[caption align="alignleft" width="300"]مأسآة الروهينجا ..مستقبل غامض وتخاذل دولي واضح! [/caption]
شهد العام المنصرم واحدة من أقوي حلقات مسلسل مأسآة' الروهينجا', الأقلية المسلمة بميانمار, التي عانت وما زالت تعاني علي أيدي البوذيين صنوف العذاب بدأ بالقتل والتنكيل والتشريد والتهجير القسري انتهاء بتمييز عرقي تتجلي أبسط صوره في سوء المعاملة والحرمان من الحصول علي أبسط الحقوق كفرصة عمل مناسبة أو الالتحاق بدور التعليم الجامعي كغيرههم.
وإذا كان الأخطر من نوعه هو سن يانجون لقانون عام 1982 يقضي بمنع أبناء هذه الأقلية من الحصول علي الجنسية الميانمارية ليكونوا شعبا بلا وطن فإن المؤسف هو أن الأسرة الدولية لا تتعاطي مع أزمة الروهينجا بحراك مقنع لإنهائها, وهو ما ينذر بمستقبل غامض لها ولا يحمل في طياته أدني انفراجة وشيكة لإنقاذ أبنائها البؤساء من براثن البوذيين
أما زيارة باراك أوباما التاريخية لميانمار 19 فبراير الماضي, الأولي من نوعها لرئيس أمريكي لتلك الدولة, فقد كانت بمثابة مكآفأة ليانجون نظير إصلاحات ديمقراطية مزعومة نجحت ميانمار في القيام بها مؤخرا وليست محاسبة أو استمثارا لفرصة سانحة لإنصاف الروهينجا أو الانتصار لحقوقها أو استخدامها كمجرد وسيلة للضغط علي النظام الحاكم, المعروف بتواطئه مع البوذيين في اضطهاد الروهينجا, لتحسين أوضاع تلك الأقلية أو وقف قتل أفرادها.
ويبدو أن موقف أوباما المتراخي في حسم تلك القضية لا يعبر فقط عن مدي التخاذل الأمريكي بل والدولي الواضح في التعاطي مع تلك الأزمة علي النحو المطلوب, فلو كان أوباما جادا في حلها لما سمح لإدارته برفع الحظر المفروض علي صادرات ميانمار قبل زيارتها والسماع أولا من رئيسها سين ثين ما يرضيه بشأن الروهينجا. وأما الأفضل فهو أنه كان ينبغي عليه ربط رفع حظر الصادرات باتخاذ يانجون إجراءات فعلية كضمانة لحلها. ولكن تلك القضية لا ثمثل محورا في العلاقات الثنائية بين يانجون وواشنطن التي لا تعرف سوي لغة المصالح في التعامل مع الآخر.
وفي الحقيقة يعد الاعتماد علي زعيمة المعارضه في ميانمارأونج سان سوتشي أو بنجلاديش, الجارة المسلمة, في إنهاء تلك المأسآة رهان علي جوادين خاسرين, لأن زعيمة المعارضة بوذية باميتاز ولن تتناصر لأقلية مسلمة علي حساب طائفتها البوذية شأنها في ذلك شأن الكهنة ورجال الدين الدين يجيشون ويحرضون ضد الروهينجا ويطالبون بطردها. وأما وصفها لأزمة الروهينجا بـ' المأساة الإنسانية المروعة' فللاستهلاك الإعلامي وحفظ ماء الوجه الذي حاول سين ثين نفسه انتهاجه قبيل زيارة أوباما من خلال الإفراج عن حوالي 500 سجين والإعلان عن فتح تحقيق في أحداث العنف الطائفي ومحاكمة المتورطين. وأما بنجلادش فإنها تنأي بنفسها أن تكون جزءا من الحل باستقبال لاجئي الروهينجا بحجة تردي ظروفها الاقتصادية, حيث تتركهم يواجهون الموت غرقا في البحر أو قتلا علي أيدي البوذيين حالة عودتهم وأما الأنكأ فهو أن سلاحها الجوي وحرسها الحدودي يقومون بقتلهم أحيانا.
وحل الأزمة يتلخص في أحد سيناريوهين, الأول تكاتف العالم الإسلامي للضغط علي واشنطن ويانجون لإنهاء الأزمة من خلال منح ميانمار الجنسية لأبناء الروهينجا وربط تحقيق ذلك باستمرار المصالح والعلاقات مع هاتين الدولتين. وأما السيناريو الثاني فهو تقديم الدعم المالي اللازم لبنجلاديش ليس لحملها علي استقطاب الروهينجا فقط بل ومنحهم الجنسية ودمجهم في الشعب البنجلاديشي. ولحين تنفيذ أحد هذين السيناريوهين يظل اضطهاد وقتل الروهينجا ساري المفعول وفي حال عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ أي منهما يظل مستقبل تلك الأقلية غامض لحين إشعار آخر.
المصدر/ الأهرام