ليس في العالم من هو أشد بؤسا من طفل نزع البوذيون منه حضنه الدافئ .. تكفيك نظرة خاطفة لعينيه لترى كل حكايات الألم مختصرة فيهما..
ليس في العالم من يتآكل قلبه غيظا كمثل هذا الأب الذي نُزعت منه ابنته التي يفديها بروحه ولم يستطع فعل شيء..
ليس في العالم من يتفطر قلبه حزنا كمثل هذه الأم التي فقدت ولدها الوحيد فتظل ترى طيفه في كل الوجوه
هذه الأم وذلك الأب وتلك الأخت والابنة كل هؤلاء عاشوا مرارة الذل طيلة قرون مضت .. لم يكن لهم أحد يمد لهم يد العون أو حتى يلتفت إليهم .. لم يكن هذا العالم يأبه بهم ..
بعد أن عاشوا على ذلك عقودا من الزمن رأوا في الأفق بارقة تحاول أن تضيء الطريق..
رأوا شعاعا من نور يمتد ليضيء لهم سماءهم الصغيرة ..
رأو أبطالا يحاولون أن يقولوا للعالم أجمع انظر هاهنا إنسان سلب منه كل شيء .. سلبت منه كرامته .. حريته .. عرضه ..
ورغم مايمرون به من محن إلا أنهم وأخيرا وجدوا من يظهر صوتهم المبحوح .. وجدوا من يستطيعون الاعتماد عليهم بعد الله .. فألقوا بكل أمانيهم بين يدي الله سبحانه ثم بين أيديهم ..
مشايخي هناك في فنلندا ولندن والله كم أغبطكم أن الله اختاركم لتمسحوا الدمع عن هذا الطفل .. لتعيدوا البسمة لتلك الأم .. لتسترجعوا كرامة ذلك الأب ..
كم أغبطكم وأنتم تعملون مالاأستطيعه ..
أغبطكم.. نعم! ولكن دعواتي مقترنة دائما بأسمائكم..
والله هي أمانة شعب بأكمله تحملناها وأنتم أولنا..أمانة سنسأل عنها يوم القيامة إن فرطنا فيها .. نحن من تحملنا هذه الأمانة بملء إرادتنا .. من الوقت الذي أعلنا فيه للعالم أننا مناضلون من أجل هذا الشعب ألقيت الأمانة على أعناقنا والله سنسأل عن كل قطرة دم إن تخاذلنا في نصرتهم ..
جهود عظيمة .. عمل عظيم .. تعب كبير .. لكن كل ذلك لأجل شعب مضطهد لم يذق حلاوة العيش لحظة .. شعب سُلبت منه حتى الإنسانية فلايعاملون معاملة البشر..هذا الشعب اليوم ينتظر منكم الكثير .. ينتظر منكم إيصال صوتهم المبحوح للعالم .. ينتظر منكم تحقيق حلم لطالما تمنونه وهو أن يستقروا في أوطانهم آمنين ..
صحيح لايحق لي أن أتكلم عن الوطن وأنا لم أعش فيه لحظة لكن تلك الصور تحكي عن حنينهم ألف حكاية..
كم نحن بحاجة إلى أن نتذكر دائما أننا حملنا هذه الأمانة ويجب أن نؤدي حقها اسأل الله أن يعيننا جميعا على الأداء ..
إبراهيم محمد
21/1/1435هـ
مكة المكرمة