وكالة أنباء أراكان ANA | الأهرام
طالبت منظمة التعاون الإسلامي خلال الاجتماع الذى دعت إليه ماليزيا منذ أيام المجتمع الدولي بالتدخل لمنع مزيد من العنف ضد أقلية الروهنغيا وغالبيتهم العظمى من المسلمين في ميانمار. وقال سيد حامد البار المبعوث الخاص للمنظمة إلى ميانمار إن الصراع في ولاية أراكان دفع ما يقدر بنحو ٦٦ ألفا للفرار إلى بنغلاديش منذ اندلاعه في التاسع من أكتوبر الماضي .
لكن ما هي حقيقة ما يحدث في ميانمار ، وهل هو صراع ديني يدفع ثمنه المسلمون أم صراع عرقي تاريخي له أسباب كثيرة، ويدور في منطقة تعاني من الفقر والجهل والمرض وانعدام لغة الحوار عرقا، وهل لهذا الأمر علاقة بمرحلة الانتقال السياسي التي تمر بها البلاد ؟
تساؤلات كثيرة عن الصراع في ميانمار، لم تجد إجابات شافية في معظم وسائل الإعلام لصعوبة التحقق مما يحدث، وقد كشفت جلسات ورش العمل المغلقة التي عقدت وشارك فيها مسلمون ومسيحيون وبوذيون وهندوس وآخرون من ميانمار ـ
خلال مؤتمر نظمه مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في القاهرة مؤخرا، عن حقائق كثيرة توضح طبيعة الصراع وعلاقته بالأوضاع الاقتصادية والتعليمية والسياسية هناك، وسبل التوصل إلى حل له .
وجمهورية اتحاد ميانمار «بورما» هي شبه جزيرة جنوب شرق آسيا، ويبلغ عدد سكان دولة ميانمار ٥٤ مليون نسمة يؤمن ٩٠% منهم بالبوذية، ويؤمن ٤% بالمسيحية بينما يدين ٤% بالإسلام، و١% يعتنقون الهندوسية ، ويعيش نصف المسلمين في ولاية (أراكان) والنصف الآخر يعيشون متفرقين في ١٣ منطقة مختلفة أخرى في ميانمار. وتعترف ميانمار بالبوذية والمسيحية والإسلام والهندوسية كديانات رئيسية بالإضافة إلى الاعتراف بالعبادة الروحانية.
ويتواجد المسلمون في الدولة، جنبًا إلى جنب مع الديانات المختلفة الأخرى وفقًا لروايات المؤرخين، منذ ما يزيد على 1000 عام، وهناك بعض الأدلة على هجرة نسبة قليلة من المسلمين في وقت الاحتلال البريطاني من 1824 وحتى 1948 من شبه القارة الهندية والصين ولا يزال أحفادهم يعيشون في ميانمار.
والصراع الحالي هناك والذى يتحدث عنه الجميع يجرى في ولاية أراكان، هي ولاية غالبيتها من مسلمي الروهنغيا ويعيش غالبية المسلمين في الجزء الشمالي من الولاية وتعيش الأقلية الأخرى في الجزء الأوسط والجنوبي.
وفي عام 1983، أسهمت أفكار الأحزاب السياسية في تحريض الأفراد على العنف جنوب غرب البلاد، بيد أنها لم تصل إلى الجزء الجنوبي من ولاية أراكان لكن خلال الفترات الانتقالية نحو الديمقراطية ،بدأت الأحزاب السياسية تبث خطابات الكراهية علنًا، وبلغت أعمال الشغب الدينية ذروتها عام ٢٠١٢، مما أشعل فتيل الأزمة .
وقد كشفت جلسات ورش العمل المغلقة بمؤتمر حكماء المسلمين التي تولى تنسيق العمل بها الدكتور كمال بريقع عبدالسلام منسق عام ورش ملتقى ميانمار، عن بعض الحقائق حول الأسباب الحقيقية للصراع في ولاية أراكان، يمكن أن تصبح أساسا لخارطة طريق مستقبلية لحل هذا الصراع ، ومنها:
أولا: من الناحية الاقتصادية تعتبر ميانمار إحدى الدول النامية في العالم، وتُعد ولاية أراكان ثاني أفقر ولاية في البلاد، دخل، ، ولذلك من الضروري تحسين وضع الطبقات الدنيا .
ثانيا: ضرورة توافر التعليم والمعرفة الكافية لدى المجتمعين المتصارعين في ولاية أراكان، حيث يعتبر إهمال التعليم من المشاكل التي أدت إلى اندلاع الصراع، إذ لا يوجد بإقليم أراكان سوى تعليم ديني واللغة يتم تعلمها في دور العبادة.
ثالثا : ضعف القوانين والتشريعات، وازدياد حدة الكراهية في ميانمار، لا سيما في أراكان، ومن ثمّ يقوم المتطرفون من الطرفين باستغلال هذه المسألة.
رابعا : بعض الأطراف ترى أن الروهنغيا ليسوا من سكان ميانمار الأصليين ودخلوها كمهاجرين غير شرعيين خلال الاحتلال البريطاني، وهناك خلاف كبير حول هذا الموضوع، لذلك تعترف الدولة رسميا بالإسلام كأحد الديانات الرئيسية لكن لا تعترف بمسلمي الروهنغيا، وهناك تعصب عرقي كبير تجاهه .
كما أورد المشاركون في تلك الحلقات النقاشية ملاحظات مهمة منها، أنه تم إطلاق إذاعة هي الأولى من نوعها في ميانمار لتعليم اللغة البورمية للمسلمين الذين لا يعرفون هذه اللغة، وهى اللغة الرسمية في البلاد، واللغة المستخدمة في المدارس والجامعات .
وعندما عرضت ورش العمل بعض نماذج التعايش في ماليزيا والصين كنموذج يمكن تطبيقه في ميانمار، كان رد معظم المشاركين أنه من الصعب تطبيق ذلك لأن ميانمار بها عدة ولايات وكل ولاية بها ديانات وعرقيات مختلفة تصل إلى ١٣٥ جماعة عرقية مختلفة، كما أن هناك استقرارا منذ سنوات طويلة في الصين وماليزيا وحسن إدارة للموارد الطبيعية وهذا لم يحدث في ميانمار حتى الآن .
وكانت إحدى المشاركات وهى مسيحية تعمل في وزارة الخارجية بدولة ميانمار قد أشارت إلى أن الحكومة تؤكد على أهمية هذه القضية وضرورة أن تكون وسائل الإعلام صادقة وأن تكون هناك لجان تعمل على تحقيق السلام في البلاد. وهناك بالفعل لجان تعمل برئاسة السكرتير العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي آنان لتقصي الحقائق .