شهدت الأيام الأخيرة من شهر مارس المنصرم تصاعداً في أعمال العنف ضد مسلمي ميانمار التي استهدفت المساجد والمنازل؛ مما تسبب في وقوع ضحايا جدد من المسلمين هناك. وكانت مصادمات وقعت بين الأقلية المسلمة المضطهدة وبين عدد من مجموعات بوذية مسلحة على خلفية شجار مع أحد التجار المسلمين؛ وهو ما تسبب في وقوع مئات القتلى، وعلى إثر ذلك، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن حقوق الإنسان في ميانمار «توماس أوجيو»: إنه تلقى تقارير عن «ضلوع الدولة» في العنف الذي وقع في الفترة الماضية في «ميختيلا».. وأضاف: في بعض الحالات، فإن العسكريين وعناصر الشرطة وقوات أمن أخرى لم يتحركوا فيما كانت هذه الفظائع تُرتكب أمام أعينهم، بما في ذلك ما قامت به مجموعات بوذية قومية منظمة جداً. إحراق المساجد: واستمراراً للإجرام البورمي، فقد نشرت «وكالة أنباء آراكان»، أن عدداً من البوذيين في ولاية «ماندلاي» بمدينة «ميكتلا» بميانمار قاموا بإحراق عشرات المنازل للروهينجيا المسلمين، وتناثرت أكثر من 100 جثة في الشوارع العامة في أشرس عملية للإبادة والتطهير العرقي بدعم من الرهبان البوذيين، وأكد شهود عيان أن جماعات بوذية متطرفة قامت بحملة شعواء ضد المسلمين الروهينجيا الذين تعتبرهم ميانمار دخلاء، فيما أكدت مصادر أنه تم إحراق أكثر من 17 مسجداً و8 مدارس إسلامية يتعلم فيها أبناء المسلمين، فيما نزح مئات المسلمين الروهينجيا خوفاً على أرواحهم إلى قرى وبلدات نائية، وأفاد مراسل «وكالة أنباء آراكان»(ANA) أن الجيش الميانماري الحكومي كان على دراية بما حدث ويحدث، ولكن لم يتحرك لحماية الروهينجيا، وإنما وقف موقفاً منحازاً للبوذيين. وذكرت بعض التقارير أن مراقبين عبّروا عن قلقهم الشديد حيال الأوضاع في آراكان، حيث نقلت بعض التصريحات عن ناشطين حقوقيين أن هناك مذبحة ثالثة شارفت على الوقوع بحق الروهينجيا في بورما، وذلك في «عيد الماء» الذي يقام سنوياً في بورما في 13 أبريل. توفير الحماية وفي تطور بالغ للإدانة الدولية للأحداث التي تجري ضد مسلمي الروهينجيا في ميانمار، أعرب الرئيس الباكستاني «آصف علي زرداري» عن قلقه العميق إزاء عودة اندلاع المجازر ضد المسلمين، والاعتداء على ممتلكاتهم جراء الاعتداءات العرقية التي تتعرض لها عرقية الروهينجيا المسلمة في بورما من وقت لآخر. ودعا في رسالة بعثها إلى نظيره في بورما «يو ثين سين» إلى ضرورة استخدام كافة الوسائل للوقف الفوري لهذه المجازر، وتوفير الحماية الأمنية لأرواح وممتلكات المسلمين، وأماكن عبادتهم في أنحاء بورما. وكانت المنظمات الرئيسة للمسلمين في بورما قد طالبت رئيس البلاد بحماية فعلية من قوات الأمن في مواجهة العنف الديني.. وقال رئيس مجلس الشؤون الإسلامية «نيونت مونج شين»، في رسالة مفتوحة وجهت إلى الرئاسة البورمية: إن «حياة وممتلكات المسلمين والمساجد والمدارس الدينية في بورما لم تعد في أمان، والوضع مثير للقلق»، وأكدت المنظمات الأربع الموقعة للرسالة أن «هذه الهجمات العنيفة تشمل حرائق متعمدة ومجازر تستحق عقاباً قاسياً»، متهمة قوات الأمن «بالإهمال» وحتى بعدم الاكتراث. كما استنكر وزير الأوقاف والشؤون الدينية «إسماعيل رضوان» قيام البوذيين بحرق عشرات المساجد ومنازل المسلمين في بورما، وطالب في تصريح له لـ«المجتمع» بضرورة محاسبة المجرمين من طائفة «الراخين البوذية» الذين صعَّدوا من هجماتهم ضد أقلية الروهينجيا المسلمة في ميانمار، وذلك بإضرام النيران في عشرات المساجد ومنازل المسلمين، معتبراً ذلك جريمة ضد الإنسانية يجب محاسبة الفاعلين وتقديمهم للمحاكمة الدولية. وناشد «رضوان» أبناء الأمة الإسلامية بالتحرك الفوري والعاجل لإنقاذ المسلمين في بورما الذين يتعرضون لأبشع عملية تطهير عرقي في تاريخ البشرية، مطالباً العالم الإسلامي بتقديم المساعدات لهم لتعزيز صمودهم. وقد دعا الأزهر الشريف الساسة والقادة العرب والمسلمين إلى إرسال قوافل إغاثية لمسلمي ميانمار. دعوات للنصرة وفي رد فعله على ما يجري من أحداث مؤسفة ضد مسلمي ميانمار، أصدر الأزهر الشريف بياناً شدد فيه على ضرورة «حث العلماء للساسة والحكام العرب والمسلمين على اتخاذ موقف حاسم لنصرة مسلمي ميانمار، وتسيير قوافل إغاثية إلى هناك، وهذا يتطلب تعاون الجهات الدولية المسؤولة حتى يُسمح لها بالدخول». واعتبر الأزهر في بيانه أن تسيير قوافل إغاثية إلى ميانمار «هو الحد الأدنى لنصرة هؤلاء الإخوة المضطهدين الذين يعانون من سياسة العقاب الجماعي من غير ذنب اقترفوه». وكان «أكمل الدين إحسان أوغلو»، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الإسلامي»، دعا في كلمته أمام القمة العربية بالدوحة، قادة الدول العربية إلى نصرة أقلية الروهينجيا المسلمة في ميانمار، واصفاً إياها بأنها «أكثر الشعوب اضطهاداً».> استثمارات إيرانية في ميانمار كشفت مصادر أحوازية وآراكانية مطلعة لـ «العرب الآن» أن إيران تستثمر في بورما 200 مليون دولار، وذلك على الرغم مما يتعرض له المسلمون في أقليم آراكان من اضطهاد وقتل جماعي من قبل البورميين البوذيين. وأشارت المصادر إلى أن إيران تستثمر الـ 200 مليون دولار في مجالات الزراعة والصناعات الخفيفة في دولة بورما البوذية المعادية للمسلمين، وهو ما يشكل وصمة عار في جبين الدولة الإسلامية في إيران. وأوضحت المصادر أن الاستثمارات في بورما هدفها تمويل نشاطات «الحرس الثوري الإيراني» في آسيا، حيث إن إيران تعتمد أسلوب الاستثمارات في تمويل نشاطات أذرعها العسكرية والدينية في الخارج بدلاً من التحويل المباشر للأموال، لتبقى في سرية تامة بعيداً عن أعين الدول المستهدفة. وأكد محللون أن الفضيحة الإيرانية الجديدة تكملة لسلسلة ما انكشف سابقاً من النشاطات العسكرية والمدنية المعادية للحرس الثوري الإيراني ومؤسساته في الخارج، خصوصاً وأن الحرس الثوري هو من يطبق حلم دولة «ولاية الفقيه» في التوسع بشتى دول المنطقة. ويشير المحللون إلى أن دولة «ولاية الفقيه» الإيرانية وإن ادعت أنها إسلامية، إلا أنها تتعاون مع البوذيين الذين ارتكبوا جرائم كبيرة ضد المسلمين في أقليم آراكان.
تقرير إخباري: أحمد الشلقامي
مجلة المجتمع – الكويت