وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
اعترضت الأمم المتحدة والعشرات من مجموعات حقوق الإنسان التي تتعامل مع أزمة الروهنغيا الذين عانوا طويلاً على خطة إعادة الهاربين من العنف إلى ميانمار، لأنها افتقرت إلى أي ضمانات بأن العائدين، أعضاء الأقلية المسلمة في ميانمار، والذين كانوا أهدافاً للحملة القاتلة من التطهير العرقي، سوف يُعاملون بشكل أفضل بأي مقدار مما كانوا عليه قبل أن يفروا بأرواحهم.
بموجب القانون الدولي -ومبادئ اللياقة الإنسانية الأساسية- يجب أن يكون بمقدور ما يقرب من مليون شخص من شعب الروهنغيا الذين طُردوا من وطنهم في ميانمار وحُشدوا في مخيمات اللاجئين في بنغلادش، أن يعودوا إلى ديارهم. لكن دفعهم إلى العودة عبر الحدود ببساطة من دون أي ترتيبات، كما حاولت بنغلادش وميانمار أن تفعلا في أواسط تشرين الثاني (نوفمبر) تحت ضغط من الصين، هو عمل غير مقبول، والذي تم التراجع عنه بحكمة.
اعترضت الأمم المتحدة والعشرات من مجموعات حقوق الإنسان التي تتعامل مع أزمة الروهنغيا الذين عانوا طويلاً على هذه الخطة لإعادة الهاربين من العنف، لأنها افتقرت إلى أي ضمانات بأن العائدين، أعضاء الأقلية المسلمة في ميانمار، والذين كانوا أهدافاً للحملة القاتلة من التطهير العرقي، سوف يُعاملون بشكل أفضل بأي مقدار مما كانوا عليه قبل أن يفروا بأرواحهم.
وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، إن إرسال اللاجئين إلى ميانمار عند هذه النقطة “يعني فعلياً الإلقاء بهم مرة أخرى في دورة من انتهاكات حقوق الإنسان، والتي يعاني منها هذا المجتمع منذ عقود”. ولم يسأل أحد الروهنغيا عن الخطة التي أُعدت لإعادتهم إلى ميانمار، وقد أصيبوا بالذعر، بشكل مفهوم، عندما دخلت القوات البنغالية مخيماتهم وأمرت المجموعة الأولى المكونة من 2.200 شخص بالاستعداد للتحرك. وبصوت واحد، هتف الشيب والشبان على حد سواء: “نحن لن نذهب”! وكان من رحمة الله أن بنغلادش -التي أشيد بها لتوفيرها ملجأ للروهنغيا- تراجعت عن قرارها.
لأكثر من 15 شهراً، هرب أكثر من 700.000 من أفراد طائفة الروهنغيا من حملة منهجية من القتل والاغتصاب، وإحراق القرى، والتي قالت عنها الأمم المتحدة أنها “ترقى بلا شك إلى أفدح الجرائم بموجب القانون الدولي”. وبينما اكتظوا في مخيمات اللاجئين في بنغلادش، فإنهم انضموا إلى 200.000 من نظرائهم من الروهنغيا الذين كانوا قد فروا من موجات سابقة من العنف.
اتفقت بنغلادش وميانمار على هذه العودة المتعجلة للروهنغيا تحت ضغط من الصين، التي لديها روابط اقتصادية مع كليهما وخطط طموحة للمنطقة. ولكن، وفقاً لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، فإن حكومة ميانمار التي يهيمن عليها الجيش، والتي أنكرت قيامها بعمليات التطهير العرقي كل الوقت، لم تفعل أي شيء “لخلق الظروف لعودة آمنة وكريمة للروهنغيا، أو لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة”.
وقالت المنظمة إن اللاجئين خائفين من إنهم إذا عادوا من دون أي ضمانات، فإنهم سيوضعون في معسكرات اعتقال مثل تلك التي ما يزال 124.000 من الروهنغيا الآخرين محتجزين فيها في ميانمار منذ تم تشريدهم بالعنف في العام 2012. وقد أقيمت “مراكز الاستقبال” و”معسكرات العبور” في ميانمار على مواقع قرى الروهنغيا المهدومة، محاطة بالأسلاك الشائكة والبؤر الأمنية.
تُصنف محنة الروهنغيا بين أسوأ المظالم في عالم اليوم. وقد أنكرت حكومة ميانمار، بما فيها داو أونغ سان سو تشي التي حظيت بالاحترام ذات مرة، أي مسؤولية لها أو ذنب فيما يجري، مستشهدة بالمظالم القديمة والتاريخ المشوه لتبرير معاملة الروهنغيا كمتطفلين مسلمين في أرض ذات أغلبية بوذية.
عندما قال نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، للآنسة أونغ سان سو تشي في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) في اجتماع إقليمي في سنغافورة إن اضطهاد الروهيجا كان “بلا مبرر”، أجابت: “إننا نفهم بلدنا أكثر مما يفعل أي بلد آخر”، ولذلك، فإننا “في وضع أفضل لأن نفسر لكم ما يحدث”.
كلا يا آنسة أونغ سان سو تشي، إن العالم لا يحتاج إلى “تفسيراتك”، ولا إلى مخططات إعادة الروهنغيا إلى ميانمار، والتي تفشل في معالجة سوء المعاملة التي يتلقاها هؤلاء الناس أو في تزويدهم بالضمانات بأنهم سيستطيعون إعادة بناء منازلهم المحروقة والعيش في أمان وكرامة. وكان سجن اثنين من مراسلي وكالة رويترز في أيلول (سبتمبر)، واللذين كانا يغطيان المذبحة التي تُنفذ ضد الروهنغيا، دليلاً إضافياً على أن حكام ميانمار لا يهتمون بأي شيء سوى تبرير وحشيتهم والتغطية عليها.
كان واضحاً منذ وقت طويل أن الطريقة الوحيدة لدفع جنرالات ميانمار إلى العمل بطريقة مناسبة، هم وعناصر تمكينهم من المدنيين، هي إجبارهم على ذلك من خلال ملاحقة الجناة في المحكمة الجنائية الدولية، ومن خلال فرض العقوبات الاقتصادية، وحظر السفر وتجميد الأصول. ويمكن أن تلعب الصين دوراً أكثر فائدة مما تفعل حتى الآن عن طريق ممارسة نفوذها على ميانمار وبنغلادش لتأتيا بشيء أكثر من مجرد حل سطحي وغير مقنع لمحنة الروهنغيا.
(جريدة الغد)