البوذيون يستبيحون دماء المسلمين في "ميانمار"
تشهد بورما يوميا مقتل مئات الآلاف من المسلمين من قبل إرهابيين بوذيين متطرفين… السؤال… أين الإعلام العربي والغربي من هذه الفاجعة… أين حقوق الإنسان؟ أين الأمم المتحده؟… أين الدعاة والأئمة أين الحكام المسلمون….؟ هل تعرفون أنهم يقومون بقتل المسلمين منذ أكثر من 60 سنه … لما لم نعلم بهذا من قبل؟ إن الإسلام في "ميانمار" يحتضر، ويكاد المسلمون أن يتلاشوا هناك فهل من مجيب؟ فالمسلمون لا بواكي لهم.
ميانمار: إبادة عرقية لأقلية "الروهنغا" لأنها مسلمة
تستعمل الشرطة البوذية أبشع الطرق لقتل وتعذيب المسلمين في ميانمار ولا تزال آلة الموت تحصد يوميا مئات المسلمين في ميانمار، الدولة الشرق آسيوية التي انفصلت عن الإدارة الهندية عام 1937، ضمن حملة تطهير عرقي ممنهجة يقودها النظام الحاكم في حق الأقلية المسلمة في البلاد، تجلى هذا بوضوح بعد تولي الناشطة الديمقراطية أونغ سان سو تشي مقعدها في البرلمان بعدها بدأت الأزمة تتفجر تدريجيا.
ففي قرى ولاية أراكان قرب الحدود مع بنغلاديش، بدأت في جوان الماضي مذبحة ضد السكان المسلمين الذين يُعرفون بـ" الروهنغا "، وتعود أعمال العنف الحالية إلى حادثة اغتصاب وقتل امرأة بورمية فى ماي الماضي، حيث اعتقلت الشرطة ثلاثة من الروهنغا، وتبع ذلك هجمات على الروهنغا والمسلمين الآخرين أسفرت عن مقتل العشرات.
ووفقا لما ذكرته منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، فإن قوات الأمن نفذت اعتقالات جماعية بحق المسلمين ودمرت آلاف المنازل. وحاول النازحون الهرب عبر نهر ناف إلى بنغلاديش المجاورة وتوفي البعض أثناء العبور.
ففي تلك الدولة التي تقع جنوب شرقي آسيا يواجه مسلمو ميانمار يوميا عمليات إبادة جماعية من قبل الجماعات البوذية الحاكمة، ومن العجيب أن مسلمي العالم تغافلوا عن مسلمي أكبر دولة تحارب، بل وتبيد كل من يؤمن بالله تعالى أو يخرج عن تعاليم البوذية اللاعقلانية التي يؤمنون بها. ومنذ ما يزيد عن ستين عاما بدأت مناوشات وانتهاكات الشرطة البوذية في مدينة بورما سابقا أو ميانمار حاليا مستعملة أبشع ما يمكن وصفه من طرق الإبادة والتعذيب لكونهم يؤمنون بالله تعالى. وفى بداية شهر جوان 2012، أعلنت الحكومة البورمية أنها ستمنح بطاقة المواطنة للعرقية الروهنغية المسلمة في أراكان، فغضب البوذيون كثيرا بسبب هذا الإعلان لأنهم يدركون أنه سيؤثر في حجم انتشار الإسلام في المنطقة، فخططوا لإحداث الفوضى وهاجموا حافلة تقل عشرة علماء مسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة تم ربط العلماء العشرة من أيديهم وأرجلهم وانهال عليهم البوذيون ضربا بالعصي حتى استشهدوا، وبرروا فعلتهم بأنهم انتقموا لشرفهم بعد أن قام شاب مسلم باغتصاب فتاة بوذية وقتلها، فقررت الحكومة القبض على 4 مسلمين بحجة الاشتباه في تورطهم في قضية الفتاة، وتركت الـ 450 قاتل بدون عقاب. وفى 3 جوان 2012 أحاط الجيش بالمساجد تحسبا لخروج مظاهرات بعد الصلاة ومنعوا المسلمين من الخروج دفعة واحدة، أثناء خروج المسلمين من الصلاة ألقى البوذيون الحجارة عليهم واندلعت اشتباكات قوية، ففرض الجيش حظر التجول على المسلمين، فيما ترك البوذيون يعيثون في الأرض فسادا، يتجولون في الأحياء المسلمة بالسيوف والعصي والسكاكين ويحرقون المنازل ويقتلون من فيها أمام أعين قوات الأمن، إلى أن بدأ العديد من مسلمي أراكان في الهروب ليلا عبر الخليج البنغالي إلى الدول المجاورة، ولكن مات الكثير منهم في عرض البحر.
وفى 17 جوان 2012 شن البوذيون حملة إبادة نجم عنها مقتل 200 مسلم وإصابة 500 آخرين، بالإضافة إلى حرق 20 منزلا وكل هذا لأنهم مسلمون.
ويشكل المسلمون في ميانمار نحو 20 بالمائة من سكان البلاد في بعض الإحصائيات، وفى مصادر أخرى كبيانات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي أي" فإن تعدادهم لا يتجاوز 4 بالمائة فقط. ويتركز وجود المسلمين، الذين يُعرفون باسم الروهنغا، في شمال إقليم راخين "أراكان سابقا"وهم من الأقليات العرقية التي لا تعترف بها السلطة، وتعتبرهم مواطنين مهاجرين غير شرعيين، بينما تصفهم الأمم المتحدة بأنهم إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد فى العالم.
آخر التطورات تفيد بأن منظمة التعاون الإسلامي تبذل محاولات لإرسال وفد إلى ميانمار، وذلك عبر لقاء جرى مع مندوب ميانمار الدائم لدى مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف، ردا على تصعيد رئيس ميانمار ثين سين لهجته تجاه أقلية الروهنغا المسلمة في البلاد، داعيا إلى تجميع أعضاء هذه الأقلية، الذين لا تعترف بهم الدولة في معسكرات لاجئين أو طردهم من البلاد.
ورغم فظاعة المجازر التي ارتكبت ولا تزال في حق المسلمين في ميانمار، إلا أن تعتيما إعلاميا من طرف وسائل الإعلام العالمية وحتى العربية والإسلامية غطى على هذه الأحداث، وهو ما استنكرته العديد من الجمعيات والمنظمات العالمية، لتجاهل العالم المذابح الدائرة هناك وصمت المعارضة البورمية على القتل العنصري، رغم أن الأمم المتحدة أكدت أن مسلمي بورما من أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد والمعاناة والظلم المنظم. وآخر ما أسفرت عنه أفكار الحكومة الفاشية منع الزواج!، فقد أصدرت الحكومة البوذية قراراً بمنع زواج المسلمين لمدة 3 سنوات؛ حتى يقلَّ نسل المسلمين وتتفشى الفواحش بينهم، وكانت الحكومة قد فرضت شروطاً قاسيةً على زواج المسلمين منذ عشر سنوات؛ مما اضطرهم لدفع رشاوى كبيرة للسماح لهم بالزواج تضاف إلى التعسف الذي يعانيه المسلمون تمهيدا لاستئصالهم بعد تقليص عددهم، وتهجيرهم عن قراهم التي بها مقومات قيام النشاط الزراعي وإفقارهم ونشر الأميّة بينهم.
وقد وصل عدد اللاجئين جراء التعسف إلى حوالي "مليوني مسلم" معظمهم في بنغلاديش والمملكة العربية السعودية من مجموع المسلمين في بورما، ويعيش اللاجئون في بنغلاديش في حالة مزرية في منطقة "تكيناف" في المخيمات المبنية من العشب والأوراق في بيئة ملوثة والمستنقعات التي تحمل الكثير من الأمراض مثل الملاريا والكوليرا والإسهال، وهي أماكن خصصتها لهم الحكومة في بنغلاديش في المهجر، حيث تنتشر مخيماتهم التي تفتقر إلى مقومات الحياة في بلد يعاني أيضا من الفقر (بنغلاديش) ويطمحون الى لعمل الإعلامي لنشر معاناتهم بمختلف لغات العالم.
وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، وجدّت عدة أنظمة في محاربة "الإرهاب " ذريعة للقضاء على معارضيها، خصوصا إذا كان هؤلاء يمثلون أقليات عرقية أو دينية يشكل الإسلام بالنسبة إليها القاسم المشترك. وهكذا تم إلصاق صفة "الإرهاب" الشائنة بالمقاومة الشيشانية من قبل بوتين وفريقه، نفس الأمر بالنسبة لشارون الذي استثمر بلا حشمة الصدمة النفسية للولايات المتحدة الأمريكية، وردد نفس اللازمة التي ترددها الأنظمة الاستعمارية التي تزدري أي رفض للخضوع لنيرها، لرفض أي مقاومة للصهيونية. وهناك أقليات إسلامية تتعرض لتجاهل نسبي عبر العالم، وجدت نفسها تدفع ثمن الهذيان المعادي للإسلام، والذي انتشر فجأة بلا تحفظ. وفي دولتين معروفتين بخرقهما لحقوق الإنسان، هما الصين و"برمانيا"، هناك أقليات إسلامية، على رأسها الإيغور والروهنغا، تعاني من شدة الاضطهاد الجماعي.
اضطهاد وتهجير للمسلمين
بعد إلغاء نتائج الانتخابات منذ بداية عقد التسعينيات، انطلقت موجة من الاضطهاد أخذت شكل سياسة التطهير العرقي إزاء مسلمي أراكان المتمركزين، خاصة في القسم الشمالي من البلاد، ونتج عن ذلك تهجير ما بين 250 إلى 280 ألف منهم نحو بنغلاديش، التي رفضت استقبالهم إلا بعد عدة جهود ليعيشوا في شروط قاسية داخل مخيمات تفتقد أدنى مقومات الحياة .
وقد تمكنت المنظمة الدولية للاجئين من إعادة توطين 90 في المائة منهم، بعد أن توصلت إلى اتفاقيات متنازع حولها، لكن بقي حوالي 21 ألفا في معسكرين قريبا من جنوب باكستان الشرقية سابقا، هذا دون الحديث حسب مصادر مختلفة عن مئات الآلاف من المهاجرين السريين الذين اخترقوا الحدود من جديد، لكن الذين فرضت عليهم العودة وظلوا بدون أدنى الحقوق خضعوا للأعمال الشاقة والاضطهاد على يد البوذيين، ولم ينالوا صفة المواطنة بسبب مرسوم 16 أكتوبر 1982، فضلا عن ذلك، شكل النظام الحاكم ميليشيا مسلحة هي "الناساكا"، مهمتها نشر الرعب ومصادرة الأراضي والقيام بالأعمال الوحشية كالاغتيالات، الاغتصاب، التعذيب، وقد أصبحت هذه الممارسات عملة رائجة. وتعرضت عدة قرى لغارات مدمرة لأنها وضعت موضع شبهة، كما حدث في منطقة "سيتيو" يوم 4 فيفري 2001. ورغم القيود المفروضة على حرية التجول، استطاع المسلمون في عدة حالات الهرب إلى الخارج، لكن بشكل فردي، والتوجّه إلى ماليزيا التي أصبحت منذ أزمة 1997 ترفض استقبال المهاجرين، ومع ذلك فقد وصل بعض طالبي اللجوء إليها ليتم جمعهم في بناية تابعة للأمم المتحدة في كوالا لامبور. ويؤكد أن اشتداد النقمة ضد هذه الوضعية التي تنكر على المسلمين حتى الارتباط بهويتهم، سوف يقود إلى خلق نوع من الهوية المتطرفة. إن السلطات البرمانية لم تكف أبدا عن هدم مساجد المسلمين، وتعويض المدرسين المسلمين بمدرسين بوذيين. لقد انتشرت شائعات بعد 11 سبتمبر 2001 تقول إن شبكة تنظيم القاعدة لأسامة بن لادن زرعت أتباعا لها وسط عناصر المقاومة الإسلامية، وكان من نشر هذه الشائعات هم أفراد مليشيا " الناساكا "، مما أدى إلى إغلاق الحدود لمدة ثلاثة أيام من 13 إلى 16 أكتوبر 2001، وانطلاق موجة من الاضطهاد الأعمى. غير أن هذه الشائعات تتغذى من السياسة الداخلية التي تحاول شيطنة حركة المقاومة التي يقودها المسلمون "الروهنغا"، والتي تظل مقاومتها محدودة جدا. وحسب الناطق الرسمي باسم لجنة أخبار مسلمي بورما، فإن الزعم بأن أعضاء المقاومة يتدربون على يد عناصر تنظيم القاعدة وتقديم هذا الأخير دعمه لها، يعني أن المناطق الحدودية كان يمكن أن تشهد حركة قتالية واسعة، الأمر الذي لم يحدث.
مذابح باسم "الإسلاموفوبيا"!
تعاني الأقليات المسلمة في مختلف مناطق "برمانيا" من كونها أهدافا مثالية لتوجيه التوترات الداخلية إليها، ورغم أن وضعية هذه الأقليات أقل مأساوية من وضعية مسلمي الروهنغا، إلا أن أوضاعهم تدهورت بشكل كبير في الأعوام الأخيرة، إذ تعرضوا لمذابح وتصفيات بشكل مكثف ومتسارع، فيما يتم تصوير هذه المذابح كنتيجة لمواجهات طائفية عفوية، بالرغم من أن منفذيها يكونون معروفين، ومن كون رجال الأمن أو الجيش يستنكفون عن التدخل. وتعقب هذه الحملات عمليات هدم المساجد، ومحاولات لرد المسلمين عن دينهم بالإكراه وحرق للمساكن والمتاجر، الأمر الذي يخلف بطبيعة الحال قتلى وجرحى. وتحدث مثل هذه الممارسات على الأخص في المدن بمبررات واهية، ففي مارس 1997 كانت مدن رانغون وبيغو وموندالاي ومونلاين مسرحا لأحداث دموية. وفي ماي وجوان 2001 عرفت بعض المدن الكبرى موجة جديدة من العنف الذي يعكس الكراهية للمسلمين، الإسلاموفوبيا خلّفت مئات القتلى، ففي اليوم التالي لتفجيرات 11 سبتمبر 2001، عرفت منطقة بروم غرب مدينة بيغو حوادث دموية، فرض منع التجول بعدها في 10 أكتوبر. أما في البوادي والقرى، فإن الجيش يتدخل علنا ضد المسلمين ويستولي على حاجياتهم البائسة ويكرههم على التحول إلى البوذية، الدين الرسمي للدولة. إن هذه الوضعية القاتمة لمسلمي "برمانيا" ، تؤكد إلى أيّ مدى يريد أن يصل الحكم الشمولي في محو أقلية مسلمة، في ظل صمت وسائل الإعلام الدولية والمنظمات العالمية.
وهل يستطيع مسلمو "الروهنغا" ومسلمو "ميانمار"، رغم الصعوبات، التحالف مع الديمقراطيين والأقليات الأخرى المضطهدة في البلاد، من أجل بناء "برمانيا" ديمقراطية؟
المصدر: الجزائر