وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
تجد النساء من أقلية الروهنغيا الميانمارية المسلمة ملاذاً لهن ولأطفالهن في موقع محظور على الرجال، داخل التجمعات المكتظة باللاجئين في بنغلادش يسمى “مخيم الأرامل” حيث في إمكانهن التنعم بلحظات أمان نادرة تنسيهن أهوال العنف والتهجير التي قاسينها.
وتقدم الخيم القماشية البرتقالية المنصوبة على دعامات من الخيزران، ملاذاً لعشرات الأرامل والأطفال الهاربين من أعمال العنف التي دفعت بنحو 690 ألفاً من مسلمي الروهنغيا إلى ترك ميانمار في اتجاه بنغلادش.
وقد فرت هؤلاء النسوة من الفظائع التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أعمال “تطهير عرقي”، لكن من دون أزواجهن ما أرغمهن على التسابق على المأكل والملجأ للصمود في منطقة حدودية تعج بحوالي مليون لاجئ.
من بين هؤلاء، صوالحة بيغوم اجتازت الحدود بمفردها بعدما قتل زوجها الذي اقترنت به منذ ثلاثة أشهر فقط في هجوم شنه الجيش على القرية.
وتشرف هذه المرأة التي لم تتجاوز الثامنة عشرة من العمر على “مخيم الأرامل” هذا المفصول عن باقي خيم اللاجئين في واد مغبر ومكتظ.
وتفاخر الأرامل الستون تقريباً في المخيم بما يملكن في هذا الموقع المتواضع من حمامات خاصة كما ينظمن صلوات ويتشاركن رعاية عشرات الأطفال والأيتام.
وتقول صويلحة “في استطاعة النساء المتزوجات إقامة مساكنهن الخاصة باستخدام الخيزران والقماش المشمع″.
وتضيف “لقد حصلنا على هذا بفضل الله”، مؤشرة بيدها الى الخيام البسيطة المتراصة بجانب حصائر نوم رقيقة وأواني الطبخ.
ومن مهامها الأساسية ضمان عدم اقتراب الرجال حتى المراهقين منهم، من هذه الخيم التي تتمتع فيها النساء بحرية كبيرة تنسحب أيضاً على الملبس.
“أخوات” في المخيم
ويقول العاملون في مجال الإغاثة إن النساء والفتيات هن الأكثر تعرضاً للتهديد من قبل الجهات الضالعة في عمليات الإتجار بالبشر، ممن يبحثون عن ضحاياهم في المخيمات التي تفتقر للمراقبة.
ويتفاقم هذا الخطر عندما تغامر نساء الروهنغيا بالتجول في الغابة بعد حلول الظلام بحثاً، عن أماكن لقضاء حاجتهن في ظل رفضهن تشارك المراحيض مع الرجال.
وقد وثقت المنظمة الدولية للهجرة حالات للاجئات هجرن المخيمات بعد اغرائهن بوعود زواج أو بوظائف غالباً ما تقودهن إلى العمل القسري أو الدعارة.
وذكرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن اكثر من نصف اللاجئين الروهنغيا الذين فروا من سفك الدماء في ولاية أراكان في اقصى غرب ميانمار هم من النساء والاطفال. ونجح هؤلاء في البقاء على قيد الحياة لكن مع ندوب كبيرة.
وتقول هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن الأكثرية الساحقة من النساء والفتيات في مخيم بالوخالي الواسع وقعن ضحية حالات عنف فظيعة إذ بينهن ناجيات من الاغتصاب وشواهد على اعتداءات جنسية وجرائم قتل أو حرق لأفراد من العائلة أو أصدقاء أحياء.
مابية خاتون التي تقول إن زوجها وابنيهما ذبحوا على يد الجنود الذين هجموا على قريتهم، تفاخر بالتضامن بين “أخواتها” في “مخيم الأرامل”.
وتقول “احب هذا المكان، أرى انه هادئ جداً. نعيش هنا حياة محترمة وكريمة”.
غير أن المزاج يتبدل عند حديثهن عن العودة إلى وطنهن.
وقد وافقت بنغلادش وميانمار على جدول زمني مدته سنتان لإعادة 750 الف لاجئ إلى أراكان على أساس طوعي، غير أن العملية توقفت.
وعلى الرغم من الأمن في بنغلادش والأهوال التي لحقت بأفراد أقلية الروهنغيا في ميانمار، تتوق بعض النسوة في “مخيم الأرامل” إلى الحياة التي تركنها في ديارهن.
وتقول كوشيدا بيغوم وهي لاجئة تبلغ من العمر 30 عاماً قتل زوجها واطفالها في أراكان، إن الراحة النسبية التي وجدتها في بنغلادش لا يمكنها البتة أن تحل محل ارض اجدادها.
وتوضح “لقد ولدت هناك، وكذلك الأمر بالنسبة لأمي وأبي وأجدادي، جئنا إلى هنا فقط بسبب التعذيب والقتل وإحراق ممتلكاتنا. إذا ما نلنا العدالة إزاء ما حدث فإننا نريد العودة”.
لكن البعض الآخر يتطلع إلى إعادة بناء حياة جديدة في بنغلادش محاطين بأشخاص يمكنهم أن يفهموا معاناتهم.
وتقول مابيا التي تؤكد أنها في الخمسين من العمر “لن أعود إلى دياري. لا سبب يدفعني للعودة – لا منزل ولا زوج ولا أطفال ولا شيء”، مضيفة “على الأقل لدي ما يشبه العائلة هنا”.