وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
في ظل التخاذل الدولي، الذي بدا واضحا بحق مسلمي إقليم ميانمار، وسط الصمت العالمي جراء المذابح التي تحدث على مرأى ومسمع من الجميع وجرائم القتل والإبادة، التي تتعرض لها أقلية مسلمة علي يد متطرفين بوذيين وجيش ميانمار، لم يجد مجموعة من شباب بورما غير الاعتماد على أنفسهم لصد هذه الهجمات، والدفاع عن وجودهم ضد الهجمات التترية التي تحاول استئصالهم من جذورهم، في مطلب شرعي، غير أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بعدما تلقت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لنصرة قضية مسلمي ميانمار العديد من طلبات الالتحاق بهذه الكتائب من العديد من الدول العربية والأوروبية لمشاركتهم القتال ضد المتطرفين البوذيين.
وعلى الرغم من مشروعية موقفهم في الدفاع عن أنفسهم، كما حدث في السابق من قتال الأفغان ضد الروس، أو مواجهة القوات الأمريكية بالعراق، غير أن الأمر لديهم أخذ مسلكا آخر وتشكلت تنظيمات مسلحة تسببت في تهديد لكثير من الدول، وهو ما يخشى تكراره في ميانمار ونجد أنفسنا أمام تنظيم القاعدة أو داعش جديد.
وكان مقتل 3 آلاف مسلم مؤخراً بمثابة تهديد بتفجر الأوضاع داخل تلك المنطقة، التي من الممكن أن تتحول إلى منطقة نفوذ إرهابي جديد على غرار القاعدة وداعش، متخذين من ضخامة الأعداد المقتولة مؤخراً سبيلاً في استقطاب عناصر جديدة من تلك التنظيمات وتحفيزهم على الانضمام في التنظيم الجديد، لرفع المعاناة عن مسلمي تلك المنطقة الذين يعانون الاضطهاد منذ أعوام.
ووفقا لتقارير حكومية صدرت مؤخرا، فإن التعداد السكاني الخاصة بالدين والعرق لعام 2014، الصادر العام الماضي، فإن أعداد المسلمين تراجعت من 2.3%، في حين لم يشمل التعداد حوالي 1.2 مليون نسمة من مسلمي الروهنغيا، لتقدر الأعداد بمليون و147 ألف و495 نسمة، من تعداد سكان البلاد البالغ 51.5 مليون نسمة.
وتشهد ميانمار تصاعدًا في التشدد الديني البوذي، واضطهادًا لأقلية الروهنغيا المسلمة التي تعتبرها الأمم المتحدة الأقلية الأكثر تعرضًا للاضطهاد في العالم، وهم يعتبرون أجانب في ميانمار ويعانون من التمييز في عدد من المجالات من العمل القسري إلى الابتزاز وفرض قيود على حرية تحركهم وعدم تمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، وما الإعلان عن تشكيل جيش إسلامي للدفاع عن مسلمي ميانمار، فإن مقتل نحو 3 آلاف مؤخرا يهدد بإمكانية أن تلجأ التنظيمات الإرهابية والمسلحة في أفغانستان وباكستان والعراق عن نفسها من خلال توجيه عناصرها إلى تلك المنطقة بزعم نصرة الدين.
ورغم جهود الأزهر في محاولة استبيان حقيقة الأوضاع، عقد مجلس حكماء المسلمين مؤتمرا بالقاهرة تحت عنوان “نحو حوار إنساني حضاري بين مواطني ميانمار”، كانت نتائجه مخيبة للآمال، حيث لم يستطع الأزهر إقناع الحكومة الميانمارية في الاعتراف بانتهاكاتها ضد المسلمين، والإعلان عن لقاء آخر ستشهده بورما للوقوف على حقيقة أحداث عن قرب، وهو الأمر الذي ترك الأزهر موعده دون تحديد.
وكشف تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخرا، بعد مقابلة لـ220 من 75 ألفاً من الروهنغيا الذين هربوا إلى بنجلادش، أن قوات الأمن في ميانمار ارتكبت أعمال قتل واغتصاب جماعي بحق الروهنغيا في حملة تصل إلى حد جرائم ضد الإنسانية وربما تطهير عرقي.
الأسبوع الماضي شهد تواصل المعارك ضد المسلمين الروهنغيا في غرب ميانمار، ما أسفر عن 89 قتيلا من الروهنغيا، كما استمرت المعارك العنيفة في “ميوتو جوى” بالقرب من “منغدو” المدينة الكبيرة في شمال ولاية أراكان.
وهو الأمر الذي دفع الأزهر والإفتاء للتنديد بالأمر، ويدعوان إلى تقديم كل سبل الدعم المادي والمعنوي لمسلمي الروهنغيا الذين يتعرضون للتطهير العرقي والإبادة الجماعية من قبل سلطات ميانمار، وأيضاً منع مسلمي الروهنغيا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، مشددين على ضرورة الالتزام بما قررته الشَّرائِع السماوية والقوانين الدولية من حقوق المُواطَنة لِكُل مواطن التي من أهمها المُشاركة في اختيار من يمثلهم في أوطانهم أيًّا كانت دياناتهِم أو مُعتقداتهم.
دكتور رهام عبد الله سلامة، مدرس بكلية الدراسات الإنسانية ومشرف على وحدة رصد اللغة الأردية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، قالت: “بالفعل نحن نتابع كل ما يحدث وقلوبنا تدمي على ما نشاهده من مشاهد عنف وظلم يتعرض لها المسلمون هناك، خاصة وأننا على صلة ببعض الشباب الذين حضروا المؤتمر وينقلون لنا ما يحدث دون مبالغة”.
وأوضحت سلامة، في تصريحات خاصة لـ”الغد”، عقب مؤتمر الأزهر، كان لدينا خطوات عملية، تتمثل في سفر مجموعة من الأزهر الشريف إلى ميانمار، بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين ضمن مبادرة قوافل السلام التي تجول العالم، لنكمل ما بدأناه ولكن حالت الإجراءات الأمنية دون ذلك، مؤكدة أن الأمر ازداد تعقيداً الآن”.
وتابعت في تصريحاتها، الجانب الميانماري طلب بعض الوقت، من ثم تم تأجيل الأمر، معتبرة أن الأمر معقد، خصوصا وأن حكومة بنجلاديش بدأت تستاء من اللاجئين الميانماريين، ولذا فإن الأمر يحتاج لوقفة ليس من الأزهر فقط بل يحتاج إلى موقف دولي لوضع حلول لكافة الأطراف.
وأشارت المشرف على وحدة رصد اللغة الأردية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إلى أن الأزهر يعد مؤسسة دينية، تعليمية ودعوية، وقوة ناعمة، غير أن ما يحدث في ميانمار الآن لا يحتاج لهذه القوة الناعمة، بل يحتاج إلى أصحاب قرار ومال وقوة، ولقد قمنا بتحضير عدد من الرسائل بالانجليزية والعربية للتأكيد على رفضنا لما يحدث.