[caption align="alignleft" width="300"]الاهرام يواصل كشف حساب 2012: ذبح مسلمى ميانمار. والعالم يكتفى بالمشاهدة![/caption]
لم يكن عام 2012 عند حسن الظن والتفاؤل الذى استقبله به العالم، فبرغم خفوت أصوات البنادق إلى حد كبير فى حروب أهلية عصفت بالاستقرار العالمى طوال عقود مضت، وبرغم استكمال بعض شعوب المنطقة لمسيرة ثورات الربيع العربي، فإن العام الماضى كان مملوءا بالأحداث الحزينة التى أصابت عدة شعوب بحالة من الاكتئاب وعدم اليقين إزاء المستقبل، سواء لتردى أحوال الاقتصاد، أو تفشى الانقسامات السياسية، والإرهاب باسم الدين، وعودة الوجه القبيح لامتزاج السياسة بالدين، ولم يحمل العام بارقة أمل لإطفاء نيران العنصرية والطائفية التى لا يزال يرزح تحت وطأتها شعب يعانى مثل مسلمى الروهينجا الذين يتعرضون للذبح يوميا فى ميانمار فى مأساة اكتفى معها العالم بهواية المشاهدة!
- شهد العام المنصرم واحدة من أقوى حلقات مسلسل مأسآة الروهينجا، الأقلية المسلمة بميانمار، التي عانت ومازالت تعاني على أيدى البوذيين، صنوف العذاب بدأ بالقتل والتنكيل والتشريد والتهجير القسرى انتهاء بتمييز عرقي تتجلى أبسط صوره في سوء المعاملة والحرمان من الحصول على أبسط الحقوق كفرصة عمل مناسبة أو الالتحاق بدور التعليم الجامعي كغيرههم. وإذا كان الأخطر من نوعه هو سن يانجون لقانون عام 1982 يقضى بمنع أبناء هذه الأقلية من الحصول على الجنسية الميانمارية ليكونوا شعبا بلا وطن فإن المؤسف هو أن الأسرة الدولية لا تتعاطى مع أزمة الروهينجا بحراك مقنع لإنهائها، وهو ما ينذر بمستقبل غامض لها ولا يحمل في طياته أدنى انفراجة وشيكة لإنقاذ أبنائها البؤساء من براثن البوذيين
أما زيارة باراك أوباما التاريخية لميانمار 19 فبراير الماضي، الأولى من نوعها لرئيس أمريكي لتلك الدولة، فقد كانت بمثابة مكآفأة ليانجون نظير إصلاحات ديمقراطية مزعومة نجحت ميانمار في القيام بها مؤخرا وليست محاسبةً أو استمثارا لفرصة سانحة لإنصاف الروهينجا أو الانتصار لحقوقها أو استخدامها كمجرد وسيلةٍ للضغط على النظام الحاكم، المعروف بتواطئه مع البوذيين في اضطهاد الروهينجا، لتحسين أوضاع تلك الأقلية أو وقف قتل أفرادها.
ويبدو أن موقف أوباما المتراخي في حسم تلك القضية لا يعبر فقط عن مدى التخاذل الأمريكي بل والدولي الواضح في التعاطي مع تلك الأزمة على النحو المطلوب، فلو كان أوباما جادا في حلها لما سمح لإدارته برفع الحظر المفروض على صادرات ميانمار قبل زيارتها والسماع أولا من رئيسها سين ثين ما يرضيه بشأن الروهينجا. وأما الأفضل فهو أنه كان ينبغي عليه ربط رفع حظر الصادرات باتخاذ يانجون إجراءات فعلية كضمانة لحلها. ولكن تلك القضية لا ثمثل محورا في العلاقات الثنائية بين يانجون وواشنطن التي لا تعرف سوى لغة المصالح في التعامل مع الآخر.
وفي الحقيقة يعد الاعتماد على زعيمة المعارضه في ميانمارأونج سان سوتشي أو بنجلاديش، الجارة المسلمة، في إنهاء تلك المأسآة رهان على جوادين خاسرين، لأن زعيمة المعارضة بوذية باميتاز ولن تتناصر لأقلية مسلمة على حساب طائفتها البوذية شأنها في ذلك شأن الكهنة ورجال الدين الدين يجيشون ويحرضون ضد الروهينجا ويطالبون بطردها. وأما وصفها لأزمة الروهينجا بالمأساة الإنسانية المروعة فللاستهلاك الإعلامي وحفظ ماء الوجه الذي حاول سين ثين نفسه انتهاجه قبيل زيارة أوباما من خلال الإفراج عن حوالي 500 سجين والإعلان عن فتح تحقيق في أحداث العنف الطائفي ومحاكمة المتورطين. وأما بنجلادش فإنها تنأى بنفسها أن تكون جزءا من الحل باستقبال لاجئي الروهينجا بحجة تردى ظروفها الاقتصادية، حيث تتركهم يواجهون الموت غرقا في البحر أو قتلا على أيدى البوذيين حالة عودتهم وأما الأنكأ فهو أن سلاحها الجوى وحرسها الحدودي يقومون بقتلهم أحيانا.
وحل الأزمة يتلخص في أحد سيناريوهين، الأول تكاتف العالم الإسلامي للضغط على واشنطن ويانجون لإنهاء الأزمة من خلال منح ميانمار الجنسية لأبناء الروهينجا وربط تحقيق ذلك باستمرار المصالح والعلاقات مع هاتين الدولتين. وأما السيناريو الثانى فهو تقديم الدعم المالي اللازم لبنجلاديش ليس لحملها على استقطاب الروهينجا فقط بل ومنحهم الجنسية ودمجهم في الشعب البنجلاديشي. ولحين تنفيذ أحد هذين السيناريوهين يظل اضطهاد وقتل الروهينجا سارى المفعول وفي حال عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ أي منهما يظل مستقبل تلك الأقلية غامض لحين إشعار آخر.
المصدر/ الأهرام