رانغون – لندن: «الشرق الأوسط»
تكثفت أمس الضغوط على حكومة ميانمار لحملها على وقف أعمال العنف بين المسلمين والبوذيين في غرب البلاد، فيما ارتفع عدد ضحايا هذا العنف وتضاعف عدد المهجرين إلى الآلاف، واتسعت رقعة المنازل المهدمة. وتحدث شهود عيان عن تجدد الحرائق والاشتباكات المسلحة في مدينة سيتوي، عاصمة ولاية راخين، أمس، رغم انتشار قوات الجيش في المنطقة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن با زين أونغ، أحد السكان المحليين في سيتوي قوله: «بدأت الحرائق في منازل المسلمين وامتدت إلى منازل مواطنين بوذيين. نستطيع أيضا أن نسمع دوي إطلاق نار، إذ ليس هناك عدد كاف من الجنود للسيطرة على الموقف». كما تحدثت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها عن مشاهدة أعمدة الدخان ترتفع أمس في شوارع سيتوي، التي تم حظر التجول وفرضت حالة الطوارئ على كامل أراضيها منذ الأحد الماضي. وتحدثت أيضا عن سماع أصوات أعيرة نارية في منتصف النهار قرب وسط المدينة، فيما كانت قوات الأمن تحاول مصادرة السكاكين والعصي. وأسفرت أعمال العنف عن 25 قتيلا منذ الجمعة، حسبما ذكر مسؤول في الحكومة أمس، إلا أن مصادر عدة تحدثت عن حصيلة أكبر لعدد القتلى. وأشارت منظمة «أراكان بروجكت» التي تناضل من أجل حقوق الروهينجيا إلى «عشرات» القتلى.
وتلت أعمال العنف الطائفية هذه، إقدام مجموعة من البوذيين الغاضبين على ضرب عشرة مسلمين في الثالث من يونيو (حزيران) الحالي في جنوب ولاية راخين انتقاما لاغتصاب امرأة. وبدأت الأمم المتحدة إجلاء موظفيها من المناطق التي امتدت إليها أعمال العنف، وأعربت الولايات المتحدة الاثنين عن «قلقها الكبير» للوضع. ودعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «بإلحاح جميع الأطراف إلى ضبط النفس ووقف هذه الهجمات»، وطالبت بفتح تحقيق «سريع وشفاف» حول أعمال العنف. وقالت كلينتون إن «الوضع في ولاية راخين يؤكد الحاجة الماسة للاحترام المتبادل بين كل الجماعات العرقية والدينية ولبذل جهود جادة لتحقيق المصالحة الوطنية (في ميانمار). نحث شعب (ميانمار) على العمل معا لتحقيق بلد سلمي ومزدهر وديمقراطي يحترم حقوق كل أناسه المختلفين».
وحذرت الصحافة الرسمية من جهتها من تفاقم الوضع. وجاء في مقالة نشرتها أمس صحيفة «نيو لايت أوف ميانمار» أن «شرارة صغيرة تستطيع أن تضرم النار في تلة بأكملها». وقد وجه الرئيس ثين شين الذي يواجه إحدى أخطر الأزمات منذ تسلمه السلطة في مارس (آذار) 2011 الأحد نداء إلى الهدوء لكنه لم يلق آذانا صاغية حتى الآن. لكن منظمة هيومان رايتس ووتش انتقدت تعامله مع الأزمة. وقالت إيلين بيرسون المسؤولة المساعدة لآسيا في هذه المنظمة التي تدافع عن حقوق الإنسان، إن «أعمال العنف الدامية في أراكان تمضي في دوامة يصعب السيطرة عليها تحت نظر الحكومة»، وطالبت بإرسال «مراقبين دوليين مستقلين».
وحاول مئات من الروهينجيا المسلمين خلال اليومين الماضيين الوصول بالسفن إلى بنغلاديش لكن سلطات البلاد ردتهم إلى ميانمار. وفيما تقدر دكا بـ300 ألف عدد الروهينجيا الذين يعيشون حتى الآن على أراضيها، منهم عشرات الآلاف في معسكرات، شددت أيضا التدابير الأمنية على حدودها التي تبلغ 200 كلم مع ميانمار للحؤول دون تدفق أعداد جديدة من اللاجئين. ولا يشكل 800 ألف من الروهينجيا غير الحاصلين على جنسيات، والمحصورين في شمال ولاية راخين، جزءا من الأقليات الإثنية التي تعترف بها الدولة في ميانمار. وتعتبرهم الأمم المتحدة أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم، واختار مئات الآلاف منهم الهجرة جراء التمييز المستمر منذ عقود. وتظاهر نحو 600 منهم صباح أمس في ماليزيا، داعين الأمم المتحدة إلى التدخل.
واعتبر الحزب الوطني الديمقراطي لحقوق الإنسان، وهي منظمة في المنفى اهتمت بالتحضير للمظاهرة أنه «إذا لم يحصل تدخل، فسيمحى جميع الروهينجيا المسلمين في أراكان عن وجه الأرض».