وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
“هل كان غسان كنفاني يتوقع أنّ ما يكتبه في رواياته سيتحقق بعد قرابة العقدين من الألفية الثانية”.. تخيّل المؤلف الفلسطيني قبل عقود، رجالًا ماتوا اختناقًا تحت الشمس في خزان مياه في الصحراء، وشاهد عربة دجاج تتحول قبرًا للأحياء.
ليس هذا الحال بالضبط بالنسبة لـ”الروهنغيا” وتحديدًا الأطفال اللاجئين بالمخيمات في بنغلادش، لكنّ وضعهم ربما لا يختلف عنه، إذ يواجهون ظروفًا حياتية شديدة القسوة.
حصلت “مصر العربية”، على رسالة إلكترونية من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تكشف حجم المعاناة في المخيمات.
أجرت المفوضية زيارة ميدانية إلى مخيمات اللاجئين هناك، وتقول إنّ الدهشة أصابتهم عندما سألوا أطفال الروهنغيا عن أمنياتهم، فهو لم يطلبوا الألعاب والدمى أو كرة للعب، أو هواتف ذكية أو مشاهدة أفلام كرتونية ولا حتى ملابس جديدة كما نظرائهم، لكن كل ما طلبوه كان الحصول على أحذية لأقدامهم الحافية، وأمشاط لشعرهم، ومرايا كي يرون وجوههم التي افتقدوا رؤيتها لأشهر منذ أُجبروا على الفرار من بيوتهم.
يوجد في بنغلادش حاليًّا 5600 عائلة من الروهنغيا يعيلها أطفال، وهم الأطفال الذين رسموا أشكال مظلّات لتحميهم من الأمطار الغزيرة، بحسب المفوضية، ووفقًا لتقديرات المركز الآسيوي للاستعداد للكوارث، فإن مياه الأمطار الموسميّة والفيضانات المتوقّعة ستغمر ثلث مساحة أكبر منطقة تجمّع للاجئين في العالم، منطقة كوكس بازار ومخيّماتها، وعليه، فقد يخسر أكثر من 85 ألف شخص مآويهم، وسيكون 23 ألف لاجئ آخر ممّن يعيشون على منحدرات حادّة معرّضين لخطر الانهيارات الأرضية.
وتوضح المفوضية أنّها تكثف في هذه الأثناء، جهودها بالتعاون مع السلطات في بنغلادش من أجل إتمام التحضيرات والإجراءات اللازمة لضمان حماية آلاف العائلات اللاجئة قبل مجيء موسم الأمطار.
وبينما تعمل على نقل وتدعيم مآوي آلاف العائلات المعرّضة لمخاطر انجراف التربة والفيضانات، فإنّ الكثير من اللاجئين يفتقدون شعورهم بالأمان ليلًا بسبب هشاشة مآويهم وغياب الإضاءة عنهم، أما الأطفال فيشتكون من الأوجاع في أقدامهم بسبب اضطرارهم للمشي حفاة.
لا تقتصر معاناة اللاجئين “الروهنغيا”، ولو أنّهم واجهوا من سلطات ميانمار أبشع أنواع القتل والتعذيب، غير أنّ تلك أزمة عامة، لا سيّما السوريون واليمنيون الذين نزحوا من بلادهم بسبب ظروف الحرب، عجز المجتمع الدولي عن مواجهتها بشكل حازم حتى الآن، رغم الجهود التي تبذلها المؤسسات ذات الصلة.
وحاليًّا، ينزح أكثر من 65 مليون شخص من ديارهم، أي ما يقرب من واحد من كل 100 من البشر، وإذا كان اللاجئون والمشردون دولة، فإنّهم سيكونون الدولة الواحدة والعشرين الأكبر على وجه الأرض.
واتساقًا مع صعوبة الأزمة عالميًّا، فقد طالبت منظمة العفو الدولية بضرورة فتح طرق آمنة إلى ملاذات اللاجئين، ويعني هذا السماح بلم شمل العائلات وجمع الأشخاص بأهاليهم ومنح اللاجئين تأشيرات دخول حتى لا ينفقوا كل ما لديهم ويتعرضوا لخطر الموت غرقًا وهم يحاولون الوصول إلى الأمان.
ودعت كذلك إلى إعادة توطين جميع اللاجئين الذين يحتاجون إلى ذلك، حيث إنّ إعادة التوطين حل في غاية الأهمية لمعظم اللاجئين المستضعفين، بمن فيهم الناجون من التعذيب وذوو المشكلات الطبية الخطيرة.
وتذكر المنظمة، أنّ 1.5 مليون شخص يحتاجون شريان الحياة هذا على وجه السرعة، ولكن دول العالم الأكثر غنى لا تعرض سوى توطين أقل من 10% من هؤلاء في السنة، وقدّرت المنظمة أنّ ما مجموعه 1.45 مليون لاجئ بحاجة إلى إعادة التوطين بنهاية 2017.
كما دعت المنظمة إلى “إنقاذ الأرواح أولاً”، وقالت إنّه ينبغي على قادة العالم كذلك أن يعطوا الأولوية قبل كل شيء لإنقاذ أرواح البشر، فلا يجوز أن يموت أحد وهو يحاول عبور الحدود، ومع ذلك غرق ما يقرب من 7,000 شخص في البحر المتوسط وحده في السنتين اللتين انقضتا منذ أول حادثة غرق سفينة تحمل عددًا كبيرًا من المهاجرين في أكتوبر 2013.
كما أشارت إلى أنّه ينبغي على جميع الدول التحقيق بشأن عصابات الاتجار بالبشر ومقاضاة أعضائها الذين يستغلون اللاجئين والمهاجرين، وإعطاء الأولوية لسلامة الأشخاص فوق كل اعتبار، فضلًا عن التوقف عن تحميل اللاجئين والمهاجرين مسؤولية المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وعوضًا عن ذلك، عليها مكافحة جميع أنواع رهاب الأجانب والتمييز العنصري، وخلاف ذلك ظلم كبير إنّما يؤجج التوترات والخشية من الأجانب، وربما يفضي أحيانًا إلى العنف، وحتى إلى الموت.
و”الإسراع إلى تمويل الأمم المتحدة المفلسة بشكل لائق” هو أحد الحلول الذي دعت إليه المنظمة، فكان وصف “مفلسة ماليًّا” هو الذي أعطاه أنتونيو غوتيريش مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين لوضع وكالات الأمم المتحدة في سبتمبر 2015، فالدول الغنية ببساطة لا تفي بوعودها الاستعراضية بتمويل المساعدات اللازمة للاجئين خارج بلدانها.