وكالة أنباء أراكان : (إيرين)
قد يغدو الوصول للمياه بالنسبة لعشرات الآلاف من النازحين داخلياً في ولاية راخين بغرب ميانمار أكثر سوءاً عقب بداية موسم الجفاف في نوفمبر، مع احتمالية ترتب آثار صحية خطيرة أيضاً على هذا الأمر، وفقاً لتحذيرات وكالات الإغاثة الإنسانية.
وقال أوليفييه لو جويون، منسق مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة بمنظمة اليونيسف في يانغون، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): “سوف يتأثر النازحون داخلياً الذين يعتمدون على الحصول على المياه من البرك [كمصدر لإمدادات المياه] في الوقت الذي تجف فيه هذه المصادر تدريجياً. وفي مواقع أخرى، سوف تجف أيضاً الآبار المحفورة يدوياً أو حُفر الآبار”.
من ناحية أخرى، قال مينت أوو، كبير منسقي البرامج لدى منظمة ريلييف إنترناشونال Relief International، أن نقص المياه يمكن أن يؤدي إلى حالات من الإسهال المائي الحاد والزحار، الأميبي والعصوي على حد سواء.
كماً حذر من أن شرب المياه الملوثة قد يسبب الالتهابات الجلدية، بالإضافة إلى أمراض معدية أخرى تصيب الجهاز الهضمي وتنتقل عن طريق البراز إلى الفم، مثل التهاب الكبد (أ).
وأوضح مينت أوو أن “عدوى الجهاز الهضمي الناجمة عن نقص الحاد في المياه خلال موسم الجفاف هي من القضايا التي لا تقل أهمية بالنسبة لسكان ولاية راخين من غير النازحين، لاسيما في المناطق الريفية والنائية”.
وأضاف أنه “لا بد من الأخذ في الاعتبار إمكانية تفشي أمراض خطيرة مثل الكوليرا كأثر محتمل يترتب على هذا الأمر”.
وقالت فيكي هوكينز، نائب المدير القطري لمنظمة أطباء بلا حدود في ميانمار أنه على الرغم من انتشار الالتهابات الجلدية وأمراض الإسهال بصورة أكثر حدة خلال موسم الأمطار، إلا أن نقص مياه الشرب من شأنه أن يزيد من حدتها خلال موسم الجفاف. كما قد يجلب ذلك مخاطر متزايدة من الأمراض التي تنقلها المياه حيث يلجأ الناس إلى المياه غير المعالجة”.
وقد وجدت بيانات مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة أن 40 بالمائة من النازحين داخلياً يحصلون على المياه من البرك، بينما يستخدم 28 بالمائة منهم المياه المُعالجة، في الوقت الذي يعاني فيه 7 بالمائة من المقيمين في المخيمات من عدم الوصول بشكل كاف إلى المياه، وفقاً لخطة الاستجابة لأزمة راخين.
من سيكون الأكثر تضرراً؟
ويشكل المسلمون الروهينجا معظم النازحين داخلياً في سيتوي، عاصمة راخين، وفي محيطها. وتقع المخيمات خارج سيتوي في المناطق الساحلية المنخفضة التي يمكن الوصول إليها بواسطة القوارب فقط.
والجدير بالذكر أنه خلال موسم الجفاف، الذي يمتد من شهر نوفمبر إلى مايو، سيكون الوصول إلى المياه صعباً بصفة خاصة بالنسبة للنازحين في القرى والمجتمعات المحلية المعزولة، مثل بلدة بوكتاو ومايبون، في ظل محدودية أو انعدام الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وأوضحت هوكينز أن “استجابة مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة في المخيمات النائية في بوكتاو ومايبون تعتبر صعبة وتمثل تحدياً.. وكلما طال بقاء النازحين داخلياً في المخيمات، التي أقيم الكثير منها في مواقع لا تصلح لاستيعاب أعداد كبيرة من الناس، ازدادت صعوبة الحفاظ على المعايير”.
وتقوم منظمة ريلييف إنترناشونال حالياً بعقد شراكة مع منظمة اليونيسف في بلدة مايبون من أجل إصلاح البرك، الأمر الذي ينطوي على رفع مستوى محيط أحواض البرك لمنع تسرب المياه القذرة إليها. فخلال موسم الجفاف، يكون المصدر الوحيد للمياه اللازمة للاستهلاك المنزلي هو البرك حيث تنضب إمدادات مياه الأمطار من صهاريج المياه.
ويحتاج العاملون في مجال المساعدات الإنسانية إلى مضاعفة الجهود المبذولة لتوزيع المياه في هذه المناطق التي يصعب الوصول إليها، وفقاً لما ذكره جويون الذي أضاف قائلاً: “في المناطق التي لا يمكن الوصول إليها بالبر، يمكن تحقيق ذلك باستخدام القوارب المائية.”
غير أنه أقر أن نقل المياه بالقوارب، وأيضاً بالشاحنات إلى المخيمات باستخدام الطرق البرية، أمر مكلف وغير قابل للاستمرارية. وأضاف قائلاً: “يجب اللجوء لاستخدام هذه الأساليب فقط كحل أخير في حالات الطوارئ.”
توسيع نطاق الجهود
وتخطط منظمة اليونيسف لقيادة مسح استقصائي تقوم به مجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة العامة على المستوى الوطني في 2014 بهدف تقييم إمكانية الاستعانة بأحواض تجميع مياه الينابيع بصورة أفضل.
كما تدور نقاشات حالياً حول إجراء مسح جيوفيزيقي، كما أشار جويون موضحاً أنه “يجب التوصل إلى فهم أفضل ومتطور للبيئة الهيدرولوجية من أجل تحديد إمكانية حفر الآبار”.
من جهتها، ترى هوكينز أن رسم خرائط لمواقع مصادر المياه و”البيوت الطويلة” (المصنوعة من خشب الخيزران وتأوي ما يصل إلى ثماني أسر في ثماني غرف)، والمراحيض ومقصورات الاستحمام (خزان للمياه ودلو محاط بأغطية بلاستيك)، سيمكّن العاملين في مجال المساعدات الإنسانية من رصد ومعالجة القضايا المتعلقة بالمياه والصرف الصحي والنظافة العامة بشكل أفضل.
وأضافت أن “المجموعة بحاجة إلى مضاعفة أنشطتها وتحسينها بشكل كبير من خلال هيئات الإغاثة والشركاء الحكوميين الذين يعملون في راخين.”
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يعاني أكثر من 176,000 شخص من العوز عقب اندلاع نوبتين من العنف الطائفي بين الأطياف البوذية العرقية في راخين وبين مسلمي الروهينجا خلال شهري يونيو وأكتوبر 2012 على التوالي، وهو الأمر الذي تسبب في مقتل 167 شخصاً وتدمير أكثر من 10,000 منزل ومبنى.
ومن بين هؤلاء، يعيش 140,000 نازح داخلي، أغلبهم من مسلمي الروهينجا، في أكثر من 70 مخيماً وأماكن مشابهة للمخيمات، إضافة إلى 36,000 آخرين من الفقراء والضعفاء ممن يعيشون في 113 مجتمعاً مضيفاً ومعزولاً ونائياً في كل من مينبيا ومايبون وبوكتاو وماوركيو وكايوكتاو، وسيتوي بولاية راخين.
وقد قامت هيئات الإغاثة العام الماضي بإضافة الكلور لتطهير مياه البرك. غير أنه في بعض الحالات كان مستوى جودة المياه منخفضاً للغاية، مما دفع عمال الإغاثة على نقل المياه بالشاحنات إلى هذه المواقع، بل وفي بعض الأحيان جلب المياه المعبأة إليها