وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
لم يعثر في طريقه على كرة يركلها بقدميه العاريتين من أي حذاء، بل عانى كثيراً وهو يقطع المسافة الفاصلة بين قريته في ميانمار متجها صوب بنغلادش، في رحلة مأساوية استمرت لمدة ستة أيام حمل خلالها الطفل الروهنغي الذي يدعى ياسر حسن (7 أعوام) شقيقه الرضيع على ظهره.
رحلة المأساة
الطفل حسن، لم يكن وحده -في المأساة طبعا- إنما رافقته أمه طيلة الرحلة، بعدما فقدت زوجها الذي حاول الفرار “عقب تدمير منزلهم وحرقه على يد قوات أمن ميانمار” حسبما نقلت وكالة أنباء “أراكان” عن وكالة أسوشيتد برس، ما أضطرهم إلى تناول أي شيء عثروا عليه في الطريق.
مشهد واقعي من مشاهد عديدة ستحفظها الطريق من ميانمار إلى بنغلادش، ويكتبها أبناء أقلية الروهنغيا المسلمة البالغ تعدادها مليون نسمة تقريبا والتي تعيش في ولاية أركان أو أراكان(غرب ميانمار) والتي اعتبرتها الأمم المتحدة الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم، بالإضافة إلى أن أزمة الفارين من أعمال العنف هناك، هي أسرع أزمة لاجئين طارئة تتصاعد تباعاً.
لا عودة !
وتعتبر الهجمات الوحشية التي تنفذها قوات أمن ميانمار ضد الروهنغيا التي أدت إلى تشرد حوالي 536 ألف شخص خلال الـ 47 يوماً الماضية، في ارتفاع كبير وصل حوالي 15 ألف روهنغي في الفترة ما بين 9-11 أكتوبر الجاري، وذلك في أحدث إحصائية صدرت عن الأمم المتحدة، والتي اعتبرت بدورها هذه الهجمات منظمة وممنهجة، ولا تهدف إلى إبعاد أبناء هذه الأقلية المسلمة عن ديارهم فحسب، إنما تهدف إلى سد طريق العودة أمامهم أيضا.
وفي تعبير شائع ينتشر بقوة في المناطق التي تعاني من الهجرة القسرية والهروب من أشكال العنف المتعددة، فإن وكالة أركان لم تخرج عن المألوف في وصف القوارب التي يفر بها اللاجئون الروهنغيا من ولاية أراكان بميانمار إلى بنغلاديش والتي كثيرا ما تغرق مخلفة العشرات من القتلى في كل مرة بوصفها “قوارب الموت” التي كانت حصيلة آخر انقلاب لها مقتل 13 شخصا على الأقل.
وبالإشارة إلى أن 60% من لاجئي الروهنغيا من الأطفال حسبما أفادت الأمم المتحدة، فقد كان من ضمن ضحايا انقلاب القارب التي انتشلتها قوات حرس السواحل في بنغلاديش جثث لسبع فتيان تتراوح أعمارهم بين 3- 10 سنوات و 4 جثث لفتيات تتراوح أعمارهن بين 2-3 سنوات، إضافة إلى جثة رجل يبلغ من العمر سبعين عاماً وامرأة تبلغ من العمر 60 عاماً.
وتعتبر هذه المأساة الثانية بعد غرق 23 شخصاً ونجاة 17 آخرين، عندما انقلب قارب صيد في المنطقة ذاتها، نهاية الشهر الماضي.
صنيعة المستعمر
وتجاهل قائد جيش ميانمار الجنرال” مين أونغ هلينغ” الاتهامات الموجهة لجنوده بارتكاب انتهاكات والتي وصفها زيد بن رعد الحسين مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بأنها “مثال صارخ للتطهير العرقي”، بل وصف هلينغ الروهنغيا بلفظة “البنغاليين” معتبراً أنهم ليسوا من السكان الأصليين في البلاد، بل أنهم صنيعة المستعمر البريطاني على حد زعمه.
وفي السياق ذاته، دعا كل من مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة” انطونيو غوتيريش” حكومة ميانمار مراراً إلى وقف عمليات التطهير العسكرية العنيفة وضمان وصول المساعدات الإنسانية والسماح للاجئي الروهنغيا بالعودة إلى ديارهم، كما نفى” كوفي عنان” الذي يرأس لجنة استشارية لتقصي الحقائق في ولاية أراكان بميانمار وجود “خطة بديلة” في حال عدم قبول حكومة ميانمار لتوصيات الامم المتحدة من أجل حل ازمة.
ويبدو أن أزمة مسلمي الروهنغيا مستمرة طالما لم يحدث اختراق جدي من قبل المجتمع الدولي.