حوار: صلاح عبدالشكور
وكالة أنباء أراكان ANA | خاص
دعت مديرة إدارة الإعلام بمنظمة التعاون الإسلامي السيدة مها عقيل العالم إلى الوقوف بجانب قضية أقلية الروهنغيا المسلمة التي تواجه اعتداءات مستمرة من قبل حكومة ميانمار، وشددت على أهمية التفات المجتمع الدولي لهذا الشعب الذي يباد ويضطهد ويشرد عن وطنه منذ عقود طويلة، مشيرة إلى أن أزمة الروهنغيا لها أبعاد قانونية وحقوقية وإنسانية، موضحةً الجهود التي تبذلها منظمة التعاون الإسلامي من أجل إعادة حقوق الروهنغيا في وطنهم وحل أزمتهم المتفاقمة. وكشفت “عقيل” في حوار خاص لوكالة أنباء أراكان عن شهادات مروعة سجلتها أثناء زيارتها لمخيمات اللاجئين الروهنغيا في بنغلاديش واصفة الوضع بـ “المأساوي”، نتابع كل ذلك وأكثر في تفاصيل هذا الحوار:
– قضية الروهنغيا قضية دولية ذات أبعاد مختلفة، ومن خلال عملكِ كمديرة للإعلام في ثاني أكبر منظمة دولية في العالم كيف تنظرين لهذه القضية ؟
قضية الروهنغيا مهمة جداً وتوليها منظمة التعاون الإسلامي أهمية بالغة منذ بداياتها وخاصة منذ عام 1982م عندما تم سحب الجنسية عن الروهنغيا وأصبحوا عديمي الجنسية؛ علماً أنهم سكان أصليون في ميانمار (بورما سابقاً)، ولا يمكن بحال تجاهلهم أو تهميشهم بجرة قلم، وقضية الروهنغيا لها أبعاد قانونية وحقوقية وإنسانية، حيث تعرّض الروهنغيا لعمليات قتل ممنهجة وإحراق لقراهم وممتلكاتهم وتعرض نساؤهم للاغتصاب والتهجير، وكلها أمور مرفوضة وغير مقبولة للضمير الإنساني ويرفضها العالم بشكل واضح، فالمنظمة معنية ومهتمة بهذه القضية الإنسانية وسوف تستمر في دعمها إلى أن تُسترد حقوقهم ويعودوا إلى وطنهم بكرامة ويعيشوا في مناطقهم بكامل حقوقهم .
– منظمة التعاون الإسلامي قامت بزيارة اللاجئين الروهنغيا في بنغلاديش مؤخراً، وكنتِ إحدى المشاركات في هذه الزيارة حدثينا عما مشاهداتك؟
كانت زيارتنا لبنغلاديش مهمة جداً ومؤثرة جداً، وكان الوفد مكوناً من منسوبي الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي وهيئة حقوق الإنسان التابعة للمنظمة، وكان هدفنا تقصي الحقائق لما جرى ويجري في ميانمار منذ 25 أغسطس 2017م، وموجة الاعتداءات التي تجددت على الروهنغيا وتهجيرهم، ولقد حاولنا مراراً وتكراراً أن يذهب وفد من المنظمة ومن هيئة حقوق الإنسان إلى ميانمار مباشرة ليعاين الواقع ويطلع على حقيقة ما يجري في أراكان، ولكننا قُوبلنا برفض تام من حكومة ميانمار ولم يسمحوا للمنظمة بالزيارة ، وهنا أشير أيضاً إلى أن منظمة التعاون الإسلامي حاولت في السنوات الماضية بشتى الوسائل أن تفتح مكتباً للأعمال الإنسانية لتقديم المساعدات الإنسانية هناك، ولكن حكومة ميانمار رفضت بعد خروج احتجاجات من البوذيين رأيناها بأنفسنا ، وفي عام 2013م ذهبت المنظمة إلى ميانمار في وفد رفيع المستوى وكنت برفقة هذا الوفد وأتذكر جيداً منذ وصولنا للمطار في ميانمار وخروجنا منها كانت هنالك احتجاجات شديدة في الشوراع وكان البوذيون يلاحقوننا حيث نذهب.
وعن زيارتنا الأخيرة لبنغلاديش فقد كانت الزيارة مؤثرة للغاية والقصص التي سمعناها كانت مأساوية تحمل الكثير من المعاناة وتأثرنا بها جميعاً ، وأستطيع القول أن أزمة الروهنغيا هي أزمة إنسانية حقوقية لا يستطيع الإنسان أن يعرف حقيقتها إلا حين يعانيها بنفسه، لذلك كانت رسالتنا بعد زيارتنا أنه يجب أن نساعد ونقف مع الروهنغيا بكل ما نملك ويجب أن نحمي هذا الشعب الذي ظُلم لعقود طويلة .
– من خلال سماعك لشهادات اللاجئين الذين نجو من عمليات الإبادة والقتل والاغتصاب ماذا تتذكرين من هذه القصص؟ وما الذي لفت انتباهك ؟
في الحقيقة تأثرت كثيراً بقصص النساء الروهنغيات حيث سمعت إلى شهادات قتلُ أزواجهم وأبناؤهم أمام أعينهم وبعضهم رأين كيف أُحرق أبناؤهن وقد شاهدت الكثير من الحروق على أجساد النساء اللاجئات، بالإضافة إلى عمليات الاغتصاب التي قامت بها قوات ميانمار ، وكان سماعي لهذه القصص مؤلماً جداً …
– هنالك فريق اتصال تم تشكيله سابقاً في منظمة التعاون الإسلامي للتواصل مع حكومة ميانمار لحل أزمة الروهنغيا ما الذي قدمه الفريق وهل حقق نجاحات ملموسة تُحسب ؟
فريق الاتصال المشكَّل استطاع ولله الحمد الوصول إلى الكثير من القرارات المهمة جداً في الأمم المتحدة وفي مجلس حقوق الإنسان وفي منظمات دولية أخرى، والفريق يتابع باستمرار هذه القضية وعمل الكثير من أجلها ولا يزال يدعم القضية بالتواصل مع الدول الكبرى منها أمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وغيرها من المنظمات الدولية، كما نجح الفريق إلى إصدار قرارات دولية تدين حكومة ميانمار وما حصل هناك جرائم وانتهاكات، وما تقوم به الحكومة من سياسات القمع والاضطهاد الممنهج للروهنغيا، كما نجح فريق الاتصال في الحصول على قرارات لإرسال وفود دولية لتقصي الحقائق، ورغم ممانعة ميانمار ولكن نجح وفد كوفي عنان الذي أصدر وثيقة وقرارات مهمة جداً، ونحن نتابع تنفيذ هذه القرارات وإلزام ميانمار بها، فعمل فريق الاتصال هو عمل على المستوى الدولي والمنظمات الدولية، وآخر نجاح لفريق الاتصال الذي شُكّل في المنظمة هو الاتفاق الذي حصل بين بنغلاديش وميانمار لإعادة اللاجئين وفق شروط وضمانات تحمي حقوق الروهنغيا وتحفظ لهم أمنهم وسلامتهم وكرامتهم.
ولا زلنا نعمل باستمرار ولكن من الواضح جداً أن حكومة ميانمار لا تستجيب إلا بالضغوط الدولية، فيجب أن يستمر هذا الضغط ولذلك فإن مجموعة الاتصال عقدت اجتماعات دورية ومستمرة في الاتصالات الدولية لتحقيق أهدافها.
– سؤال يتعلق بقيادات الروهنغيا، ما الذي ينقص الروهنغيا لكي يكون لهم وجود قانوي دولي فاعل ولكي يتمكنوا من تحريك قضيتهم دولياً ؟
الروهنغيا يحتاجون إلى قيادة أكثر فاعلية يتحدث باسمهم، وهنالك جاليات روهنغية منتشرة في الدول فيجب أن يكون هنالك اتحاد وشخصية قيادية يمثل قضية الروهنغيا ويتحدث بالنيابة عنهم في المحافل الدولية، وهذا أحد الأسباب المهمة خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن الروهنغيا غير معترف بهم في وطنهم كمواطنين، فهذا بحد ذاته يضعف وجودهم في الساحة الدولية، فيجب أن يكون هنالك من يمثلهم ويخاطب حكومة ميانمار بصفة رسمية ..
– كلمة أخيرة توجهينها؟
أدعو ضمير العالم الإسلامي أن يلتفت لمأساة الروهنغيا وأن يقدم لهم جميع أنواع الدعم والمساعدة وخاصة في هذا الوقت في ظل ما يعانونه من مصاعب في دول الشتات وأخص في حديثي دعم قضية الروهنغيا من الناحية الإنسانية كشعب لهم حقوق مثلهم مثل باقي الشعوب وهذا الشعب له أصول تاريخية قديمة وهذا حقهم الأساسي .. وأدعو المجتمع الدولي والضمير العالمي أن يلتفوا لهذه القضية وللشعب الروهنغي المستضعف .