وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
تعود أزمة الروهنغيا لما قبل قيام الدولة المعاصرة في بورما (ميانمار) وتحديدا إلى فترة الاستعمار البريطاني الذي قام بتحريض البوذيين على قتلهم وتعذيبهم، وأسس بذلك لأزمة ما زالت مستمرة منذ عقود من الزمن، وما زالت كلفتها الإنسانية والسياسية والأخلاقية في تصاعد.
ونتيجة للتحريض الذي قام به المحتل البريطاني على أقلية الروهنغيا التي استوطنت بكثافة شمالي إقليم أراكان قام البوذيون بعد أن أمدهم البريطانيون بالسلاح بارتكاب مذبحة بحق المسلمين عام 1942 فتكوا خلالها بالآلاف.
مسار الأزمة
وبعد رحيل الاستعمار البريطاني (عام 1948) وقيام الدولة بدأت الانتهاكات ضد الروهنغيين تتزايد، على خلفية الإرث الاستعماري، وسعي النظام العسكري لبناء وتأسيس مفهوم جديد للقومية أخذ يتجلى خلاله كبش الفداء (الروهنغيا) داخل الشعب الميانماري نتيجة لاختلافهم شكلا -بسبب بشرتهم الأغمق- وديانة عن بقية السكان، مما يجعلهم -في نظر النظام العسكري- أقرب إلى بنغلادش منهم إلى ميانمار.
وتحسبا لتصاعد التوترات بين الروهنغيا والمجتمعات الإثنية الميانمارية الأخرى، قدم بعض الروهنغيين التماسا نيابة عن البقية لضمهم إلى باكستان الشرقية (المعروفة الآن باسم بنغلادش) خلال تقسيم عام 1947.
وقالت الكاتبة بصحيفة إندبندنت تسنيما أودين إن التدرج التاريخي للاضطهاد الحالي يمكن تتبعه من عام 1962 عندما استولى انقلاب عسكري على السلطة، ومن أجل تثبيت أركانه بدأ يستخدم الدين دليلا على ما إذا كان الشخص مواطنا أصيلا بالدولة مستغلا البوذية لتبرير القومية.
وعام 1974، جُرّد الروهنغيا من هويتهم، وصنفتهم الدولة “أجانب” وقد أدى ذلك إلى فرار أعداد كبيرة منهم إلى البلدان المجاورة هربا من العنف الذي يبدو أن هذا التشريع يبرره.
عام 1982، سن قانون المواطنة ليس فقط لاستبعاد الروهنغيا من الحصول على الجنسية فحسب بل وحرمانهم من الحق بالعيش في الدولة ما لم يكن لديهم دليل دامغ يظهر أن أجدادهم عاشوا في هذا البلد قبل الاستقلال، وعلى الرغم من ذلك فإن وثائق الجنسية لمعظم المجتمعات يستحيل الحصول عليها.
وترتب على هذا القانون حرمان مسلمي الروهنغيا من تملك العقارات وممارسة أعمال التجارة وتقلد الوظائف بالجيش والهيئات الحكومية، كما حرموا من حق التصويت في الانتخابات البرلمانية، وتأسيس المنظمات وممارسة الأنشطة السياسية.
وفرضت الحكومات المتعاقبة في ميانمار ضرائب باهظة على المسلمين، ومنعتهم من مواصلة التعليم العالي، إضافة إلى تكبيلهم بقيود تحد من تنقلهم وسفرهم وحتى زواجهم، كما أشارت تقارير إلى أن السلطات قامت عام 1988 بإنشاء “القرى النموذجية” في شمالي أراكان حتى يتسنّى تشجيع أُسَر البوذيين على الاستيطان في هذه المناطق بدلا من المسلمين.
ويوم 11 أكتوبر/تشرين الأول 2016، قتل أربعة جنود في ثالث يوم للهجمات، بالتزامن مع انطلاق حملة أمنية واسعة النطاق للسلطات شمال ولاية أراكان، وبدأ نزوح عشرات الآلاف باتجاه بنغلادش، واستمرت الحملة حتى فبراير/شباط 2017.
وفي مارس/آذار 2017، نشرت وكالات الأنباء وثيقة تظهر اعتقال 423 شخصا من الروهنغيا بينهم أطفال.
ويوم 29 من أغسطس/آب 2017، بلغ عدد الفارين الروهنغيين إلى بنغلادش قرابة خمسة آلاف شخص، ثم ارتفع العدد لاحقا إلى 18 ألفا يوم الثلاثين من الشهر ذاته، وفق منظمة الهجرة الدولية، ثم ارتفع العدد بعد يوم واحد إلى نحو 27 ألفا، بينما بقي قرابة عشرين ألفا عالقين عند الحدود مع بنغلادش، وتم انتشال جثث عشرين من الروهنغيا غرقوا أثناء محاولتهم عبور نهر ناف.
ومع استمرار أعمال العنف في أراكان واستمرار عمليات فرار الروهنغيا، بلغ عدد الهاربين إلى بنغلادش نحو 123 ألفا يوم الخامس من سبتمبر/أيلول 2017.
ومن جانبه، أعلن برنامج الغذاء العالمي يوم السادس سبتمبر/أيلول 2017 أنه يوزع مساعدات على نحو 146 ألفا من الروهنغيا بمخيماتهم في بنغلادش، وقالت متحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن 164 ألف مسلم من الروهنغيا وصلوا بنغلادش منذ يوم الـ 25 من أغسطس/آب 2017.
ويوم التاسع من سبتمبر/أيلول 2017، قالت الحكومة إن نحو ألفي منزل أحرقها مسلحو الروهنغيا، في وقت أفادت شهادات السكان المحليين أن الجيش الحكومي هو من أحرق قرى مسلمي إقليم أراكان.