وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
“الغذاء لا يكفينا.. طردنا ظلما من منازلنا ونتمنى العودة لديارنا مرة أخرى وننتظر منكم أن تنصرونا”، كلمات تحدث بها الشيخ قاسم من لاجئي الروهنغيا والذين فروا من بطش قوات الجيش الميانماري وميليشيات البوذيين، لـ”اليوم السابع”، خلال جولتنا داخل معسكرات الروهنغيا.
الأطفال يحرصون على حفظ القرآن الكريم
يواصل قاسم، الذي يقوم بتحفيظ القرآن الكريم داخل مسجد عمر بن الخطاب داخل أحد المعسكرات، حديثه قائلاً: “نحفظ 400 طفل وقد حصلت على الابتدائية وحفظت القرآن.. نحن اثنين نحفظ الأطفال كتاب الله”.
رغم الظروف القاسية التي يعيشها نحو مليون مسلم روهنغي على حدود ميانمار وبنغلادش بالتحديد بمدينة كوكس بازار البنغالية، إلا أن القرآن الكريم وحرصهم على تعليم أطفالهم كتاب الله ليكون لهم معينا في ذلك الابتلاء الذي يتعرضون له، حيث فقد الأطفال أبسط حقوقهم في حياة كريمة وفي التعلم إلا أن القرآن الكريم حاضرا تردده ألسنتهم.
اللاجئون يوجهون رسالة للعالم: “الغذاء لا يكفينا”
ويواصل الشيخ قاسم حديثه لـ”اليوم السابع”: “طردنا من ميانمار بظلم شديد وجئنا إلى هنا الحمد لله ولا يكفينا الغذاء دائما، ونريد منكم أن تنصرونا نريد العودة إلى وطننا”، كلمات قليلة لكنها تحمل معانى كثيرة من مستضعفين ضاقت بهم السبل لعل العالم يتحرك لنصرتهم.
أوضاع غير آدمية يعيشها الروهنغيا حتى أن المعسكرات خلت من وجود الحيوانات لأنها لا تجد لنفسها طعاما وسط أناس يعانون من قلة الغذاء، فهم يمثلون المعنى الحقيقي لـ” سنموت من الجوع”، هكذا يعيش نحو مليون شخص فروا بأنفسهم من التطهير العرقي الذي يمارس ضدهم من قبل قوات جيش ميانمار والمدعوم بالمليشيات البوذية، وكل تهمتهم أنهم مسلمون.
بعثة الأزهر ترسم البهجة على وجوه الأطفال
ورغم كل الصعاب التي يعيشونها إلا أن الأمل مازال بداخلهم ليحيوا حياة كريمة آملين في التوصل لحل لأزمتهم.
بعثة الأزهر الشريف لمعسكرات الروهنغيا، ضمت عددا من شباب المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر والذين بذلوا جهودا كبيرة من أجل توزيع المساعدات على الروهنغيا، حيث قاموا بشراء بعض الألعاب على نفقتهم وتقديمها للأطفال، كما شاركوهم في تنظيم عدد من الألعاب وإقامة عدد من الفقرات التي أدخلت البسمة على وجوه الأطفال، حيث نظم شباب الأزهر مباراة لكرة القدم أعقبها تنظيم ركلات جزاء وسط فرح كبير يكسو وجوه الأطفال، لاسيما بعد أن ارتطمت الكرة بأحد أعضاء للمركز الإعلامي بمشيخة الأزهر والذي أثار ضحكات الجميع وتعالت معها ضحكات الأطفال في موقف طريف.
اللاجئون يواجهون ظروفًا معيشية صعبة
معاناة مسلمي الروهنغيا هي الأسوأ في التاريخ الحديث. أوضاع كارثية يعيشونها وسط ظروف مناخية متقلبة وطبيعة صعبة اعتمادهم على الماء عن طريق الطلمبات الحبشية والتي عادة ما تخرج مياه غير صحية، بالتجول داخل المعسكر تجد العديد من الطلبمات الحبشية المهجورة نتيجة جفاف المياه بها، لتقوم بعض المنظمات بحفر غيرها من أجل أن يستخرجوا الماء ورغم أن الماء الخارج منها لونه داكن وغير صحى إلا أن هذا الأمر لا يشغلهم فقط يريدون الماء ليشربوا.
دورات المياه هناك “أزمة حقيقية” فالروهنغيا يسكنون العشش وبالطبع لا يوجد بها مساحة لإقامة لدورة مياه خاصة يقضون بها حاجتهم، فبعد أن كانوا يقضون حاجتهم في الصحراء ويمشون لمسافات طويلة ليبتعدوا عن العيون، ونظرا لطول المدة المتوقع أن يعيشوا بتلك الأزمة قام البعض بإقامة دورات مياه بين العشش عبارة عن متر مغلق من جميع الجوانب بالخوص والمشمع الملون معلق على بابه زجاجة مياه هي السبيل الوحيد لكى يتطهروا بعد قضاء حاجتهم !، بل وصل الأمر إلى أنهم يقومون بالاستحمام وسط الطرقات بملابسهم حتى لا تنكشف عوراتهم في مشهد مأساوي.
نقص الخدمات الطبية والمساعدات الإنسانية
معاناة الروهنغيا مستمرة وأكثر ما يهددهم نقص الأدوية وتقديم الخدمات الطبية وسبل العلاج، بجانب نقص المواد الغذائية، فهؤلاء أتعس أهل الأرض فقد ذبح أبنائهم وأسرهم واغتصبت نسائهم، وكل ما يتخيله المرء من بشاعة حدث لهؤلاء المسلمين المستضعفين.
يعاني الروهنغيا في الحصول على المساعدات الغذائية فيقفون على الطرقات، آملين في تلقى مساعدات من المنظمات الإغاثية التي تتواجد بالمعسكرات لتقديم المساعدات لهم.
الظروف الصعبة التي يمرون بها، ونتيجة لكثرة عددهم، قام الهلال الأحمر البنغالي بحصر جميع من يسكنون المعسكرات وعمل جدول بتوزيع المساعدات عليهم بحسب الترتيب ،بمعنى أنه في حال قيام إحدى المنظمات توجيه قافلة من المساعدات بالطبع لن تكفيهم جميعا فيتم توزيع الكمية على حتى نفادها ومن لم يحالفه الحظ ينتظر وصول مساعدات أخرى لتكون له الأولوية في الحصول عليها، ورغم ذلك فقد يكون من تسلم في المرة الأولى قد انتهى المخزون الغذائي لديه لكنه لن يستطيع أن يحصل على مساعدات جديدة قبل أن يتم توزيع المساعدات على من لم يحصلوا عليها في المرة الأولى، لتستمر المأساة فلو تأخرت المساعدات يوما واحدا لماتوا جوعاً .