يقوم الناس بالرحلات لأغراض عدة بعضهم لإنجاز الأعمال وعقد الصفقات ومعظمهم للسياحة والترفيه أو لمجرد اللهو والاستمتاع الحسي، ولكن ماذا عن الدعاة الذين آلوا على أنفسهم حمل رسالة سامية وإيصالها إلى غيرهم ممن لا يعلمون عن الإسلام شيئا؟ أين ذهب هؤلاء الدعاة في رحلاتهم وماذا شاهدوا؟ وما انطباعاتهم خلال تلك الرحلات؟ كل يوم يحدثنا البعض عما رأى في رحلاته.
حالة من الغياب العربي والإسلامي والعالمي أو لنقل «حالة من التغيب» تعيشها أرض هي في الأصل منسية.. وشعب يعاني منذ مائتي عام من النسيان ومنذ ستين عاما من القتل والقهر والموت البوذي.. ذهبنا إلى هذه الأرض لنصرة إخواننا بعد أن قمنا بزيارتهم لتفقد احوالهم شارك فيها كويتيون وقطريون.. بهذه الكلمات بدأ الشيخ د.نبيل العوضي رئيس مجلس إدارة مبرة طريق الإيمان تفاصيل رحلته لتفقد أحوال المسلمين الفارين من الموت البوذي في بورما وتحديدا على الحدود البورمية البنغلاديشية حيث مخيمات اللاجئين.
أكواخ متهالكة
استهل العوضي حديثه المؤلم قائلا: «بعد أن أطلقنا حملة لتفقد حال إخواننا في بورما عقدنا العزم وتوكلنا على الله وتوجهنا إلى بنغلاديش في وفد من الكويت وقطر قاصدين الحدود البورمية للاطلاع على احوال المسلمين النازحين وتقديم المساعدات، وبعد طريق وعر وطويل وصلنا الى النازحين في أحد المناطق القديمة منذ ثلاث سنوات والتي نزح لها مسلمون جدد سرا وخفية، وقد بدأنا في توزيع بطاقات المساعدات على هذه الأسر بعد أن تم حصرها.
دخلنا أحد البيوت التي لا تغني من مطر ولا برد، فهي أكواخ من خشب متهالك وقش، أردنا أن ندخل الفرحة على وجوه الأطفال حيث كانت فرحتهم لا توصف حين استقبلونا وحين ودعونا، فوزعنا عليهم قطع الحلوى وتجولنا في القرية نبحث عن النازحين الجدد (فكانت هذه القصص المؤلمة)؟!
آلاف اللاجئين
هذا الرجل أجهش بالبكاء حين سألناه عن أحواله، لقد فقد خمسة من أبنائه وهو الآن لا يعرف شيئا عنهم ولا مصيرهم، وهذا رجل آخر يبلغ من العمر ستين عاما قتل البوذيون اختيه وأخاه ونجا هو مع أحد عشر فردا من أسرته وقد قطعوا يده لأنه مسلم موحد وهو الآن مثل آلاف اللاجئين لا يجدون من ينصرهم في هذا الزمان، ورجل ثالث يقول «اغتصبوا أختي أمامي ثم أخذوها وإلى الآن لا أعرف أين هي؟!» فيا جيوش المسلمين والعرب لتعلموا أن بنات المسلمين يغتصبن أمام إخوانهن ولا نصير لهم ومازال العالم لا ينظر لهذا الشعب المظلوم، فأين حقوق الإنسان وأين أميركا وبريطانيا والأمم المتحدة؟! وأين منظمة المؤتمر الإسلامي من هذا القتل في بورما لشعب لم يرتكب أي جريمة ولكن فقط لأنهم يوحدون الله وفقط لأنهم مسلمون ولو أنهم عبدوا غير الله لعاشوا أحلى حياة؟!
يواصل العوضي حديثة قائلا «انتقلنا من مكان إلى آخر نتفقد أحوال النازحين وبفضل من الله اشترينا لهم ما يحتاجونه من المساعدات التي حملنا أمانتها أهل الخير لإخواننا في بورما وحرصنا على أن نشمل جميع العائلات وتوزيع بطاقات التسلم لجميع الاسر ليتسلموا المواد الغذائية والمساعدات المالية، ثم توجهنا الى احدى نقاط قدوم النازحين والفارين من الموت البوذي عن طريق البحر فذهبنا الى الشاطئ المحاذي لحدود بورما لنرى المراكب التي يفر بها الناس وهي متهالكة فيغرق الكثير منهم في البحر ولا ينجو منهم سوى 10% ممن يحاولون الهرب فيصلون الى هنا ليلاقوا مأساة أخرى ويطردوا إذا علمت بهم السلطات أو يدخلوا في ظلام هذه الحياة في المخيمات.
موت في الطريق
وهذه امرأة هربت بعرضها ولا تدري أين ابنها وبنتها وزوجها، فرت بدينها وعرضها من بلد إلى بلد، وكادت أن تموت في الطريق، وهاهي تتساءل: من سيعيد لي ابني وبنتي وزوجي؟ ومن يحفظ لها عرضها؟! ونحن نخاطب الانسانية في الناس مسلمين وكفارا، ونقول ان هؤلاء بشر لا ذنب لهم ولا جريمة سوى أنهم مسلمون، ففي بورما يحرقون الاحياء ويغتصبون النساء ويقتلون الناس، فالبعض لم يبق له من أسرته سوى طفل صغير وقد بلغ من العمر ضعفا وشيبا، ولا يريد من الدنيا سوى العودة الى وطنه وأرضه ليعلن فيها التكبير ويرفع فيها الأذان.
دعوة
ويختم العوضي حديثة قائلا «هذه امرأة قطعت قلوبنا وهي تشرح ما فعله بها البوذيون، فقد قتلوا عشرة من أبنائها وأحفادها ومازالت تسمع بأذنها صوت أصغر حفيد لها وهو يستغيث بها وهم يقتلونه، فقد ذبحوهم وقطعوا أجسادهم، لقد قتلوا من هذه الاسرة طفلا عمره 6 أشهر قتلوه وقطعوا جسده!
" الأنباء "