وكالة أنباء أراكان ANA: ترجمة الوكالة
لدى أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) مشكلة خطيرة في عقر دارهم، إذ يواجه كل يوم تقريبا في ميانمار حوالي 1 مليون شخص من الروهنجيا المسلمين المنزوعة حقوقهم الإنسانية الأساسية خطر جرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي.
ميانمار ليست مجرد عضو في هيئة إقليمية، ولكنها ترأس الآسيان لعام 2014، ومعاملة الروهنجيا هي اختبار للدرجة التي تأخذ دول الأعضاء في الرابطة على محمل الجد التزامها بالتعاون الإقليمي في حماية حقوق الإنسان، والتعهد العالمي لمسؤولية الحماية (R2P)، وهو اتفاق لحماية السكان من جرائم المجازر الجماعية وحتى الآن، فشلت دول الآسيان والمجتمع الدولي الأوسع في هذا الالتزام.
فعلى مدى عقود مضت غضت دول الآسيان الطرف عن اضطهاد شعب الروهنجيا، وهي واحدة من الأقليات الأكثر ضعفا في العالم.
حُرم الروهنجيا من قبل الحكومة الحق في المواطنة، ومنعوا من إنجاب أكثر من طفلين، وكثير منهم أجبر على العيش في أماكن منفصلة ومنعزلة بائسة لا يخرجون منها إلا بإذن من السلطات، كما تعرضوا للهجوم مرارا وقتلوا على أساس هويتهم، ولم يتلقوا الحماية الكافية من قوات الأمن.
حكومة ميانمار التي كانت منبوذة دوليا سابقا، تلقت الثناء على الإصلاحات السياسية والاقتصادية الجديدة التي قامت بها إلا أنها فشلت تماما في حماية الروهنجيا الذين ساءت ظروفهم فقط منذ أن بدأت الحكومة بالتحول إلى الديمقراطية عام 2012.
أوصلت زيادة خطاب الكراهية من قبل الشخصيات السياسية والثقافية والدينية إلى الإهانة الإنسانية للروهنجيا في نظر جمهور ميانمار وذلك من خلال تشويه صورتهم واعتبارهم غرباء بنغاليين غير مرغوب بهم.
وعلى الرغم من تأكيدات الحكومة أنها ستسمح بالتحديد الذاتي العرقي في التعداد الوطني الذي أجري لأول مرة منذ عام 1983، فقد أعلنت الحكومة أن "الروهنجيا" لن يتم الاعتراف بهم قبل أيام فقط من بدأ جمع البيانات.
فانتشار ثقافة الإفلات من العقاب للشخصيات الحكومية وغير الحكومية والذين يرتكبون أو يحرضون على هجمات ضد الروهنجيا تزيد من إثارة العنف المعادي للمسلمين في البلاد.
وفي الوقت نفسه، أعلنت الدول المجاورة بشكل واضح أنها لن تفتح حدودها ولا توفر الحماية للروهنجيا الذين قاموا بمحاولة يائسة للفرار من الاضطهاد.
لا تقتصر المشاعر المعادية للروهنجيا على حدود ميانمار، ففي 10 من يوليو تموز أعلنت بنغلاديش أنها ستوقف الزيجات التي تنطوي على الاعتراف بالروهنجيا.
شهد العالم مثل هذا من قبل وقد أظهرت المحرقة والإبادة الجماعية في رواندا لنا ما يحدث عندما تم تجريد الأقليات من الإنسانية بشكل منهجي، و يُحرم أفرادها من حقوقهم ويجبرون على العيش في أماكن منفصلة، ويرفض منحهم اللجوء إلى مكان آخر.
في أعقاب الفظائع التي ارتكبت ضد اليهود والتوتسي، تعهد العالم منع تكرار هذه الجرائم. ومع ذلك يواجه الروهنجيا الاضطهاد المؤسسي اليوم في ميانمار .
الاهتمام الدولي الضعيف وعدم تحميل الحكومة الميانمارية المسؤولة عن سلامة وحماية الروهنجيا، زادت محنة هذه الأقلية سوءاً.
هل ستستمر دول الآسيان بالتنصل من مسؤوليتها وهي تواجه جرائم ضد الإنسانية المستمرة على أبوابها؟ يبدو أن ميانمار تتوقع ذلك.
في أول اجتماع لوزراء خارجية دول جنوب شرق آسيا هذا العام يوم 16 يناير كانون الثاني، بعد أيام فقط من جولة أخرى من العنف ضد الروهنجيا في ولاية أراكان التي خلفت أكثر من 40 قتيلا من الرجال والنساء والأطفال ، رفضت ميانمار إدراج محادثات حول "قضية البنغاليين"، بحجة أنه شأن داخلي.
كل حكومة، بما في ذلك جميع الدول الأعضاء في الرابطة، أكدت ذلك عام 2005 عندما أيدت مسؤولية الحماية في مؤتمر القمة العالمي للأمم المتحدة فقد التزموا بحماية جميع السكان، بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنسية من جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والتطهير العرقي وجرائم الحرب.
ويلزم ميثاق آسيان أعضاءها "بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية"، ومواصلة الوقوف إلى جانب الروهنجيا ومعاناتهم هو إفشال هذه الالتزامات والحكم على الروهنجيا بمستقبل من الاضطهاد.
وقد أظهرت ميانمار عدم رغبتها في حماية الروهنجيا وعلى أعضاء الآسيان التمسك بمسؤوليتهم في حمايتهم وحث حكومة ميانمار لاتخاذ إجراءات فورية لوقف أمد خطاب الكراهية، وتوفير الحماية المادية لمجتمعات الروهنجيا الضعيفة ومحاسبة كل الذين يحرضون أو يرتكبون جرائم، واتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز مجتمع أكثر شمولا، وعلى رأس ذلك منح الروهنجيا المساواة في الحصول على المواطنة .
مع الفظائع التي تتكشف، ينبغي لأعضاء الآسيان توفير ملاذ آمن داخل حدودها أمام طالبي اللجوء من الروهنجيا.
وتواجه ميانمار حاليا الآسيان وما يحدث داخل حدودها هو انعكاس على المنظمة ككل وعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تحمل نفسه المسؤولية.
فمواجهة الروهنجيا خطر الجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، هو ببساطة غير مقبول بالنسبة لدول الآسيان .
بقلم: كاسي كار و ناموي كيكولو