وكالة أنباء أراكان ANA : "مجلة صوت الروهنجيا"
الدين والمعتقد هو أكثر محرك في دوافع البشر، لذلك ربما مقولة ماركس " الدين أفيون الشعوب " نبعت من هذا المدخل. المعتقد هو: تلك المفردات التي تسيطر على عقل وفكر شخص على قدر التزامه بأسسها وأفكارها يكون استعداده للتضحية وإثبات الحب لها خاصة أمام أتباعه، ويزداد الأمرسوءاً إن اقترن حب المعتقد بجهل وأمية، أو شهوة وسلطة، وهو ما سماه الله عز وجل بـ " اتباع الهوى " تجلى ذلك في مآسي إنسانية كبيرة ,بعضها نعيشه واقعــاً الآن،
مثل: إجرام الصهيونية في فلسـطين,والصين مع الإيغور، وإيران مع البلوش السنة .
وفي ميانمار " بورما " سابـقاً ، وتظهر الصورة بوضوح في تحالف بين رجال العسكر المتحكمين في السلطة بدعم ومسـاندة من رجال الدين؛ وقد بــدأ هذا التـآلف عام 1962 م ، وبحسـب وكالة "إيرين" قال ائتلاف أكسفورد بورما (OBA) ، وهي جماعـة حقوقية في جامعة أوكسفورد في لندن تعمل على تعزيز حقوق الأقليات العرقية في ميانمار: أن السياسة البورمية تشجع البوذية المتجانسة، أي الهوية البورمية من خلال اضطهاد الدولة لغير البوذيين القائم منذ أمد طويل، وقد بلغ إجرام الرهبان البوذيين أن قاموا بتنظيم عدة مسيرات واحتجاجات عارمة في أراكان، للمطالبة بـطرد المنظمات الإغاثية العاملة في مناطـق وجود اللاجئين الروهنجيين، ومنع الوفود الدولية من زيارة مخيماتهم التي تزداد أحوالها المأساوية يوما بعد يوم، في تحد لكل القيم والمعاييرالإنسانية .
قصة 969 :
هي حركة دينية أساسها عقائدي، دينها البوذية المغلفة بالتعصب المقيت، والجهل للقيم الإنسانية ، بحيث أصبحت حركة ترمز لكيان يسعى للقضاء على مجموعة أخرى من البشر يشاركونهم الأرض، ويسبقونهم في التاريخ وهم المسلمون؛ فهي حركة قومية بوذية متطرفة، أسسها راهـب بماندالاي في فبراير عام 2013 م ، ويتزعمها الآن الراهب البوذي المتطرف"ويراثو"، وتشير الأرقام (969) في الاسم لمآثر بوذا وتعاليمـه ورهبنتــه، حيـــث تشتـــق الأرقام من سمات بوذا التسعة، وسمات دارما الستة، وسمات الرهبنـة التسعة، قادة هذه الحركة من الرهبان يتمترسـون خلف دعوى لا إنسانية، وهي قتل المسلمـين وطردهم ، وقد بدأ الأمر بمقاطعة المسلمين، ووصل إلى مرحلة القتل، ثم الإبادة؛ عبـر اقتراح القوانين والعمل على إصدارها والتي من شأنها تقنين الاضهاد والإبادة بحق المسلمين تحت دعوى حماية البوذية ! وقد نشرت وكالة «رويترز» خبراً قبل عام عن بشاعة هـــذه المنظمة ودعواتها المناهضة للقيم الإنسانية, وأشارت إلى أن هذه الحركة أصبحت رمزا لتيار يسعى إلى عزل المسلمين الذي يشكلون 5% على الأقل من تعداد ميانمار البالغ 60 مليون نسمة، ورغم صحة الخبر في مضمونه، إلا أن نسبة المسلمين بلغت 15 % من تعداد السكان في ميانمار نصفهم في إقليم أراكان - ذي الأغلبية المسلمة.
خُطب بطعم الكراهية:
من الصعب أن تجد رجال الدين هم من يحملون سيف القتل، بل من الظلم أن يكون رجل الدين هو المادة المشتعلة التي توضع كي تحرق الآخرين بدون وجه حق، وهذا حال رهبان البوذية الذين يقودون حركة (969)، ففي عام 2013 ألقى «ويراثو» - وهــو أحد قادة هذه الحركة وأكثر رهبانها تشددا - خطبا في يانجون، حرض فيه صراحة على مقاطعة المسلمين، مدعياً أنهم خطر على البوذية وأنهم يسعون لقتلهم، ومن الغريب أن هذه الخطبة وأمثالها تعتبر عظات لأتباع هذه الطائفة بشكل واسع؛ ونقـلت بعض الصحف عــن ناشطين روهنجيين قولهم: أن الإسطوانات الـتي تحمل هــذه العظات هي من المواد الأكثر انتشاراً ومبيعاً هنــاك، وللعلم فقد أودع «ويراثو» السجن لتحريضه على أعمال شغب ضد المسلمين عام2003م وأفرج عنه عام 2012م حين أطلقت الحكومة سراح مئات من السجناء السياسيين. وقد اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة ؛ بعدم القيام بما يلزم لوقف خطاب الكراهية الذي يبثه هو وسائر الرهبــان البورميين. وتعليقاً على هذا الموضوع، قال فيل روبرتسون، نائب المديـر التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش في جنوب شرق آسيا: "الحكومة لا تنفـذ القاعدة القانونيـة الأساسية لمحاسبة المحرضين على العنف، فـإذا كنت تحرض وتنخرط في أعمال العنف فينبغي أن تخضع للمساءلة، سواء كنـت ترتدي رداء الرهبان البوذيين ذي اللون الزعفراني الأصفر أم لا" !
ويرى جرايسون أنه في حين أن المُثُل العليا للنصوص الدينية البوذية تحض الناس على السلام والسلمية، لكن أوجه التباين بين الواقع والتعاليم "تزدهر بسهولة" في أوقات انعدام الأمن الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، مثلما هو الحال في مرحلة الانتقال الحالي للديمقراطية في ميانمار.
المبرر من عقيدتهم :
حينما تسمع عن حجم العنف الممارس من قبل الجماعات البوذيــة ربمايستغرب البعض,خاصة إن كان عالماً ببعض ما تدعو لها البوذية من تعاليم، خاصة أنها تؤكد على السلام واللاعنف، لكن واقعيـً يحدث غير ذلك؛ حيث نجح الرهبان المتشددين الدمويين في تحريف مبدأ الأهيمسا (ahimsa) أو اللاعنف، الذي يعتبـــر إحـدى المبادئ الخمس الأساسـية للتعاليم البوذية .
وقد قام المتشددون بتحريف هذا المبدأ وفقاً لادعاء الدفاع الشرعي عن النفـس ومدخل النية على حد زعمهم - في إشارة إلى مبدأ بوذي آخر يُعرف بالتناسـخ - وقد استخدم الرهبان المتشـددون وأتباعهـم في ميانمار هذا الاعتقاد بغــية تبرير تجريد المسلمين من الإنسانية، وتصنيف العنف ضدهم باعتباره نوعاً من أنواع الدفاع عن النفـس، ما دام بالإمكان إثبات "حسن نوايا" الرهبان !
وحول هذه النقطة عبر وكالة إيريـن، قال مايكل جرايسون- أستاذ الدراسات الدينية - والمحرر المشارك لدراسة بعنــوان (الحـروب البوذية) وهي دراسة صدرت عام 2010م: "في التقاليــــد البوذية، النية تُعد استثناءً من القاعـدة عند ارتكاب العنف، وأضاف:"إذا اعتبر العنف وسيلة لحماية البوذية، وكان لدى مرتكبه أفكاراً طاهرة تهـدف مساعـدة البوذية أو الدفاع عنها، عندئـذ يصبح مقبولاً".
لكن أعضاءً في الطائفة البوذية الدولية أدانوا ما أسمونه التلاعب بالاستثناء لتبرير العنف.
وقال ريتشارد جومبريتـش، مؤسس ومدير "مركز أوكسفورد" للدراسات البوذية، في إشارة إلى استمرار العنف ضد المسلمين في ميانمار وسريلانكا وجنوب تايلاند: "نشعر بالخجل الشديد من المعاملة المُروعة التي تتم تجاه المسلمين الآن في بعض الدول البوذية". هكذا تتحرك عصابات بوذية تتستر قيادتها خلف ستار الدين، يحميها نظام عسكري قمعي كل هدفه أن تظل مصالحه محمية عبر الأكثرية الحاقدة,في ظل نظام دولي متخاذل يحقق مصالحه بالسيطرة على قادة هذه الدولة المحورية، التي تمثل نقطة هامة في خريطة العالم بين الشرق والغرب، الشرق بقيـــادة الصين وروسيا ,والغرب بقيـادة الولايات المتحدة وأوربا .