قررت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي في ختام جلستها الثالثة في مقر المنظمة بمدينة جدة (غرب السعودية) مؤخرا إجراء زيارة إلى فلسطين للوقوف على حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع بهدف تقديم توصيات ملائمة للمجلس الإسلامي لوزراء الخارجية.
وأجرت الهيئة مناقشات مستفيضة حول بعض القضايا المعاصرة المهمة التي من ضمنها الإسلاموفوبيا والتمييز المبنى على الدين، وانتهاكات حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني والوضع الراهن لأقلية الروهينغيا المسلمين في ميانمار.
ويرى عدد من الدارسين أن قضية مثل الإسلاموفوبيا أثارت الكثير من الاهتمام وأسالت الكثير من الحبر نظرا لما تمثله الظاهرة من خطر على الحوار وعلى التعايش بين الشعوب، وأنها استندت إلى مبررات واهية انطلقت من عدم فهم سليم لقيم الإسلام وجوهره، زادها بعض المتشددين رسوخا من حيث ظنوا أنهم يخدمون الدين ويسعون إلى نشر قيمه.
إلا أنهم غفلوا على قيم الإسلام السمحة الداعية للتآخي والتسامح والتضامن والحوار ونبذ العنف وتشبثوا بالدعوة للصراع مع الآخر المختلف دينيا وثقافيا وأفتوا بجواز قتله.
وذلك الفهم هو ما خلق نوعا من الفهم الظاهري للإسلام من حيث أنه دين يدعو أصحابه إلى قتل الآخرين ومحاربتهم، وجعل التمييز المبني على أساس ديني يسود تفكير العديد من أتباع الديانات المختلفة.
كما أن التعصب للفكرة جعل مثلا المتطرفين البوذيين يمارسون أشد أنواع العنف على مسلمي الروهينغا من تشريد وقتل وحرق للمنازل، مما دفع الألاف منهم إلى النزوح والبحث عن مناطق آمنة في ظروف قاسية تحاصرها المأساة والمعاناة. وأدانت الهيئة التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي بشدة استمرار انتهاكات حقوق الإنسان التي تنتهجها «إسرائيل» القوة المحتلة في فلسطين والأراضي العربية الأخرى، وسياسة الاستيطان المتبعة. كما رحبت الهيئة بتوصيات فريق الاتصال لمنظمة التعاون الإسلامي حول ميانمار، وقررت إرسال بعثة تقصي حقائق لميانمار لتقييم وضع الروهينغا المسلمين، ذلك أن مسلمي الروهينغا يطالبون منذ أن حلت بهم كارثة التعصب البوذي إلى التدخل العاجل من أجل وضع حد لتشردهم ولموتهم اليومي وللعنصرية التي تفجرت في وجوههم.
إلى جانب ذلك، بحثت اللجنة قضايا ذات أهمية قصوى تمثلت في حقوق الإنسان للمرأة، وحقوق الطفل، والتنمية، وقررت تشكيل أربع مجموعات عمل حول فلسطين، وحقوق الإنسان الخاصة بالمرأة والطفل، والإسلاموفوبيا والأقليات المسلمة، والحقوق المتعلقة بالتنمية.
ودعت الهيئة إلى إرساء تعاون وثيق مع الهيئات والمنظمات المختصة في مجال حوار الأديان والحضارات كمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي لحوار الأديان والثقافات ومركز الدوحة الدولي لحوار الأديان.
ويرى بعض المختصين أن الحوار بين الأديان المختلفة وحده السبيل الممكنة لإحداث التواصل ودفع كل مقولات الصراع جانبا وطرح القضايا الخلافية بين الثقافات والأديان ومناقشتها، وبحث سبل التفاهم هو المخرج الممكن لدرء التباين المؤدي للصراع.
ومن المقرر أن يجتمع أعضاء الهيئة الثمانية عشرة في دورتهم الرابعة في بداية شهر فبراير المقبل في جدة بالمملكة العربية السعودية.