وكالة أنباء أراكان ANA | قناة الإباء الفضائية
كانت زعيمة ميانمار أونغ سان سوتشي تشارك في مراسم تسمية زهرة أوركيدا باسمها في حدائق النباتات في سنغافورة ، عندما كان الآلاف من أبناء طائفة الروهنغيا المسلمة في ميانمار يفرون عبر الحدود النهرية إلى بنغلاديش من بطش الجيش والقوات الأمنية.
العملية العسكرية التي شارك فيها نحو 2000 جندي على مدى أسبوعين في شهر تشرين الثاني نوفمبر 2016 ، لطرد المسلمين في ولاية أراكان غرب ميانمار، وأسفرت عن تهجير 65 ألف مسلم من قراهم ومطاردتهم إلى الحدود مع بنغلاديش، قد خيبت آمال المسلمين الروهنغيا، التي كانت معقودة على أونغ سان سوتشي منذ فوز حزبها في الانتخابات في أواخر عام 2015، فقد كان الكثيرون يأملون أن تفتح سوتشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام عهدا جديدا من التسامح بعد الحكم العسكري الذي استمر خمسة عقود.
مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أكد في تقرير له أن قوات الأمن في ميانمار ترتكب جرائم قتل واغتصاب جماعي بحق مسلمي الروهنغيا وتحرق قراهم منذ تشرين الأول أكتوبر في حملة من المرجح جداً أن تصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية وربما التطهير العرقي.
وذكر المكتب في تقريره أن شهود عيان تحدثوا عن قتل رضع وأطفال صغار ونساء ومسنين وفتح النار على أناس يلوذون بالفرار وحرق قرى بأكملها واحتجاز جماعي واغتصاب جماعي وممنهج وعنف جنسي وإتلاف متعمد للغذاء وموارد الطعام.
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين قال في بيان له إن الوحشية المروعة التي تعرض لها أطفال الروهنغيا لا تحتمل ومن المرجح أن تكون عمليات التطهير في المنطقة قد أسفرت عن مقتل المئات.
البعض حاول تبرئة سوتشي من الجرائم التي ترتكب ضد مسلمي الروهنغيا، عبر تحميل جنرالات الجيش في ميانمار مسؤولية قتل المسلمين ، إلا أن دفاع سو كي عن جرائم الجيش وتبريرها بل وتحميل المسلمين مسؤولية الفظائع التي ارتكبت ضدهم، أثار العديد من علامات الاستفهام حول مصير مسلمي الروهنغيا في ظل حكومة سوتشي صاحبة جائزة نوبل للسلام.
الملفت أنه في الوقت الذي كان الجيش يستخدم سياسة الأرض المحروقة في غرب ميانمار ويقتل ويشرد المسلمين ، اتهمت سوتشي في مقابلة مع التلفزيون السنغافوري المجتمع الدولي بالعمل دائما على إشعال نيران الاستياء، وقالت إنه ليس من المفيد أن يركز الجميع على الجانب السلبي للوضع فقط، ودعت إلى تفهم التعقيدات العرقية في بلادها، وأضافت إن على العالم ألا ينسى أن العملية العسكرية كانت ردا على هجمات متمردي الروهنغيا على المواقع الحدودية.
واقف سو كي الداعمة والمبررة لجرائم الجيش ضد مسلمي الروهنغيا، جاءت مخيبة أيضا لآمال بعض المدافعين عنها من الغربيين ، الذين كانوا يبررون صمت سوتشي إزاء المجازر التي يتعرض لها الروهنغيا، عبر التأكيد على أن الدستور الذي صاغه العسكريون يضع العراقيل أمام سوتشي ويجعل الجيش مسيطرا على الوزارات الأمنية الرئيسية وجانب كبير من جهاز الدولة.
معاناة الروهنغيا في ظل حكم العسكر منذ عام 1962 لم تخفف في ظل حكومة سوتشي ، فالحاكمان يعملان على استهداف الروهنغيا كونها القومية المسلمة الوحيدة التي تعيش في منطقة جغرافية واحدة في غرب البلاد ، لذلك سعى الحكام العسكريون ومن ثم الديمقراطيون منذ أكثر من خمسة عقود وإلى الآن، من خلال إذكاء النعرات الطائفية وتجييش جماعات من الرهبان البوذيين المتشددين، لتغيير الواقع الديموغرافي في تلك المنطقة وتقليص أعداد الروهنغيا عبر التهجير القسري والاضطهاد بكل أصنافه.
ما كان بإمكان السلطات في ميانمار أن تواصل جرائم التطهير العرقي ضد الروهنغيا ، بهذا الشكل الوحشي ، لو كان المسلمون متحدين ومتضامنين ، ولكن للأسف الشديد وبسبب انشغال المسلمين بقتال الجماعات التكفيرية في العراق وسوريا وفي منطقة الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا بشكل عام ، منذ أكثر من 6 أعوام ، تركت السلطات في ميانمار تنفذ خطتها في ظل الفوضى التي تعيشها معظم الشعوب العربية والإسلامية ، وفي ظل صمت غربي وعالمي مريب.