نعيش فيها، فتحت مروحيات الجيش النار علينا، كما تعرّضنا لنيران الجنود أيضاً، ولم نستطع البقاء في منزلنا، فهربنا للاختباء في الغابة».
وأضاف: «لقد حرقوا جدي وجدتي حتى الموت. القرية بالكامل حرقها الجيش. لم يتبقَ أي شيء».
يقول علام إنه هرب وأسرته من القرية، وأنهم تحركوا سيراً على الأقدام لستة أيام متتالية، في محاولة للهروب من الجيش. وانفصل علام عن عائلته أثناء الرحلة ليعبر نهر الناف الذي يمر في ميانمار وبنغلاديش، إذ بدأ يسبح في النهر إلى أن ساعده صيادون بنغاليون، وأدخلوه عبر الحدود البنغالية، ليبدأ محاولته لإيصال أسرته لبر الأمان.
سمعت صوته للمرة الأخيرة
يقول علام: «تواصلت مع رجل يملك قارباً، وطلبت منه مساعدة زوجتي وأبنائي لكي يعبروا النهر، وكانوا في الانتظار على الجانب الآخر. بعد ذلك، اتصلت بعائلتي في الرابع من ديسمبر الفائت، وكانوا في انتظار مغادرة ميانمار في أقرب فرصة. سمعت صوت طفلي للمرة الأخيرة، بينما كنت أتحدث مع زوجتي، وكان يناديني عبر الهاتف».
بعد ساعات قليلة من هذه المكالمة، بحسب ما ذكره موقع شبكة CNN، بدأت محاولة أسرة علام للهرب من جحيم ميانمار. يقول علام: «عندما استشعرت الشرطة أن هناك من يجهزون لعبور النهر، فتحوا النيران عليهم، وهو ما دفع صاحب القارب للتحرّك بسرعة، بينما يقل عدداً كبيراً من الناس هرباً من نيران الشرطة. كان المركب يحمل عدداً أكثر من اللازم، ثم غرق».
بعد ذلك بيوم واحد، عرف علام بما حدث، بعد أن اتصل به أحدهم ليخبره أن ابنه قد مات، والتقط صورة له وأرسلها لعلام، الذي كان عاجزاً عن الكلام حينها.
لم يستطع علام الاستجابة لطلب طفله البالغ من العمر سبعة أعوام حينما أراد رؤية أخيه الأصغر، ولا الإجابة عن تساؤلاته بعدما علم بموته… لماذا يفعلون هذا بنا؟
وبحسب شبكة CNN، فما حدث لأسرة علام هي قصة متكررة تحدث مع الكثير من عائلات الروهنغيا أثناء محاولة عبور النهر للوصول إلى بنجلاديش، إذ تصل أعداد من عبروا ذلك النهر بحسب منظمات الهجرة الدولية، إلى أكثر من 34 ألف شخص خلال الأشهر الأخيرة فقط، فيما تظل أعداد من غرقوا في النهر غامضة.
من هم الروهنغيا؟
الروهنغيا هم مجموعة عرقية مسلمة، في دولة ميانمار ذات الأغلبية البوذية. ويرفض بعض سكان ميانمار الاعتراف بهذا الأمر، أي بكونهم يشكلون مجموعة عرقية مميّزة داخل ميانمار، إذ يدّعون بدلاً من ذلك أن الروهنغيا ينحدرون من أصل بنغالي ووجودهم داخل ميانمار ما هو إلا نتاج لحركة الهجرة غير الشرعية. أما الروهنغيا أنفسهم فيؤكدون أنهم من سكان ما قبل الاستعمار في ولاية راخين ( أراكان) بميانمار.
يواجه الروهنغيا عنفاً مستمراً، كما يعانون من انعدام احتياجاتهم وحقوقهم الأساسية كالحصول على الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل، حيث يعيشون في مناخ من التمييز العنصري؛ نظراً لرفض ميانمار الاعتراف بهم كمواطنين.
فرار 22 ألفاً خلال أسبوع
قالت مجلة «تايم» الأمريكية إن ما يقرب من 22 ألفاً من مسلمي الروهنغيا قد عبروا الحدود إلى بنجلاديش بعد هروبهم من الاضطرابات في ميانمار «بورما» خلال الأيام السبعة الفائتة، ليصبح بذلك إجمالي من وصلوا بنغلاديش أكثر من 65 ألفاً منذ أن أطلق الجيش الميانماري عمليات ضد المجموعة المضطهدة في أوائل أكتوبر الفائت.
وقد فرت موجات عديدة من المدنيين الروهنغيا من البلاد منذ هذا الحين، ووصل كثيرون إلى بنجلاديش بقصص مروّعة يقولون فيها أن الجيش الميانماري ارتكب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان مثل الاغتصاب الجماعي والقتل غير القانوني في المنطقة التي يجري فيها العملية.