تحت عنوان "الاضطرابات المدنية مثيرة للقلق في ميانمار"، نشرت مجلة (فورين أفيرز) الأمريكية تقريرا مطولا عن أعمال العنف المعادية للإسلام في بورما أو ميانمار، وانتشارها في جميع أنحاء البلاد، واستغاثت المجلة بالمملكة العربية السعودية لإيقاف تلك الكارثة.
واستهلت المجلة تقريرها قائلة: "تفجرت وانتشرت أعمال العنف المعادية للمسلمين في ميانمار، والتي انحصرت العام الماضي في غرب ولاية "راكين"، في جميع أنحاء البلاد. وهاجم "الغوغاء البوذيين" ، مع بعض الدعم من حركة 969 المتشددة، المسلمين في بلدات ميكتيلا، نايبيداو، باجو، ومؤخرا، في يانجون، المدينة الأكبر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من المسلمين في يانجون وباجو، وغيرها من المدن الكبيرة يخافون من الذهاب إلى المسجد، أو دخول المحلات التجارية التي تقدم الطعام للمسلمين، أو حتى إظهار أي من علامات إيمانهم خارج منازلهم أو المتاجر. وعلى الأقل 100 ألف مسلم أصبحوا بلا مأوى خلال العامين الماضيين ، وقتل المئات.
وحذر العديد من القادة المسلمين من مثل هذه الهجمات لعدة أشهر. وعلى الرغم من أن الحكومة حاولت إقناع المانحين والمستثمرين والصحفيين والدبلوماسيين الأجانب بأن أعمال العنف في ولاية "راكين" في عام 2012 كانت مجرد قضية محلية خاصة بتلك المنطقة فقط ، إلا أنه في واقع الأمر انتقلت الهجمات على المساجد وبعض المحلات التجارية الإسلامية إلى أجزاء أخرى من البلاد.
ولكن عدد من المانحين والمستثمرين استجابوا لمحاولات حكومة ميانمار بسبب الفرص الهائلة في ميانمار لكونها واحدة من الأسواق الناشئة العملاقة.
وقالت المجلة إن المشاعر المعادية للمسلمين وفي بعض الأحيان (المناهضة للصين، ومكافحة الهنود، ومعاداة أي شخص ليس بورمي العرقية) زادت بوضوح في ميانمار، التى تعد واحدة من البلدان الأكثر تنوعا عرقيا ودينيا في آسيا خلال العامين الماضيين.
ومع ذلك، البوذيين، الذين يمثلون الجماعة الدينية الغالبية في ميانمار، بالاشتراك مع "حركة 969" زادوا من الخطاب المعادي للمسلمين، وعقدوا المسيرات المناهضة لهم، وبالرغم من أن الإنترنت في البلاد لم يصل إلا لـ5% فقط من السكان إلا أنه يتبع حملة بغيضة ضد المسلمين والهنود والصينيين، والأقليات العرقية الأخرى.
وحتى في الرابطة الوطنية المؤيدة للديمقراطية، هناك مستويات مقلقة من التحيز ضد المسلمين، الذين يشكلون حوالي 5% من السكان.
وقالت المجلة إنه في الوقت الذي حققت فيه ميانمار خطوات كبيرة في السنوات الثلاث الماضية من الإصلاحات، إلا ان ذلك كان دون المزيد من التدابير الاستباقية لوقف العنف العرقي والديني، وهو ما يمكن أن يجعل البلاد تنزلق إلى الفوضى.
"إيقاف الكوارث"
وقدمت المجلة مجموعة من الحلول التي يمكن اتباعها لإيقاف تلك الازمة، فنصحت حكومة ميانمار والجهات المانحة الأجنبية التي تدفقت في البلاد خلال العامين الماضيين بسرعة التصرف لوقف هذه الكارثة التي تلوح في الأفق.
فالحكومة، والمعارضة، والزعماء الدينيين والعرقيين البارزين في حاجة لتطوير خطة لنقل السلطة والحكومة الاتحادية. وينبغي أن يقترن هذا من قبل "ثين سين" رئيس ميانمار، ويقوم بتطهير كبار القادة العسكريين الذين أظهروا العصيان لأوامره. واتباع تجربة إندونيسيا في تداول السلطة الاقتصادية والسياسية بين الأقاليم والتي حققت نجاحا كبيرا في الحد من التوترات العرقية في بلد متنوع والسماح لجميع المواطنين بالمشاركة في العملية السياسية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن حكومة ميانمار، بمساعدة من الجهات المانحة، تحتاج إلى تركيز أموال المساعدات الواردة على المجالات الحاسمة لاستعادة السلام. ويشمل هذا، إنشاء قوة شرطة تحت سيطرة المدنيين، التي يمكن أن تحمي القانون والنظام وتقلل من الحاجة إلى تدخل الجيش في مناطق الصراع، وتدريب الصحفيين الشباب على فهم الحاجة من قصص المصادر، وإطلاق جهود الوساطة لزيادة الحوار بين الجماعات العرقية والأديان.
وفي الوقت نفسه، يمكن للحكومات الإقليمية والجهات المانحة الغربية أن تخطط على نحو أكثر فعالية لتدفق اللاجئين من الصراعات في ميانمار على مدى العامين الماضيين. فكثير من المسلمين من ولاية "راكين" حاولوا بالفعل الفرار من خلال قوارب متهالكة أو حاولوا عبور الحدود إلى بنجلاديش، مما جعلهم يتعرضون للهجوم من قبل الجيش التايلاندى، ويتم اعتقالهم أو يرغمون على العودة إلى ميانمار.
ورأت المجلة أنه بدلا من ذلك، يمكن لمفوضية شئون اللاجئين والدول الإسلامية الغنية مثل الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية أو حتى اليابان، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة أن تنقذ الوضع وترفع تلك الكارثة وتوفر الجزء الأكبر من الأموال لإقامة مخيمات مؤقتة لهؤلاء اللاجئين في تايلاند، وكذلك للمساعدة فى توفير الاستقرار للاجئين في دول أخرى مثل ماليزيا.