[caption id="" align="alignleft" width="300"] علي محمد الفيروز / اطلالة / إبادة شعب إقليم أراكان![/caption]
هناك الكثير من الناس لا يعلمون شيئا عن اقليم أراكان او بورما «مينمار»، ولا حتى اين تقع من الخارطة، وهل اقليم أراكان - بورما تعتبر دولة مسلمة ام لا؟ بل ربما يجهلون عن تاريخها وكفاح واضطهاد المسلمين فيها... ان اقليم أراكان يقع في جنوب شرقي اسيا في الجزء الغربي من بورما وتحدها من الغرب بنغلاديش وخليج البنغال ومن الجنوب المحيط الهندي ومن الشرق بورما وسلسلة جبال الهملايا تسمى جبال أراكان، و اقليم أراكان به شعب مسلم منذ القرن السابع الميلادي ولكن احتلتها دولة بورما البوذية سنة 1748م، ومنذ احتلال أراكان بيد بورما وشعبها المسلم الذي يمثل الاقلية بنسبة 15 في المئة يتعرض لأشد انواع التعذيب والاضطهاد والتنكيل من قبل البوذيين.
وفي سنة 1942 من اجل التطهير العرقي حدثت مذبحة كبرى ضد مسلمي أراكان المسالمين استشهد فيها اكثر من 100 الف مسلم من دون ادنى رحمة، وعلى ذلك تم تهجير نحو 1.5 مليون مسلم إلى بنغلاديش بين عامي 1962، 1991 من اجل اخلاء أراكان من المسلمين، وفي الانتخابات البرلمانية نالت أراكان 46 مقعدا في البرلمان ولكن الصدمة كانت عندما اعطى 43 مقعدا منها للبوذيين و3 مقاعد فقط للمسلمين، ولم تعترف سلطة بورما التي يحكمها الجيش بعرقية سكان أراكان حتى بعد فترة الانتخابات البرلمانية رغم المطالبات الدولية الضئيلة.
وفي بداية شهر يونيو 2012م بدأت الحرب الاهلية العرقية تشتعل اكثر في بورما بعدما اعلنت الحكومة البورمية رسميا انها ستمنح بطاقة المواطنة للعرقية الروهنجية المسلمة في أراكان الامر الذي جعل «البوذ» يصبون جام غضبهم على المسلمين خوفا من انتشار حجم الاسلام في الداخل، لذا قام البوذيون باحداث حالة من الفوضى والشغب وللتعبير اكثر من ذلك قام عدد كبير من البوذيين ويبلغ عددهم اكثر من 450 فردا في الهجوم على حافلة تقل عشرة من العلماء المسلمين قادمين من اداء العمرة في السعودية وعند القبض عليهم تم ربط العلماء من ايديهم وأرجلهم وانهالوا هؤلاء الانجاس عليهم ضربا بالعصي والحجارة حتى استشهدوا جميعا ولكي يجد هؤلاء الزنادقة تبريرا لهم قالوا انهم فعلوا ذلك انتقاما لشرفهم بعد ان قام شاب أراكاني مسلم باغتصاب فتاة بوذية وقتلها، حينئذ كان موقف الحكومة مخزيا عندما قررت بجهالة القاء القبض على اربعة مسلمين بحجة الاشتباه في تورطهم بقضية الفتاة المقتولة وتركت الـ 450 قاتلا بوذيا من دون عقاب... يا للعار!
وفي يوم الجمعة بتاريخ 3 يونيو 2012 احاط الجيش الحاكم مجموعة من المساجد تحسبا من خروج مظاهرات بعد اقامة الصلاة حيث منع المسلمون من الخروج دفعة واحدة، ولكن قام البوذيون بالقاء الحجارة عليهم انتقاما منهم، فاندلعت اشتباكات عنيفة بينهم نتجت عنها جرحى واصابات، ففرض العسكر حظر التجول على المسلمين فقط بينما تركوا البوذ يعيثون في الارض فسادا وتنكيلا، والان يتجول البوذيون في المدن والاحياء المسلمة بالسيوف والاسلحة والعصي والسكاكين ويحملون كل أدوات القتل ثم يحرقون منازل الضعفاء والفقراء والابرياء المسلمين ويقتلون من يسكن فيها امام اعين قوات الامن الحاكمة!
ومن خلال هذه الانتكاسات والانتهاكات العنصرية والعرقية بدأ العديد من مسلمي أراكان يهربون ليلا عبر الخليج البنغالي إلى الدول المجاورة خوفا على حياتهم القاسية كما يموت الكثير من هؤلاء الابرياء في عرض البحر!
ولو نلقي نظرة على حال الشيوخ والعجائز والاطفال والرضع هناك، تنفطر القلوب وتدمع العيون من الالام والجراح والغربة انها حقا كارثة انسانية بحق المسلمين.
نعم هناك الملايين من المسلمين يتعرضون لقتل يومي ولعملية ابادة جماعية ممنهجة في اقليم أراكان والعالم يتفرج ولا يعمل شيئا، والطامة حينما تغتصب نساؤهم ويقتل شيوخهم وشبابهم واطفالهم ويحرقون احياء وسط تعتيم اعلامي دولي مريب يثير الشكوك.
حقا اننا نستغرب من عدم التفات العالم الغربي والعربي لما يحدث في بورما وتحديدا في اقليم أراكان من ابادة بشرية عرقية وما يدمي القلب هنا الموقف السلبي للمجتمع الدولي الذي لا يسلط الضوء بتاتا على قضايا المسلمين والمسلمات اسوة بباقي الديانات الاخرى.
ويبقى السؤال هنا، اين جمعيات ومنظمات حقوق الانسان الدولية من اقليم أراكان الذي يواجه ابشع صور البطش والتنكيل، وأين تلك القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تدين تلك الاعمال الوحشية؟
مع الاسف نرى أمام أعيننا عشرة ملايين مسلم يتعرضون لحرب التعصب العرقي المتطرف والضغوط والمضايقات المتنوعة ويتعرضون لحرب ابادة عرقية شاملة في بورما والامة العربية والاسلامية تقف صامتة ومكتوفة الايادي!
نسأل الله تعالى أن يرحم شهداء اقليم أراكان في بورما وأن يرحم شهداءنا في سورية وفلسطين... امين.
علي محمد الفيروز
المصدر: جريدة الراي