بقلم: دواجة العوادني
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
انتقدت منظمات حقوقية بشدة مجلس الأمن بسبب ملف الروهنغيا وما تعرضوا له على مدى الأشهر الأخيرة من اعتداءات فظيعة أدت إلى مقتل العشرات، فيما لجأ أكثر من نصف مليون من الروهنغيا المسلمين إلى بنغلادش، ولم يتخذ مجلس الأمن أو الأمم المتحدة أي إجراء ضد السلطات في ميانمار.
فرغم جميع تعهداته بحماية المدنيين وعدم السماح بوقوع الفظائع والجرائم الإنسانية وقف المجلس متفرجا عندما أُحرقت مئات القرى في ميانمار.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن “أفضل ما أمكن لمجلس الأمن أن يحشده هو بعض التعليقات الإعلامية غير المهمة، عدد قليل من الاجتماعات الخاصة، وإيجاز علني مخيب للآمال ألقاه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي قام بدق ناقوس الخطر، دون أن يصدر أي رد فعل فوري من أعضاء المجلس. وبالنسبة للضحايا، كان هذا الصمت قاتلا.”
كما طالبت المنظمة مجلس الأمن بإحالة الوضع في ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية، باعتباره الجهة الوحيدة المخولة لرفع الأمر إلى هذه المحكمة، باعتبار أن محكمة الجنايات الدولية لها ولاية فقط على الجرائم التي ترتكبها الدول الأطراف في معاهدتها التأسيسية (نظام روما الأساسي) وميانمار ليست عضوا فيها.
وللإشارة، تبذل كل من بريطانيا وفرنسا جهدا لإصدار قرار من مجلس الأمن، لكن لا يزال “دون المأمول” حسب منظمات حقوقية. وقد ألقت هذه المنظمات لوما شديدا على كل من اليابان و الصين لقرارهما الوقوف إلى جانب الجيش الميانماري، حتى مع تورط قوات الأمن الميانمارية في جرائم ضد الإنسانية. وتواصل الصين الاعتراض على المجلس حتى عند ذكر دواعي القلق المتعلقة بحقوق الإنسان.
وقد بلغ عدد اللاجئين الروهنغيا في مخيمات بنغلاديش 604 آلاف حسب آخر إحصائيات للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فيما تقدر منظمة الهجرة الدولية العدد بأكثر من 820 ألف لاجئ.
وحدد مؤتمر الوعود لأزمة اللاجئين الروهنغيا المنعقد في جنيف أواخر أكتوبر / تشرين الأول الماضي هدف جمع 434 مليون دولار بحلول فيفري 2018 . ويرمي منظمو المؤتمر (وكالات الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي و الكويت) لمساعدة 1.2 مليون شخص في منطقة كوكس بازار جنوب بنغلادش، وتشمل المساعدات 300 ألف نسمة من السكان المحليين، قرابة 900 ألف لاجئ من الروهنغيا.
الاكتفاء بالتعبير عن القلق
رغم أن الكثير من المنظمات الحقوقية و الأممية قد صنفت مسلمي ميانمار، الروهنغيا، من الأقليات الأكثر اضطهادا في العالم، نظرا لما يتعرض له المسلمون هناك من انتهاكات وتعديات على يد البوذيين الميانماريين وقمع واضطهاد وقتل على الهوية، واعتقال وذبح وحرق، ما دفع مئات الآلاف منهم إلى الفرار.
وبعد مرور أكثر 3 أشهر على بداية عمليات الحرق و التشريد لهذه الأقلية لا تزال المنظمات الأممية، وتحديدا مجلس الأمن، تكتفي ببيانات التنديد و التعبير عن القلق دون اتخاذ أي إجراء ردعي ضد السلطات في ميانمار .
وفي آخر بيان صدر عن مجلس الأمن بتاريخ 6 نوفمبر / تشرين الثاني الحالي عبر المجلس عن “القلق البالغ بشأن التقارير التي تفيد بوقوع انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان بولاية أراكان بما في ذلك الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن وخاصة ضد أبناء طائفة الروهنغيا. وتشمل تلك الانتهاكات، وفق البيان الرئاسي، استخدام القوة والترهيب بشكل منهجي وقتل الرجال والنساء والأطفال والعنف الجنسي وتدمير المنازل والممتلكات وحرقها.” ودعا إلى إجراء تحقيق في “مزاعم هذه الانتهاكات” .
لكنه في المقابل أكد على” التزامه بسيادة ميانمار واستقلالها السياسي ووحدة أراضيها، وشدد على دعمه للحكومة في سعيها لترسيخ دعائم التحول الديمقراطي الجاري. وشدد على أهمية الإصلاحات التي ترمي إلى التشجيع على إخضاع المؤسسات الحكومية للمساءلة، مع ضمان وقف استخدام القوة العسكرية المفرطة في ولاية أراكان .”
يرى مراقبون أن الدعوة إلى إجراء تحقيق في ميانمار، في ظل إنكار و تجاهل المنظمات الأممية لما يحصل، يدعم احتمال أن يكون هذا التحقيق موثوقا به ويؤدي إلى محاكمة المجرمين، خاصة وأنه تاريخيا، نادرا ما حاكمت المحاكم في ميانمار الجنود على الانتهاكات الحقوقية، ولم يسبق لها أن احتجزت جنودا لارتكابهم جرائم حرب. نادرا ما يكون للمحاكم المدنية ولاية على الجنود المتورطين في جرائم جنائية.
وتزامنا مع النداءات الحقوقية، تقدمت دول إسلامية بمشروع قرار للتنديد بالانتهاكات ضد مسلمي الروهنغيا . ومن المرجّح أن يخضع النص للتصويت من قبل لجنة حقوق الإنسان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة منتصف هذا الشهر، على أن يُناقش أمام الجمعية العامة بعدها بشهر. ويحظى النص بتأييد الدول الـ57 الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
كما يُنتظر أن يتم التطرق للأزمة الإنسانية في بورما خلال قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا ” آسيان” خلال أيام، التي سيشارك فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والأمين العام للأمم المتحدة.