(إيرين) على الرغم من الجهود التي تبذل في ميانمار حالياً لتعزيز حصول المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز على الأدوية التي تطيل أمد الحياة، إلا أنه من المرجح أيضاً أن يتعرض عشرات الآلاف من الأشخاص المحتاجين إلى العلاج إلى الإهمال، وفقاً لخبراء الصحة.
في هذا الإطار، قال بيتر بول دي غروت، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في البلاد لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن “كافة المقومات متوفرة لإنجاح هذه الجهود، إلا أن هناك حاجة إلى وضع خطة شاملة ومتكاملة تضم جميع الأطراف الفاعلة والأنشطة لضمان التنفيذ الصحيح والسريع”.
وفي شهر يونيو، تعهد الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا بتوفير أكثر من 160 مليون دولار أمريكي على مدى السنوات الأربع القادمة لميانمار من أجل تحسين وصول المرضى إلى مضادات الفيروسات القهقرية، بما في ذلك تلك الموجودة في المناطق الحدودية المهملة وبعض المناطق الأخرى التي تسيطر عليها الجماعات العرقية المسلحة.
ويكمن التحدي في أن بعض المناطق لا تدار مباشرة من قِبل الحكومة”، كما أوضح ميرفي ايمون، المنسق القطري لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز … غير أنني أعتقد أن هناك التزاماً حقيقياً بتوفير الخدمات في هذه المناطق”.
ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، يبلغ عدد المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في ميانمار حوالي 220,000 شخص من بينهم 120,000 مصاب بحاجة إلى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية. وفي الفترة من 2011 وحتى يونيو 2013، شهدت التغطية بمضادات الفيروسات القهقرية ارتفاعاً كبيراً من 32 بالمائة إلى ما يقرب من 50 بالمائة من المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بالفيروس، والاقتراب من هدف الحكومة البالغ 85 بالمائة بحلول نهاية عام 2016.
وفي عام 2012، أعلن المسؤولون في ميانمار أن توافر العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية قد ازداد من 57 موقعاً في عام 2008 إلى ما يقرب من 100 موقع في ذلك الوقت.
وحتى الآن، كان أكثر من 70 بالمائة ممن تلقوا العلاج من سكان أكبر مدينتين في البلاد، وهما يانغون وماندالاي ، جنباً إلى جنب مع ولاية كاشين ، بينما لا تزال التغطية في المناطق الأخرى غير كافية.
والجدير بالذكر أن الصندوق العالمي يجري حالياً محادثات مع مختلف الجهات المعنية بشأن الوصول إلى المناطق الحدودية التي مزقتها الحروب، ويُتوقع البدء في تقديم الخدمات في 2014.
أما أندرو هيرست، المتحدث باسم الصندوق العالمي فقال: “نتوقع توسعاً في وصول الخدمات إلى هذه المناطق مع توفير الأدوية المنقذة للحياة لمناطق النزاع وغيرها من المناطق التي يصعب الوصول إليها”.
وأضاف ميرفي أنه على الرغم من الدفعة القوية التي يقوم بها الصندوق العالمي، إلا أن ميانمار مازالت تبحث عن مانحين آخرين لسد الفجوة التمويلية البالغة 110 مليون دولار وذلك في إطار جهودها المبذولة للاستجابة الوطنية حتى نهاية عام 2016.
علاوة على ذلك، يقول بعض العاملين في مجال الصحة أن انتشار فيروس نقص المناعة البشرية – وهو ثالث أعلى فيروس انتشاراً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ – يمكن أن يكون أسوأ مما قد تم الإبلاغ عنه، إذ من الممكن أن تكون ندرة الرعاية الصحية في المناطق الحدودية المصحوبة بتدفق السكان المهاجرين، قد فاقمت من انتشار الفيروس.
من جهتها، قالت ايى ايى مار، مؤسس منظمة العمل الاجتماعي من أجل المرأة، وهي مجموعة غير ربحية تدعم مرضى فيروس نقص المناعة البشرية البورميين في بلدة ماي سوت الحدودية التايلاندية: “اعتقد أن هناك آلاف حالات فيروس نقص المناعة البشرية غير المعروفة … لن نعرف أبدا إذا كانوا مصابين بالفيروس كما أن الكثيرين لا يعرفون حقيقة أصابتهم لأنهم لا يخضعون للتحليل والاختبار.”
المبادئ التوجيهية قد تعزز الطلب
وتتوقع منظمة أطباء بلا حدود، وهي أكبر جهة تزود ميانمار بمضادات الفيروسات القهقرية، أيضاً ازدياد الطلب على العلاج عقب وضع منظمة الصحة العالمية للمبادئ التوجيهية الجديدة في يونيو مشيرة إلى أن المرضى البالغين ممن يصل لديهم عد خلايا CD4 (خلايا الدم البيضاء التي تستهدف المرض) إلى 500 أو أقل ينبغي أن يتلقوا علاج بمضادات الفيروسات القهقرية عندما يصبح الجهاز المناعي أقوى.
ويقول مسؤولو منظمة أطباء بلا حدود أن سياسة ميانمار المتمثلة بتوفير العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية للبالغين الذين يصل عد خلايا CD4 لديهم 350 أو أقل تحتاج إلى تحديث، مما يسمح لمصابين أكثر بالحصول على الدواء.
“ولهذا ستكون هناك حاجة إلى إقامة مواقع للمعالجة أكثر بكثير في المناطق التي لا يوجد بها علاج حتى الآن،” كما أفاد دي غروت.
طلب المساعدة في تايلاند
وفي الوقت الحالي، يواصل العديد من البورميين المُعدمين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز عبور الحدود التايلاندية البورمية على أمل تلقي العلاج المجاني في تايلاند.
وقد غادرت ما ين نو قريتها بولاية كارين الشرقية في 2007 عندما أصبحت ابنتها مصابة بسوء التغذية الحاد عقب تلقيها علاجاً لمرض السل عن طريق الخطأ لمدة أعوام.
وقالت ما ين نو: “لقد كانت في حالة سيئة للغاية، واعتقدت أنها ستموت وحتى الأطباء توقعوا ذلك”. وأضافت أنها نفسها ربما قد تكون قد نقلت فيروس نقص المناعة البشرية لابنتها عند ولادتها عقب عملية نقل دم في مستشفى في ميانمار.
ومنذ تلقيها العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية، شهدت ابنتها، فايو ثاندار وين البالغة 17 عاماً، زيادة كبيرة في عد خلايا CD4 من 2 إلى أكثر من 1,000 خلية. وتتمتع فايو حالياً بصحة جيدة بما يكفي للذهاب إلى المدرسة بينما تقيم في ملجأ لمنظمة العمل الاجتماعي من أجل المرأة يقوم بتعليم النساء حياكة الملابس التي يتم بيعها من أجل تسديد ثمن مضادات الفيروسات القهقرية التي يتم علاجهن بها (حوالي 170 دولار شهرياً).
وأضافت قائلة: “كنت سأكون أكثر سعادة إذا أقمت في قريتي، ولكني بحاجة إلى البقاء هنا لفترة أطول لتلقي العلاج”.