وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
كشف فرار أكثر من 3 آلاف من مسلمي الروهنغيا في يوم واحد من ميانمار إلى بنغلاديش، كم المعاناة التي تعيشها هذه الأقلية والتعذيب والوحشية التي لا تلقى اهتمام من المجتمع الدولي ولا تثير “قلق” الأمناء العام المتعاقبين للأمم المتحدة، بل ولا توضع على طاولة التفاوض في مجلس الأمن لاتخاذ تدابير لكبح هذا القمع والتعذيب الذي تواجهه.
يضيق المكان يوما بعد يوم على مسلمي الروهنغيا في ميانمار (بورما)، ففي الوقت الذي يتعرضون للقتل والقمع وأشد التنكيل على أراضي بلادهم، تغلق الدول المجاورة حدودها أمامهم، لأنهم ببساطة لا يحملون جنسيتها ولا يريدون أن يكونوا عبئا عليها.
لماذا كل هذا الكره للروهنغيا في ميانمار؟
في تقرير لمجلة “لوبوان” الفرنسية، أوضحت ان الأقلية المسلمة في ميانمار تتعرض لاستهداف من قبل السلطات بل ومن قبل متطرفين بوذيين في البلاد.
بينت المجلة أن الأحياء التي يعيش فيها المسلمون في هذه البلد تحولت إلى خراب، وليس هناك مسجد يمكن القول أنه ليس محروقا أو مدمرا، فهذه الأقلية التي تشكل 4% من الشعب البورمي البالغ عدده 55 مليون نسمة تتجرع المرارة في هذا الوطن الذي يعترف بهم كمواطنين بورميين.
الروهنغيا هم من أصول تجار عرب متنقلين وجماعات أخرى وصلت إلى وسط آسيا والمناطق المحيطة في العصور الوسطى وحاولوا الاختلاط والإقامة مع الشعوب الموجودة، وبالفعل تمكنوا من إقامة أعراق في هذه المناطق.
غير أنهم في نظر حكومة ميانمار، فهم دخلاء على “العرق البوذي”، وترى فيهم مهاجرين غير شرعيين قادمون من بنغلاديش، في الوقت الذي يسود في ميانمار الفكر البوذي المتطرف الذي غذاه الحكم الديكتاتوري على مدى عقود والذي سعى لاستغلال القلاقل الطائفية لبسط نفوذه على المجتمع وفرض تعصب لصالحه.
يعرف الروهنغيا بأنهم أكثر الشعوب التي تتعرض لاضطهاد في العالم، فبحسب المتحدثة باسم الأمم المتحدة خلال بيان في 2009 بأنه يحتمل أن الروهنغيا “أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم”، فالبلد التي يعيشون فيها لا تقبل إقامتهم، كما أن مخيماتهم في البلدان المجاورة لاسيما بنغلاديش لا تلقى دعم من هذه الدول.
كما أن الدول المجاورة لا ترغب في إيوائهم، فهم أقلية بلا دولة أرهقها الفقر ويعيشون في خوف وفرار دائم، ويعيش معظمهم في ولاية أراكان، بغرب ميانمار، إذ يقدرون بأكثر من مليون شخص، ويتعرضون لهجمات وانتهاكات واعتداءات من القوات الحكومية وكذلك المليشيات المتطرفة.
وبحسب تقرير للإذاعة الكندية، فإن الحياة في ولاية أراكان يوميا أشبه بـ “المعركة” و”الكفاح من أجل الحياة، فإلى جانب غياب الخدمات وبدون كهرباء أو منازل أو هواتف أو مياه للشرب أو غذاء جيد أو أدوية، إلا أن الانتهاكات من قبل الحكومة وميليشات بوذية تجعلهم مثل الفرائس.
عام 2012 بداية الكارثة
على الرغم من القمع الذي تتعرض له هذه الأقلية ليس جديدا، إذ أنه كانت هجمات أو أحداث تقع من فترة لأخرى من قبل المليشيات أو المواطنين البوذيين، إلا أن الوضع تغير تماما بمجيء عام 2012.
وقعت حالة اغتصاب في هذا العام، فتسببت في موجة من أعمال العنف غير مسبوقة في المنطقة، تسببت حينها في مقتل 200 شخص، أغلبيتهم من المسلمين، وتم إجبار 140 آلف من المسلمين الروهنغيا على الإقامة في معسكرات.
ووصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ذلك بأنه “تطهير عرقي”، مع وضع صعوبات أمام منظمات الإغاثة والحقوقية الدخول لمناطقهم
ومنذ ذلك الحين، تحول الروهنغيا إلى ما يشبه الأسرى، حيث تنتشر قوات الجيش والشرطة في كل مكان تحت مسمى حفظ النظام.
المشكلة الأكبر تكمن في غياب الأدوية، ففي عام 2015، هاجمت وأحرقت مليشيات بوذية مقرات ومخازن أدوية تابعة لمنظمة “أطباء بلا حدود”، وتسبب ذلك في نقص أدوية حادة، لاسيما وأن عدد كبير من المواطنين مصابين بالملاريا.
في أكتوبر الماضي تجددت الأزمة، وتعرض الروهنغيا لهجمات وانتهاكات وعمليات قتل جماعي واحراق لمئات من المساجد والمدارس والمنازل بواسطة السلطات، الأمر الذي تسبب في فرار، منذ حينها، أكثر من 65 آلف منهم إلى بنغلاديش.
انتهاكات جسيمة وقتل جماعي واغتصاب
في تقرير للأمم المتحدة في فبراير الماضي، اتهمت المنظمة الدولية، قوات الأمن في ميانمار بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما فيها القتل الجماعي والاغتصاب تحت تهديد السلاح والضرب المبرح وقتل الأطفال.
ووردت هذه الاتهامات في تقرير انطوى على أدلة قوية جمعتها الأمم المتحدة بناء على مقابلات أجرتها مع أكثر من 200 لاجئ من الروهنغيا فروا من ميانمار إلى بنغلاديش.
ووصفت أم كيف أن ابنتها البالغة من العمر 5 سنوات قتلت عندما حاولت حماية أمها من التعرض للاغتصاب.
وقالت إن “رجلا استل سكينا طويلا وذبحها بقطع رقبتها”.
وفي حالة أخرى، ذكرت التقارير أن رضيعا يبلغ من العمر 8 أشهر قتل عندما اغتصب خمسة من قوات الأمن أمه تحت تهديد السلاح.
وذكر التقرير أن عدة شهادات أكدت أن الجيش تعمد إضرام النيران في منازل كان سكانها بداخلها.
وفي حالات أخرى، قال التقرير إن الجيش أرغم أفراد الروهنغيا على الدخول إلى منازل تحترق.
وقال العديد من الضحايا الذين تعرضوا للضرب أو الاغتصاب إن مرتكبي هذه الأفعال قالوا لهم “ماذا يمكن أن يقوم الله من أجلكم؟ انظروا ما يمكن أن نقوم به نحن؟”
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، “القسوة التي تعرض لها أطفال الروهنغيا لا تطاق. ما الكراهية التي تدفع رجالا لطعن رضيع يبكي من أجل حليب أمه؟”
وأضاف قائلا “أحث المجتمع الدولي بكل ما أوتي من قوة للانضمام إلي في حث قيادة ميانمار على وضع حد لهذه العمليات التي يقوم بها الجيش”.