وكالة أنباء أراكان ANA | الحركات الإسلامية
تواصل حكومة ميانمار “بورما” انتهاكاتها الإنسانية ضد مسلمي الروهنغيا، وسط خذلان دولي تجاه عمليات التطهير العرقي الذي تنتهجه حكومة مستشارة رئاسة الدولة في ميانمار والحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سو تشي.
ومع ارتفاع حجم الاضطهاد الذي يتعرض له مسلمو ميانمار (الروهنغيا)، باتت ورقة التوطين الحل الأخير لإنقاذ مسلمي (الروهنغيا)، من براثن الاضطهاد الديني والعرقي في ميانمار.
اضطهاد منهجي:
ومطلع شهر فبراير الجاري، نشر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تقريرًا استند إلى إفادات 220 شاهد عيان (ضحية)، هربوا إلى بنغلاديش، حيث ذكر التقرير أن “قوات الأمن في ميانمار ارتكبت جرائم قتل واغتصابات جماعية بحق مسلمي الروهنغيا”.
ففي الثامن من فبراير الجاري، ذكر مسؤولان تابعان للأمم المتحدة، معنيان بشؤون اللاجئين الروهينغيين، مقتل أكثر من ألف شخص من “الروهنغيا” على مدار الأربعة أشهر الأخيرة جراء هجوم لجيش ميانمار، وفرار نحو سبعين ألف شخص على الأقل إلى بنغلاديش، في أعقاب تصاعد الأزمة في إقليم “أراكان” شمال غربي ميانمار.
وقد شهد إقليم أراكان في بعمليات اضطهاد عنيفة ضد مسلمي الروهنغيا في شهر أكتوبر 2016؛ حيث يعيشون في ظل ظروف أشبه بالتفرقة العنصرية، فهم محرومون من حقوق المواطنة، وتلاحقهم الأغلبية البوذية في البلاد على اعتبار أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنغلاديش.
فضلاً عن البيانات الصادرة عن مسؤولي الأمم المتحدة، أفاد تقرير صادر عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بوقوع العديد من حوادث القتل الجماعي والعنف الجنسي في حق مسلمي الروهنغيا والتي تصنف بأنها جرائم ضد الإنسانية، في حين صرحت وزيرة الخارجية ورئيسة حكومة ميانمار “أونغ سان سو كي” بأن حكومتها ستحقق في تلك المزاعم الواردة في التقرير التي نفتها في بادئ الأمر.
“الروهنغيا” هي إحدى القوميات العِرقية التي تسكن غربي بورما، تعتبرهم الأمم المتحدة أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم فهناك العديد منهم قد فر ويعيشون كلاجئين في مخيمات في بنغلاديش المجاورة وعدة مناطق داخل تايلاند على الحدود مع ميانمار.
يذكر أن عشرات الآلاف من الروهنغيا يعيشون في بنغلاديش بعد أن فروا من ميانمار ذات الأغلبية البوذية منذ أوائل التسعينيات، وزادت أعدادهم بما يقدر بنحو 69 ألفا في إثر تعرضهم لحملة قمع واسعة بإقليم أراكان شمال ميانمار في الأشهر القليلة الماضية، حيث قتل جيش ميانمار نحو ألف روهنغي.
مشاريع التوطين:
من جانبه كشف مسؤول كبير في مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن المفوضية طلبت من بنغلاديش السماح لها بالتفاوض مع الولايات المتحدة وكندا وبعض الدول الأوروبية لإعادة توطين نحو ألف من المنتمين لأقلية الروهنغيا المسلمة يعيشون في البلاد.
وقال ممثل المفوضية في بنغلاديش شينجي كوبو، في مقابلة صحفية إن المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سيسعى لإعادة توطين الأشد احتياجا على الرغم من تزايد الرفض في بعض الدول المتقدمة، خاصة الولايات المتحدة تحت حكم الرئيس دونالد ترمب.
وأضاف كوبو أنه تم تحديد ألف من لاجئي الروهنغيا لهم الأولوية في إعادة التوطين لأسباب طبية، أو لأنهم انفصلوا عن أفراد عائلاتهم الذين يعيشون في الخارج، مشيرا إلى أن إعادة التوطين ستظل تحديا لأن المجتمع الدولي يخصص عددا صغيرا من فرص إعادة التوطين في الوقت الحالي، وأن مهمة المفوضية محاولة التشاور مع الدول المعنية بناء على الاحتياجات الإنسانية لهؤلاء الأفراد.
تحفظ بنجلاديش:
من جانبها رفض بنغلاديش اقتراح توطين الروهنغيا، قائلاه :إنها لم يعد بوسعها استقبال أعداد أكبر من لاجئي الروهنغيا الفارين من ميانمار، مضيفة أنها لن تغلق حدودها في وجه النساء والأطفال وكبار السن.
واعتبر إتش تي إمام -وهو المستشار السياسي لرئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة- اقتراح إعادة التوطين بأنه “غير واقعي”، مشيرا إلى إحجام الولايات المتحدة وأوروبا عن استقبال المزيد من اللاجئين المسلمين.
رفض التعاون الاسلامي:
كما رفض مبعوث منظمة التعاون الإسلامي إلى ميانمار حامد البار، إعادة توطين مسلمي الروهنغيا في عددا من الدول الاسلامية، مطالبا بوقف عمليات التطهير العرقي في ميانمار ومحاكمة المسؤولين.
ورفض البار، الحل باتجاه ترحيل الروهنغيا إلى الدول الإسلامية ودول آسيان المستعدة لاستقبالهم “لأننا بذلك سنشجع الحكومة في ميانمار على المضي بالتطهير العرقي لذا لابد أن يبقوا هناك”.
وقال إن الذين تركوا البلاد قامت كثير من الدول بمساعدتهم وإيوائهم، بل وأصدرت لهم ماليزيا هويات وسمحت لهم بالعمل، لكن الحاجة الآن أصبحت أكبر لحلول تناسب كل بلد حسب ظروفه.
واعتبر أن الخطوة التالية هي أن تقرر هذه الدول التي تضم جاليات الروهنغيا ما تريده لهم مستقبلا، حتى لو قررت تهجيرهم إلى بلاد أخرى “الضرورة الآن هي إيجاد حل جذري بدل تركهم هكذا بلا أمل ولا فرص عمل”.
وأوضح البار “اتخذنا الخطوة الدبلوماسية والتأييد السياسي اللذين ترجما إلى إرسال منظمة التعاون الإسلامي وفدا وزاريا عام 2012 إلى ميانمار من أجل التوقيع على مذكرة تفاهم، تعهدت ميانمار بموجبها بالسماح بافتتاح مكتب، والمهم الآن هو أننا قد انتقلنا إلى مرحلة متقدمة”.
وقال إنه يجري التواصل المستمر مع الحكومة والفرقاء السياسيين ومراكز صنع القرار هناك “لم نهدأ ولكن بعد 2012 ساد نوع من الصمت، وعلى الأمم المتحدة أن تتبنى مشروع قرار للتدخل في ميانمار وفضح انتهاكاتها للقانون الدولي”.
ختاما يبدو أن إعادة التوطين أصبح الحل الأخير في مواجهة انتهاكات حكومة ميانمار التي تنتهج عملية تطهير عرقي فيما يكتفي المجتمع الدولي بالإدانة، ووسط خذلان من الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي.