شهدت بورما عودة تدريجية الى الهدوء، بعد التوترات الشديدة التي أدت الى صدامات بين المسلمين والبوذيين في آذار/مارس، حصدت 43 قتيلا، فيما يواجه منذ سنتين التحديات الناجمة عن الانفتاح السياسي وسط مخاوف من القدرة المدمرة لأعمال العنف المعادية للمسلمين التي يقف وراءها زعماء متطرفون من بينهم رهبان بوذيون.
وقتل 13 شخصا بينهم اطفال في حريق اندلع في مدرسة للمسلمين في رانغون، كما افادت الشرطة البورمية الثلاثاء، مرجحة ان يكون الحادث ناجما عن احتكاك في الاسلاك الكهربائية وفقا لوكالة "فرانس برس".
واوضحت الشرطة على صفحتها على موقع فيسبوك، ان الضحايا قضوا إما حرقا وإما اختناقا بالغازات السامة، مؤكدة ان التحقيقات الاولية بينت ان الحريق سببه احتكاك كهربائي.
ومنذ عشرة ايام اندلعت اعمال عنف ضد مواطنين بورميين مسلمين قدم بعضهم احيانا منذ اكثر من قرن من الهند او بنغلادش او الصين.
وسقط 43 قتيلا واحرق العديد من المساجد في منطقة شاسعة بوسط البلاد. وفي حين تناقضت الشهادات حول اندلاع اعمال العنف رجح المراقبون ان تكون وراءها عملية منسقة.
واسفرت مواجهات بين بوذيين من اقلية الراخين الاثنية ومسلمين من اقلية الروهينجا المحرومة من الجنسية عن سقوط اكثر من 180 قتيلا ونزوح 125 الف شخص في غرب البلاد خلال العام 2012.
وامتدت موجة الحقد ضد الاقلية المسلمة الى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفها البعض بانها مجموعة من "المهاجرين غير الشرعيين" و"الحقيرين".
وقال جيم ديلا-جياكوما من مجموعة الازمات الدولية ان "الطريقة المنهجية والمنتظمة التي دمرت بها احياء بكاملها توحي بوضوح بان وراءها استعدادات قامت بها عناصر متطرفة". مضيفا ان "هناك عناصر استفزازية نشطة في البلاد لها اهداف متطرفة معادية للمسلمين، ومن بينهم رهبان بوذيون نافذون".
وعلت اصوات من المجتمع المدني ورجال الدين، تدعو الى الرد على هذا التصعيد في الخطاب الخطير واعمال العنف، التي تعرقل المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية.
وقال ثيت سوي وون، الذي شارك في تنظيم تظاهرة في رانغون "يجب علينا تفادي الخلافات العرقية والدينية" مؤكدا "لا بد من الحؤول دون امتداد الحريق".
وهذا التصعيد ناجم خصوصا عن اعضاء في القيادة البوذية كانوا طيلة عقود في طليعة النضال من اجل الديمقراطية، واصبحوا الان يدعون البوذيين الى الزواج وتعاطي الاعمال فيما بينهم حصرا.
وانتشرت ملصقات صغيرة تحمل الارقام "969" ذات القيمة الرمزية للبوذيين على سيارات الاجرة والمحلات التجارية، التي يفترض بها ان ترفض التعاطي مع الزبائن المسلمين.
ويتحدث الجميع عن رئيس دير ماندلاي اشين ويراثو، الذي يتهم المسلمين باختراق الاحزاب السياسية في البلاد وبتشكيل خطر على البلاد.
كذلك يقول خطاب بث على الانترنت ان المسلمين "سيأخذون بناتنا بأموالهم، سيرغمونهن على اعتناق الاسلام وسيصبح كل هؤلاء الاطفال يشكلون خطرا على البلاد، سيدمرون لغتنا وديننا". وفي بلد ترى فيه الاغلبية البرماوية ان البوذية جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية، يلقى هذا الخطاب تجاوبا.
لكن الرئيس ثين شين اراد، الخميس، في اول خطاب الى الامة منذ بداية الاضطرابات، ان ينأى بنفسه عن ذلك الخطاب محذرا "الانتهازيين السياسيين والمتطرفين المتدينين" بانه "لن يتسامح" مع اعمالهم.
واعتبر الصحافي المستقل ماييل رينو ان الخطاب "شجاع" "وواضح جدا سواء في دعوته الى التسامح او عزمه في عدم السماح بتفاقم الوضع"، منوها إلى ان "هذه اول مرة في بورما يتوجه رئيس بورمي الى الشعب مباشرة ويتحدث عن متطرفين دينيين مستهدفا بوضوح رهبانا بوذيين".
لكن زعيمة المعارضة اونغ سان سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، التي اتهمت مرارا خلال الاشهر الاخيرة بمراعاة طموحاتها الانتخابية، تلزم الصمت بهذا الصدد وبعدما اتخذت موقفا متحفظا في 2012 لم تصدر تصريحا كذلك حول اعمال العنف الاخيرة.
وقال جيم ديلا-جياكوما "حان الوقت كي يواجه القادة السياسيون تحدي التأثير على الرأي العام بدلا من اتباعه"، مؤكدا ان على الزعيمة الحائزة نوبل للسلام ان "تستعد لتقف بشكل نشط لا لبس فيه الى جانب السلام والتسامح".
ومن جهة أخرى وفي اطار التحولات السياسية التي تشهدها البلاد صدرت اربع صحف جديدة الاثنين في بورما للمرة الاولى منذ نصف قرن. وحصلت 16 صحيفة على الضوء الاخضر من السلطات للصدور اعتبارا من الاول من نيسان/ابريل.
لكن اربعا منها فحسب نجحت في الصدور في التاريخ المحدد وهي ذا فويس ديلي (النسخة اليومية لاحدى اكبر مجلات البلاد)، وذا غولدن فريش لاند ديلي، ذا يونيون ديلي (مقربة من حزب الاكثرية) وذا ستاندارد تايم ديلي.
وقال اونغ سو مسؤول ذا فويس ديلي "كنا نستعد منذ ست سنوات لاصدار اليومية". وتابع "اردنا ان نكون جزءا من هذه المرحلة التاريخية".
وكان هذا الموعد منتظرا بترقب في البلاد المتعطشة للمعلومات بعد عقود من الرقابة التي الغيت في اب/اغسطس الفائت. وقالت بائعة الصحف في رانغون فيو فيو "الناس سعداء بقراءة الصحف اليومية للمرة الاولى". وتابعت "نفدت اعداد ذا فويس ديلي سريعا".
واممت السلطة العسكرية الصحف اليومية قبل نصف قرن. وحتى الاثنين كانت جميع المنشورات الخاصة اسبوعية وكانت تكتفي بموقعها على الانترنت لتلبية الطلب على المعلومات. لكن منذ إلغاء الحكم العسكري في اذار/مارس 2011 توسعت اصلاحات الحكومة الجديدة لتشمل الاعلام.
( أخبار موسكو )