وكالة أنباء أراكان | هيومن رايتس ووتش
قالت “هيومن رايتس ووتش اليوم” في تقريرها العالمي 2018 إن التطهير العرقي للحكومة الميانمارية لمسلمي الروهنغيا وقمعها لوسائل الإعلام وعمليات المساعدات قد قوضت بشدة انتقال ميانمار إلى الحكم الديمقراطي في عام 2017.
واتقت الفظائع التي ارتكبها الجيش الميانماري في ولاية أراكان، بما في ذلك الإعدامات غير الشرعية، والاغتصاب، والترحيل القسري، والحرق الجماعي للقرى، لجرائم ضد الإنسانية وأسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 650 ألف من الروهنغيا إلى بنغلادش المجاورة.
ووصفت ووتش التفسيرات التي قدمها المسؤولون العسكريون والمدنيون عن هذه الانتهاكات بأنها سخيفة تتناقض مع الأدلة وشهادات الشهود.
وقال براد آدامز، مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: “ارتكبت القوات العسكرية في ميانمار مجازر بحق القرويين، اغتصبت النساء والفتيات بشكل جماعي، وحرقت العائلات داخل منازلها. يعرف العالم الآن ما حدث من العديد من الروايات عن الفظائع والأدلة الطبية، وصور الأقمار الصناعية. يقوض إنكار الحكومة الكاذب وغير المنطقي مصداقيتها ويعرقل الجهود المبذولة لتحقيق العدالة للضحايا”.
في “التقرير العالمي” الصادر في 643 صفحة، بنسخته الـ 28، تستعرض هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 90 بلدا.
وفي المقالة الافتتاحية للتقرير، كتب المدير التنفيذي كينيث روث أن القادة السياسيين الذين تحلّوا بالإرادة للدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان أظهروا أن من الممكن الحد من الأجندات الشعبوية السلطوية. عندما تضافرت جهودهم مع تحركات الجماهير والفاعلين المتعددين، أثبتوا أن صعود الحكومات المناهضة للحقوق ليس حتميا.
وقد بدأت الفظائع الجماعية في ولاية أراكان في أواخر أغسطس عندما شنت قوات الأمن الميانمارية عملية عسكرية واسعة النطاق ضد سكان الروهنغيا .
وسمى مسؤولون حكوميون أعمال الجيش “عمليات تطهير”، ولكن صور الأقمار الصناعية وشهادات الشهود تظهر أن الحملة كانت تهدف إلى دفع الروهنغيا خارج منازلهم وتدمير قراهم.
وكشفت صور الأقمار الصناعية أن أكثر من 354 قرية أغلبها من الروهنغيا قد دمرت بشكل كبير أو كليا منذ أواخر أغسطس/آب، وما لا يقل عن 118 منها دمرت بعد 5 سبتمبر/أيلول التاريخ الذي أعلنت الحكومة فيه بأنه نهاية العمليات العسكرية.
ووثقت هيومن رايتس ووتش، منظمات أخرى، “الأمم المتحدة“، ووسائل الإعلام انتشار الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي على أيدي قوات الأمن.
كما أدت الفظائع المرتكبة ضد الروهنغيا، التي وقعت خلال أول عام كامل في ميانمار تحت حكم حكومة مدنية منتخبة برئاسة أونغ سان سوتشي، إلى إدانة واسعة النطاق من بينها من “مجلس الأمن” و”الجمعية العامة” و”مجلس حقوق الإنسان”. في أكتوبر/تشرين الأول، أعلن “البنك الدولي”، في معرض إشارته إلى أزمة الروهنغيا، أنه سيؤخر تقديم قرض قيمته 200 مليون دولار أمريكي، وهو أول مساعدة مالية مباشرة لميانمار منذ أواخر الثمانينات.
وفي 20 ديسمبر/كانون الأول أعلنت الأمم المتحدة أن الحكومة الميانمارية منعت يانغي لي، مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان في ميانمار، من دخول البلاد ولن تتعاون بعد ذلك معها.
وقلصت عدة بلدان برامج المشاركة الدبلوماسية أو العسكرية وفرضت قيودا على سفر كبار المسؤولين العسكريين الحاليين والسابقين المتورطين في الانتهاكات. في 21 ديسمبر/كانون الأول فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية وقيود على سفر موانغ موانغ سو، قائد عسكري كبير كان صاحب السيطرة على العمليات العسكرية في ولاية أراكان.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض حظر شامل على الأسلحة والقيود الاقتصادية وحظر السفر على القادة العسكريين الميانماريين المتورطين في الفظائع. في غياب إجراءات الأمم المتحدة، على البلدان المعنية أن تفرض قيودا ثنائية.
وقال آدامز: “تتطلب أزمة الروهنغيا إجراءات دولية أكبر لضمان حصول الأشخاص المعرضين للخطر على المساعدة والحماية. هناك حاجة إلى مزيد من الضغط على حكومة ميانمار للسماح بدخول المساعدات والمراقبين الدوليين إلى ولاية أراكان”.
وقالت هيومن رايتس ووتش أنه على الرغم من انتقال البلاد المفترض إلى الحكم المدني، إلا أن الجيش ظل صاحب السلطة الرئيسي في البلاد. استمر الجيش في منع الجهود الرامية إلى تعديل دستور عام 2008، الذي يحتفظ فيه بسلطة الأمن القومي والإدارة العامة من خلال السيطرة على وزارات الدفاع والشؤون الداخلية ووزارات الحدود. يسمح الحكم الدستوري للجيش بتعيين 25 بالمئة من المقاعد البرلمانية، ما يوفر حق الفيتو بحكم الأمر الواقع على التعديلات الدستورية.
وتغاضت الحكومة المدنية طوال عام 2017 عن الدور العسكري الضخم في الحكم أو دعمته، وسمحت لسلطات إنفاذ القانون بزيادة استخدام القوانين القمعية لمحاكمة الصحفيين والنشطاء والنقاد للتعبير السلمي الذي يعتبر انتقادا للحكومة أو الجيش.
وواصلت السلطات إساءة استخدام مادة مبهمة من قانون الاتصالات السلكية واللاسلكية في ميانمار لعام 2013، القسم 66 (د)، الذي يجرم حرية التعبير أساسا. تمت محاكمة أكثر من 90 شخصا بموجب الحكم، بمن فيهم أكثر من 20 صحفيا. في نوفمبر/تشرين الثاني أعلنت الشرطة حظرا كاملا على التجمعات العامة في 11 بلدة في رانغون.
واستخدمت الحكومة أيضا قوانين عهد الاستعمار البريطاني لمقاضاة الصحفيين. في يونيو/حزيران، احتجز المسؤولون ثلاثة صحفيين كانوا يغطون أخبار جماعة مسلحة عرقية في ولاية شان الشمالية بموجب قانون الجمعيات غير المشروعة لعام 1908. أسقطت التهم بعد احتجاجات محلية ودولية كبيرة. في ديسمبر/كانون الأول، ألقى المسؤولون القبض على صحفيين من “رويترز” في رانغون، كانا يغطيان أزمة الروهنغيا، بزعم امتلاكهما وثائق تتعلق بالعمليات الأمنية في ولاية أراكان. وجهت إليهما تهم بموجب قانون الأسرار الرسمية لعام 1923 ولا يزالان محتجزان.