وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
أكد الإعلامي المهتم بالعمل الإنساني الدكتور عبدالله بن معيوف الجعيد أن مسلمي الروهنغيا هم أشد شعوب العالم تعاسة وشقاء، وأكثر الأقليات اضطهاداً؛ نتيجة تخاذل كبير من المسلمين، وهو ما دفع البوذية إلى ممارسة البطش والتنكيل والتهجير والدفع بهم كلاجئين في مخيماتٍ لا تقي من العري والبرد والجوع والفقر في الدول المجاورة كبنجلاديش وتايلاند ذات التماس الحدودي مع ميانمار وطن الروهنغيا.
وأضاف: لا وطن يأمنون فيه من أكثر غوائل الدهر قسوة، ولا ينعمون فيه بأقل حاجيات الإنسان المكرم إلحاحاً وعوزاً؛ حتى أصبحت مذابح الروهنغيا أمراً عادياً، ودماؤهم مشهداً يومياً، والتمييز ضدهم قضيةً لا حساب لها من أي نوع، فضلاً عن الاغتصاب وتقطيع الأوصال والدفن أحياءً وحرق البيوت والقرى.
وتابع “الجعيد” وهو أحد المهتمين بالعمل التطوعي والإنساني والتطويري ويعمل مديراً لبرامج قناة “الأمة” بإندونيسيا: إن اطلاع العالم على أزمة مسلمي الروهنغيا ومعرفته بها لم تكن بداعٍ من إنسانية يُتشدق بها، وإنما كان بفضل حملات تضامن شنَّها نشطاء حقوقيون حول العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تفاقم الأزمة وضخامة الجريمة ضد بشرية معذبة لم تكن لتلقى نصيراً منذ سنين.
وقال: بورما -أو “ميانمار” كما أعيدت تسميتها- دولة مليئة بالعرقيات متنوعة الديانات والثقافات؛ إذ يصل عدد العرقيات بها إلى 140 عرقاً، أهمها البورمان الذين يشكلون 68% من عدد السكان، ثم الشان بنسبة 9%، والكارين 7%، ومسلمو الروهنغيا 5%، وعرقيات أخرى أقل نسباً، ويبلغ عدد مسلمي الروهنغيا نحو 3 ملايين نسمة، هذا الشعب الذي وصفته متحدثة باسم الأمم المتحدة عام 2009م بأنهم “أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم”.
وأضاف: ينتمي معظم مسلمي الروهنغيا إلى أصول مسلمة هندية؛ حيث كانت تضم بنغلادش قبل الانقسام، وبعضهم ذوو أصول صينية، فضلاً عن قلة قليلة من الفرس والعرب؛ يقال جلبهم الاحتلال البريطاني إلى ميانمار للمساعدة في أعمال التجارة. وبعد استقلال ميانمار عن الاحتلال البريطاني ظل شعب الروهنغيا على وضعه دون أية تعديل؛ وهو ما أثر على وضعه القانوني الحالي؛ إذ تعتبره حكومة “ميانمار” ناتج حركة هجرة غير شرعية.
وتابع: يعاني شعب الروهنغيا عنفاً وتقتيلاً من الشعب الميانماري، وضياع حقوقه، وعدم تلبية احتياجاته، وهو ما أجبر أكثر من 260 ألفًا منهم على الهجرة خارج البلاد؛ بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي يقوم بها الجيش الميانماري؛ من مصادرة الأراضي والسُخرة والاغتصاب والتعذيب، انتهاءً بالإعدامات دون محاكمة.
وأردف: تأثر شعب الروهنغيا كسائر الشعوب المسلمة والعربية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، لكن أزمة الروهنغيا كان لها بُعدها العنصري؛ فقد قام البوذيون -تساندهم حكومة البلاد- في العام 2001م بموجة منظمة من العنف والقتل بحق المسلمين في كل مدن ميانمار، كما استولوا على الكثير من ممتلكات وأراضي المسلمين، وما يحدث لهم اليوم ما هو إلا حلقة في هذه السلسلة الطويلة مبيناً أنه خلال عامي 2014-2016م وصل عدد مسلمي الروهنغيا المقتولين على أيدي مضطهديهم لأكثر من خمسين ألف مواطن، إضافة إلى أن أكثر من 650 ألفاً فروا إلى بنغلادش وتايلاند؛ ليعيشوا ظروفاً قاسية في العراء هرباً من أفران الغاز والقتل الجماعي وسط الصمت العربي والإسلامي.
وزاد “معيوف”: المشكلة الفعلية في أزمة الروهنغيا تكمن في حالة عدم الترحيب التي يلقاها المهاجرون الروهنغيا للبلاد النازحين إليها، والتي بدت وكأنها غير راغبة ولا مرحبة بتوفير إقامة دائمة لهم، أو غير قادرة على ذلك، وتخلق هموماً اقتصادية ومشكلات في العمالة والسكن إضافة إلى مشكلات اجتماعية أو سياسية لهذه البلاد؛ وهو ما جعلهم في مرمى الرفض الدائم من أعدائهم ومن إخوانهم، ومن أمثلة هذه البلدان التي أبعدتهم دول إسلامية؛ مثل ماليزيا وإندونيسيا، ومن جملة التصريحات التي أطلقها نائب وزير الداخلية الماليزي عليهم قوله: “علينا إرسال رسالة واضحة أنهم غير مُرحّب بهم هنا”.
وأكمل: وقد حذت بنجلاديش، وهي دولة مسلمة كبيرة، حذو سابقتيها، فبرغم أنها آوت الروهنغيا لسنوات بشكل غير رسمي، إلا أن الوقت قد حان ليتحدث مسؤولوها عن نية الحكومة إجلاءهم عن المخيمات الحدودية التي نزحوا إليها منذ عقود.
وأضاف: لم تكن الحكومات الإسلامية والعربية الأخرى أفضل حالاً من سابقيها في التعاطي مع أزمة الروهنغيا؛ إذ بعيدًا عن التعاطف الشعبي الموجود -فقط- على صفحات التواصل الاجتماعي، مع قضية مسلمي الروهنغيا نجد الفجوة تكبر مع الأيام بين ما هو رسمي وما هو شعبي، وبخاصة مع اعتراف شعب الروهنغيا صراحة بأن المنظمات الإسلامية وغيرها لم تفعل حتى الآن شيئا ذا بالٍ من أجل قضيتهم.