وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
لم تكن «محسنة» أول لاجئة روهنغية تفقد والدها وزوجها في المجازر التي ارتكبت بحق شعبها في ميانمار، لكنها كانت أول من حملت بيديها تبرعات «المحسنين» الأردنيين، التي تمكنت حملة إغاثة مسلمي الروهنغيا من إيصالها لأبناء جلدتها من الروهنغيا.
وقفت «محسنة» في مقدمة طابور اللاجئين الذي أشرف أفراد من الأمن البنغالي في مخيم «بالوخالي 1» على ترتيبه، بعد أن قدمت من خيمتها التي تظلها ووالدتها وأبناؤها الثلاثة باكرا مصطحبة ابنها معها للحصول على المساعدات التي وزعتها الحملة في ثاني أكبر مخيمات اللاجئين.
كان وجه ابنة الخمسة والعشرين ربيعا متلهفا للحصول على المساعدات ممزوجا بالخجل والقلق من ظروف حولتها من «محسنة» إلى محتاجة فلم يعد اسمها يعبر عن واقع حالها.
عندما اقتربنا منها لسؤالها عن قصة لجوئها أمسكت بيد ابنها وكررت نظراتها إليه وكأنها تقول هربت بأطفالي، إلى أن جاء من يترجم لنا قصتها، التي بدأت من قرية «خنفرة» في ميانمار، عندما جاء الجيش الميانماري وألقى القبض على زوجها الذي لم تعد تعرف عنه شيئا إن كان حيا أو ميتا، فاضطرت للهرب بأمها وأولادها بعد أن مات والدها.
وروت «محسنة» ما قالت إنه رأته بعيونها لعمليات قتل وتقطيع أوصال الروهنغيا من قبل البوذيين والجيش في ميانمار التي هربت منها قبل نحو ثلاثة أشهر.
ومنذ قدوم محسنة بلغ عدد اللاجئين الروهنغيا القادمين إلى مخيمات اللجوء في بنغلادش نحو 620 ألفا وزعوا على 12 مخيما قريبا من الحدود مع ميانمار.
فيما لايزال آلاف اللاجئين العالقين في المنطقة العازلة على الحدود البنغالية الميانمارية ينتظرون السماح لهم بالدخول إلى مخيمات اللجوء التي تصل إليها مئات العائلات يوميا من خلال معبري «تمبرو» و»انجومنغارا».
وفي منطقة تمبرو كانت المنظمات الإغاثية تقوم بتوزيع المساعدات على العالقين الذين كانوا يترقبون من خلف نهر صغير يفصلهم عن اللجوء كل التحركات التي تحصل في الجانب البنغالي، وسماح السلطات لأبناء جلدتهم بالدخول بانتظار قدوم دورهم ليصبحوا رقما جديدا لضحايا أحدث مآسي العصر الإنسانية.
وفي الطريق إلى الحدود كانت آثار الأشجار المحروقة في الجانب الميانماري شاهدة على أقوال اللاجئين الذين تعرضت منازلهم للحرق، فيما وقف جندي عند آخر نقطة حدودية أمام مجموعة من اللاجئين الذين ينتظرون مواد الإغاثة.
وفي تلك الأثناء كان أحد المخيمات الذي يبعد نحو خمسة كم عن الحدود الميانمارية «بالوخالي 1» على موعد مع الدفعة الأولى من المساعدات التي قام وفد حملة إغاثة مسلمي الروهنغيا بتوزيع الدفعة الأولى منها لصالح لاجئي الروهنغيا إلى بنغلادش.
وتم توزيع المساعدات على اللاجئين الأكثر حاجة لها، وفق ترتيبات مدروسة، فيما ترقبت عيون باقي اللاجئين عملية التوزيع، وتوسل بعضهم من أجل شمولهم بها، فيما قرأ الطفل «قتيبة» القرآن بصوته العذب للحصول عليها، بينما ألقت سيدة طاعنة في السن بنفسها بين المشاركين في عملية التوزيع للحصول على طرد غذائي.