وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
دفنت جثث ضحايا مسلمي الروهنغيا – الذين غرق قاربهم أثناء فرارهم من ميانمار – في مقبرة جماعية بالقرب من مدينة بازار كوكس ببنغلاديش، ووضعت جثث مسلمي الروهنغيا في مقبرة جماعية، يوم الجمعة الماضي، فيما اصطف عدد من المسلمين خلفهم لتأدية صلاة الجنازة، حسبما أظهرت صور بثتها وكالة “رويترز”.
وأعلنت الأمم المتحدة، ارتفاع حصيلة غرق مركب الروهنغيا قبالة بنغلاديش الخميس، إلى أكثر من 60 قتيلاً على الأرجح، وقال المتحدث باسم المنظمة التابعة للأمم المتحدة جويل ميلمان في جنيف “تأكد مقتل 23 شخصًا وهناك 40 مفقودين ويرجح أنهم غرقوا”، في إشارة إلى حادث غرق المركب الذى وقع الخميس.
وذكرت منظمة الهجرة الدولية أن 15 شخصًا على الأقل غرقوا إثر انقلاب قارب كان يقل مسلمين من الروهنغيا في خليج البنغال أمس أثناء فرارهم من ميانمار.
وقالت المنظمة في بيان لها، إنه تم انتشال جثث تسعة أطفال و8 نساء ورجل قبالة ساحل أوكيا في بنغلاديش، بالقرب من قرية شاملابور. وفر أكثر من 500 ألف لاجئ من الروهنغيا من ميانمار ودخلوا بنغلاديش منذ اندلاع أعمال العنف في ولاية أراكان أواخر أغسطس الماضي.
وقالت امرأة، 22 عامًا، نجت من الحادث، لمنظمة الهجرة الدولية، إن نحو 100 شخص كانوا على متن القارب الذى انقلب الخميس، وكان معظمهم أطفال.
وأضافت أنها سارت على قدميها لمدة يومين وليلتين مع زوجها وطفلهما الرضيع، 8 أشهر، وأم وأخت زوجها وطفلها، 4 أعوام، من ولاية أراكان من أجل الوصول إلى النقطة التي سينطلق منها القارب.
وقالت المرأة إن طفلها الرضيع وأم وأخت زوجها وطفلها غرقوا جميعًا إثر انقلاب القارب، بينما كان زوجها واحدًا من عشرة أشخاص نقلوا إلى المستشفي. وكان اللاجئون على متن القارب طوال الليل بدون طعام بينما كان ينتظر قائد القارب مرساه بالقرب من الشاطئ، حيث كان يتملكه الخوف من أن تلاحظه السلطات. وبينما كان يحاول أن يرسو ظهر الخميس، انقلب القارب في ظل ارتفاع الأمواج وهطول أمطار وهبوب رياح. وقالت المرأة إن القارب كان قريبًا من الشاطئ لكن المياه كانت رغم ذلك عميقة بشكل خطير.
موقف مبعوثة الأمم المتحدة
وبدأت علامات الاستفهام تلاحق مسئولة الأمم المتحدة في ميانمار، حيث حاولت وقف مناقشة قضية حقوق مسلمي الروهنغيا مع حكومة ميانمار، حسبما كشفت مصادر في الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة لشبكة بي بي سي.
وقال أحد مسؤولي الأمم المتحدة، إن رئيسة البعثة الأممية في ميانمار (ميانمار) حاولت منع مدافعين عن حقوق الإنسان من زيارة مناطق الروهنغيا الهامة.
لكن مصادر داخل الأمم المتحدة ومنظمة إغاثة تعمل في ميانمار وخارجها كشفت لـ”بي بي سي” عن معلومات تتعلق بما قامت به رئيسة فريق الأمم المتحدة في ميانمار، وهى كندية تدعى ريناتا لوك – ديسالين، خلال أربع سنوات قبل وقوع الأزمة.
وقالت المصادر، إن المسؤولة الأممية حاولت منع نشطاء حقوق الإنسان من السفر إلى مناطق الروهنغيا، كما حاولت أيضًا إغلاق التحقيق العلني في القضية.
ورأت إحدى عاملات الإغاثة وتدعى كارولين فاندينابيل، مؤشرات على إمكانية حدوث تطهير عرقي ضد المسلمين. وكانت قد عملت من قبل في رواندا قبيل جرائم الإبادة الجماعية نهاية 1993 ومطلع 1994، وتقول إنها فور وصولها إلى ميانمار “لاحظت أوجه تشابه مثيرة للقلق”، بين ميانمار وما حدث في رواندا.
وأضافت “كنت مع مجموعة من المغتربين ورجال أعمال ميانماريين وتحدث الناس عن إقليم أراكان والروهنغيا، وقال أحد الميانماريين “يجب أن نقتلهم جميعا كما لو أنهم مجرد كلاب”. بالنسبة لي فإن هذا المستوى من احتقار البشر علامة على أن هذا الأمر مقبول وطبيعي في المجتمع”.
وخلال أكثر من عام تواصلت مع كارولين، والتي خدمت أيضًا في مناطق الصراعات بأفغانستان وباكستان وسيرلانكا ورواندا وأخيرًا في نيبال، حيث تقيم حاليًا والتقيتها هناك.
من هي كارولين فاندينابيل؟
في الفترة بين 2013 و2015، شغلت كارولين منصبًا هامًا في بعثة الأمم المتحدة إلى ميانمار، وتولت رئاسة مكتب ما يعرف المنسق المقيم، وهو أعلى منصب للأمم المتحدة في البلاد والذى تشغله حاليًا المسئولة الكندية ريناتا لوك-ديسالين.
وبالعودة إلى 2012، فقد أدت الاشتباكات بين مسلمي الروهنغيا والبوذيين في ولاية أراكان إلى مقتل 100 شخص وتهجير أكثر من 100 ألف مسلم في مخيمات حول مدينة سيتوى، عاصمة الولاية.
ومنذ هذا الوقت أصبح هناك مصادمات دورية، وواجهت محاولات تسليم المساعدات للمسلمين صعوبات بسبب البوذيين الذين يمنعون القوافل أو يجبرونها على العودة أو يهاجمونها أحيانًا.
وشكل هذا حالة طارئة معقدة أمام الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، التي كانت بحاجة إلى تعاون الحكومة والمجتمع البوذي لتوفير المساعدات الأساسية للروهنغيا.
كما أدركت تلك المنظمات أن الحديث عن حقوق الإنسان وحرمان الروهنغيا من الجنسية من شأنه أن يزعج العديد من البوذيين.
لذا تم اتخاذ قرار بالتركيز على استراتيجية طويلة الأمد، وأعطت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الأولوية للتنمية طويلة الأجل في أراكان على أمل أن يؤدى الازدهار في النهاية إلى خفض التوترات بين الروهنغيا والبوذيين.
وبالنسبة لموظفي الأمم المتحدة كان يعنى هذا الموقف أن الحديث علنًا عن الروهنغيا أصبح من المحرمات تقريبًا، وتجنبت العديد من البيانات الصحفية للأمم المتحدة عن ولاية أراكان استخدام كلمة الروهنغيا تمامًا، كما أن الحكومة الميانمارية لا تستخدم هذه الكلمة أيضًا ولا تعترف بالروهنغيا كمجموعة متميزة، وتفضل أن تطلق عليهم “البنغاليين”.
خلال سنواتي التي كتبت فيها تقارير من ميانمار، كان عدد قليل جدًا من موظفي الأمم المتحدة على استعداد للتحدث بصراحة عن سجل الروهنغيا. الآن كشف التحقيق في الأعمال الداخلية للأمم المتحدة في ميانمار أنه حتى خلف الأبواب المغلقة لم يتم التطرق إلى مشاكل تلك الأقلية المضطهدة.
وقالت كارولين فاندينابيل، إنه سرعان ما أصبح واضحًا للجميع أن إثارة مشاكل الروهنغيا أو التحذير من التطهير العرقي في اجتماعات الأمم المتحدة العليا كان ببساطة “غير مقبول”.
وأضافت: “حسنًا يمكنك أن تفعل ذلك ولكن سيكون هناك عواقب”. “وكان له عواقب سلبية، منها عدم دعوتك لأى اجتماعات (مع مسؤولي الأمم المتحدة). وتم طرد موظفين آخرين وتعرضوا للإذلال في الاجتماعات. وتم خلق مناخ عام يشير إلى أن الحديث عن هذه القضايا ليس بالأمر الهين”.
وتم استبعاد من يصر على مناقشة وضع الروهنغيا، مثل رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدة الإنسانية (UNOCHA).
وقالت كارولين فاندنابيل إنهم تعاملوا معها على أنها “مثيرة للمشاكل” وتم تجميد عملها بعد أن حذرت مرارا من احتمال التطهير العرقي للروهنغيا. ولم تتصدى الأمم المتحدة لهذه النوعية من الأحداث.