وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
أوشك المجتمع الدولي أن يشطب قضية مسلمي ميانمار الروهنغيا من سجل قضاياه الإنسانية الملحة كما لفظتهم دولتهم وطردتهم إلى بنغلادش ( عدد الفارين من الموت يقترب من الـ600 مسلم وصلوا إلى هذه الجارة الفقيرة بالفعل), فالقضية اقتربت من الموت إلى الأبد وهي الآن تلفظ أنفاسها الأخيرة, وستصبح ماضيا منسيا لا تذكره الأجيال الحالية كما ستنكره كتب التاريخ التي لا تسجل إلا إنجازات المنتصرين.
العالم يواجه الإرهاب البوذي بصمت مدهش, بل إن قلما غربيا واحدا لم يجرؤ علي اتهام حكومة ميانمار بالإرهاب ( تلك التهمة الباطلة التي أصبحت حكرا علي المتطرفين المسلمبن وحدهم), ولم يصف أي محلل سياسي غربي الإجراءات القمعية وحرب الإبادة العرقية والدينية التي أعلنتها حكومة وشعب ميانمار البوذي علي المسلمين في بلادهم من الروهنغيا بأنها جريمة حرب يجب إحالتها إلي محكمة الجنايات الدولية, أو إرهاب دولة يجب وقفه ولو باللجوء للقوة العسكرية مثلما تم مع عدد من الدول الإسلامية من قبل.
منظمة هيومن رايتس ووتش أصابها العمى والخرس والصمم, فلم تعلق من قريب ولا من بعيد علي المجزرة والمحرقة البشرية المرعبة التي نصبها غلاة البوذية في دولة بورما العنصرية.
لم تصنف رئيسة ميانمار الحاصلة علي جائزة نوبل للسلام علي أنها مجرمة حرب, والدولة كلها بكامل هيئاتها ومؤسساتها العسكرية والشرطية والقضائية تآمرت علي مسلميها من الروهنغيا وقررت إبادتهم وطردهم باستخدام أبشع الطرق من حرق وقتل وسرقة واغتصاب وترويع وتمثيل بالجثث وتعذيب للأفراد وانتزاع المنازل والممتلكات, وتجريدهم من كل شيء.
فويل للعالم من صمته وتواطئه.
لا أحد ينتبه للكلاب الضالة حتي ينهش أحدها طفلا من أطفاله وهو يلهو في باحة بيته, أو يعترضه كلب عقور وينشب أسنانه في لحمه في الطريق العام, وقتها فقط قد يدرك ويفهم ما وراء صرخات الضحايا.
القضية وصلت صفحتها الأخيرة, مثلما انتهت قضية مسلمي البوسنة والهرسك, نفس البشاعة ونفس المنهج ونفس الصمت الدولي المخزي.
لن يتبقى من هذه القضية إلا أوحال العار التي ستكلل جبين المجتمع الدولي كله بمسلميه ومسيحيه ويهوده وبوذييه وملحديه, وبعض التقارير الحقوقية الهزيلة والمقالات الصحفية العاجزة.
بعد تلكؤ ملحوظ اتهمت منظمة العفو الدولية ( أمنستي إنترناشونال) الأربعاء الماضي قوات الأمن في ميانمار بقتل المئات من مسلمي الروهنغيا من الرجال والنساء والأطفال خلال حملة منهجية لطردهم من البلاد, ودعت في تقريرها الذي حمل عنوان انتهي العالم الخاص بي إلي فرض حظر أسلحة علي ميانمار ومحاكمة الجناة المسئولين عن عمليات القتل, وذلك بعد إجرائها مقابلات مع أكثر من120 من الفارين من مسلمي الروهنغيا, وقالت إن مئات الأشخاص قتلوا علي أيدي قوات الأمن الذين حاصروا القري وأطلقوا النار علي السكان وأشعلوا النيران في المباني وقاموا بإحراق كبار السن والمرضي والمعاقين الذين لم يتمكنوا من الفرار, وأشارت إلي أن النساء والفتيات المسلمات تعرضن للاغتصاب ولأنواع أخري من العنف الجنسي في عدد من القري.
أما حكومة ميانمار فقالت أنها ترد علي هجمات شنها مسلحون مسلمون, وإن كانت الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات اعتبرت هذا الرد غير مناسب.
الخبيرة في الشؤون الآسيوية بالمنظمة أنيكا بيشر أشارت إلي أن التقرير الجديد يوثق عددا كبيرا من الجرائم ضد الإنسانية مثل أعمال القتل والتهجير والترحيل والتعذيب وجرائم الاغتصاب والعنف الجنسي.
بينما طالبت المنظمة حكومة ميانمار السماح لبعثة الأمم المتحدة وغيرها من المراقبين بدخول ولاية أراكان بلا أي قيود.
وشددت المنظمة في تقريرها علي ضرورة أن يعمل القائد الأعلى للقوات المسلحة في ميانمار مين أونغ هلينغ على عدم حدوث المزيد من الفظائع في الإقليم.
يأتي ذلك في الوقت الذي سحبت فيه الأمم المتحدة تقريرا حول أزمة الجوع التي يعانيها مسلمو الروهنغيا بناء على طلب ميانمار!, وهو التقرير الذي حذرت فيه المنظمة من أن أكثر من80 ألف طفل دون سن الخامسة يعيشون في مناطق تقطنها أغلبية مسلمة يعانون من الهزال, واستبدل التقرير بغيره يفيد تعاون حكومة ميانمار مع المنظمة الدولية لحل هذه المشكلة الإنسانية, ما يعني أنه حتي المنظمة الدولية تمارس النفاق والتضليل في مأساة لم ير التاريخ لها مثيلا, وأنها كعادتها تقف مع الظالم ضد المظلوم, ولا يشغلها سوي تسديد الخانات وادعاء حل المشكلات العالقة من دون حقائق علي الأرض.
وربما يكون من قبيل تسديد الخانات دعوة ثلاثة من مسئولي الأمم المتحدة إلي تكثيف الجهود من أجل التوصل إلي حل سلمي لمحنة الروهنغيا وإنهاء الهجرة الجماعية اليائسة ودعم المجتمعات المحلية المضيفة وضمان الظروف التي تسمح بعودة اللاجئين الطوعية في نهاية المطاف بأمان وكرامة, من دون الحديث عن فرض عقوبات علي حكومة ميانمار أو إجبارها علي التوقف عن المحرقة وفقا للفصل السابع الذي تم تطبيقه علي عدد من الدول الإسلامية من بينها العراق وليبيا, ومن دون وضع خطة تجبر ميانمار علي القبول بهذا الأمر( عودة المسلمين الفارين إلي منازلهم وضمان أمنهم وسلامتهم بعد العودة).
المسئولون الأمميون ( فيليبو غراندي المفوض السامي لشؤون اللاجئين ومارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ وويليام لاسي سويج المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة) شددوا علي أن حلول هذه المحنة تقع في ميانمار, وأكدوا علي الحاجة لجمع تبرعات سخية لإثبات أن المجتمع الدولي يساند مسلمي الروهنغيا في محنتهم, ويدعم مضيفيهم في بنغلادش, وهي رسالة بقدر ما هي رمزية وغير مضمونة, تعكس ضعفا عاما وعدم قدرة علي اتخاذ قرارات فاعلة توقف الظالم عند حده, وتنتصر للمظلوم, فهي لا تزال تتسول حلولا تعطي بها المزيد من الوقت للحكومة البوذية في ميانمار لاستكمال جريمتها في حق الروهنغيا.