فرضت سلطات ميانمار حالة الطوارئ اليوم الجمعة في مدينة وسط البلاد لوقف أعمال عنف عرقية بين بوذيين ومسلمين أوقعت أكثر من عشرين قتيلا في ثلاثة أيام. وتسببت المواجهات في نزوح آلاف الأشخاص, معيدة إلى الأذهان أحداثا دامية مماثلة في غربي البلاد العام الماضي.
وبعد يومين من الاشتباكات التي قتل وجرح فيها العشرات, وحرق فيها ما لا يقل عن خمسة مساجد, وعدد غير محدد من المتاجر والمنازل, بدت اليوم شوارع مدينة ميكتيلا أشبه بساحة حرب.
ومع تفاقم المواجهات التي نشبت في الأصل بسبب شجار في السوق بين زوجين بوذيين وتاجر ذهب مسلم, أعلنت السلطات مساء اليوم (بالتوقيت المحلي) فرض حالة الطوارئ في أربع مناطق بالمدينة التي تقع على مسافة 540 كيلومترا إلى الشمال من العاصمة التجارية يانغون.
ويتيح هذا القرار نشر وحدات من الجيش للسيطرة على مثيري الشغب الذين كانوا حتى فرض الطوارئ يجوبون الشوارع مسلحين بالسكاكين والعصي وفقا لشهود وصحفيين.
وقال بيان عن رئاسة البلاد حمل توقيع الرئيس ثين سين إن ما سماها أعمال العنف والإرهاب اتسع نطاقها كثيرا, وهو ما يستدعي مساعدة من الجيش لدعم قوات الأمن التي تحاول السيطرة على الوضع. ووفقا لتقارير أولية, فإن القتلى من الطرفين, ومن بينهم راهب بوذي لقي حتفه في اليوم الأول من المواجهات.
وبينما قدر مسؤول في الشرطة عدد القتلى بعشرين على الأقل, تحدث النائب في البرلمان عن الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بقيادة زعيمة المعارضة أونغ سان سوتشي عن 25 قتيلا, في حين رجح سكان مقتل عدد أكبر بكثير.
دمار ونزوح
وقال شهود في ميكتيلا إن أحياء برمتها دُمرت في أعمال الحرق التي اجتاحت المدينة. وذكرت تقارير أن نحو ستة آلاف شخص في المجمل نزحوا عن المدينة خوفا من تعرضهم للقتل.
من جهته, أكد النائب عن حزب أونغ سان سوتشي أن مئات المسلمين نقلوا إلى مخيمات مؤقتة خارج ميكتيلا خشية استهدافهم من البوذيين الذين يشكلون الأغلبية.
وقال مسؤولون محليون إنه جرى نقل هؤلاء السكان المسلمين إلى ملعب رياضي في المدينة لضمان سلامتهم, في حين لزم سكان آخرون منازلهم.
ووفقا لصحفيين كانوا موجودين في المدينة واضطروا لمغادرتها تحت تهديد مشاغبين بوذيين, فإن النيران كانت لا تزال مشتعلة حتى صباح اليوم في عدد من المباني.
وقالوا إنهم شاهدوا حشودا من البوذيين الغاضبين تجوب الشوارع شبه الخالية, بينما تحدث شهود عن جثث متفحمة. وكانت ولاية أراكان (راخين بالبورمية) غربي ميانمار شهدت العام الماضي أعمال عنف دامية على دفعتين أوقعت 180 قتيلا جلهم من الروهينغا، ودفعت 115 ألفا من هذه الأقلية إلى النزوح.
وأثارت أعمال العنف تلك تعاطفا دوليا واسعا مع الروهينغا التي وصفتها الأمم المتحدة بالأقلية العرقية الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم.
يشار إلى أن سلطات ميانمار لا تقر للروهينغا بالمواطنة، وتعتبرهم لاجئين من بنغلاديش المجاورة. ودفع هذا الوضع مئات من الروهينغا إلى تعريض حياتهم للخطر في البحر للوصول إلى تايلند وماليزيا لطلب اللجوء هناك.
( الجزيرة )